السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"حسين": التحلي بالعلم والوعي بمستجدات العصر من أهم صفات الداعية الناجح

الدكتور احمد حسين
الدكتور احمد حسين عميد كلية الدعوة

أكد الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول لكلية الدعوة الإسلامية الذي يقام تحت عنوان "دور العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية" تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أن البشرية لم تعرف دينا أشاد بالعلم ورغب فيه وأعظم قدر العلماء مثل الإسلام.

وقال: كما لم تعرف حفاوة بحملته وعناية بمقرراته كتلك التي أولاها الإسلام للعلم والمعرفة؛ إذ هما قوام الحياة وأساسها؛ فأول آيات السماء التي لامست مسامع الأرض كانت: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾. كنا أنه من شرف أعظم من أن يَقرن الله اسم العلماء باسمه واسم ملائكته في قوله تعالى: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط﴾.

 

وتابع: العلم وحملته هم أهل التكريم والرفعة في الدنيا والآخرة ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.

 

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.

 

وقال رئيس المؤتمر خلال الجلسة الافتتاحية- التي حضرها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية والدكتور محمد حسن المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر والدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء والدكتور محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا وحضور من البلدان الإسلامية- إنه لحفاوة بالعلم وتقديراً له لم تعهده البشرية من قبل في عصر من العصور ولا جيل من الناس، ولا أدل على ذلك من مادة العلم التي وردت بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله تعالى أكثر من خمسمائة مرة، وأضعاف ذلك العدد في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ولا ترفع دعوة الإسلام لها دليلًا على صدق مقرراتها وكمال مناهجها وزيف ما خالفها سوى العلم. قال تعالى: (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا).. (ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).

ويضيف عميد كلية الدعوة الإسلامية إن الاحتفاء بالعلم يبلغ مداه حين يجعله الإسلام شعار صدقه وبرهان تأييده ويعلن التحدي به والاحتكام إليه: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).

والعناية بالعلم تستبعها العناية بأدوات تحصيله، فما الإشارة إلى القلم في قوله تعالى: ﴿علم بالقلم﴾، وفي سورته التي سميت باسمه ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ إلا لفت للأنظار بقوة إلى أهمية أدوات العلم التي تتسع لتشمل كل ما يحتاجه الدارسون من أدوات ومعامل ومختبرات وأجهزة ومواد أولية يتعلمون عليها.

 

وقال رئيس المؤتمر إن العلم الذي يدعو إليه الإسلام ويحتفي به هو العلم بإطلاقه وشموله وعمومه واتساعه، فكل ما يتعلق بالدين والدنيا والحياة والأحياء ويكشف عن مرادات الله فيها، ويعود بالنفع على البشرية والكون هو علم محمود مندوب إليه، ومرغوب فيه، وأهله وأربابه هم الذين سماهم الله بالعلماء، وهم الذين قصر عليهم خشيته ومعرفة جلاله وكماله وعظمته، يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)﴾.

 

ويقول حسين إن دعوة الإسلام لم تعرف في تاريخها الطويل التفرقة بين علم وعلم، فيُقبل علم ويرفض آخر؛ بل ما عرفت إلا المزاوجة بين العلوم والجمع بين المعارف النظرية والعملية الشرعية والإنسانية. 

وهذا ما درج عليه الأزهر الشريف في أداء مهمته التعليمية، فلم يكتف بتعليم العلوم الشرعية فحسب؛ بل جمع إليها علوم الفلسفة والمنطق والرياضيات والطب، وعلوم الفلك، والحساب، والعمارة، والجيولوجيا، والتاريخ، وبعض العلوم الاجتماعية، وغير ذلك من العلوم المختلفة.

ودلل رئيس المؤتمر بأمثلة أزهرية رائدة في هذا المجال مثل فضيلة الشيخ حسن العطار الذي كتب في الفلك والرياضيات والجغرافيا، وكان شيخاً للأزهر، والشيخ الدمنهوري الذي ألَّف أكثر من ستة كتب في الطب وعلم التشريح وكان شيخًا للأزهر، وكان يكتب في أصول الفقه كما يكتب في علم التشريح.

ويرى حسين أن الأزهر الشريف منذ أكثر من ألف عام ظل حاملاً مشعل الحضارة الإنسانية والتراث العلمي ومنارة للعلم، وقبلة لطلابه من كل مكان؛ لتعلم العلوم الشرعية، والعربية، والإنسانية، كما أنه مركز للوسطية والاعتدال، ونشر الثقافة، وتعاليم الإسلام وقيمه السمحة التي لا تعرف الغلو ولا التطرف.

ووضع رئيس المؤتمر شروطا للداعية الإسلامي حتى يتسنى له ان يضطلع بها ويتصدى لها، أن يكون مؤهلا بالعلم والخبرة وكذلك التحلي بالعلم والوعي بمستجدات العصر من أهم صفات الداعية الناجح.

تم نسخ الرابط