أرملة ستينية كرست حياتها في تربية بناتها الأربعة بعد رحيل زوجها
تستيقظ باكرًا مع بزوغ الفجر، تصلي فرضها، وفي عُجالة ترتدي عباءتها السوداء، تحمل بساعديها صندوق خشبي هو الإرث الذي تركه خلفه زوجها قبل رحيله إلي دار البقاء منذ عشرون عامًا، تخرج مسرعة من منزلها البسيط المبني بالطوب الأبيض"الدبش".
كما يسمي، سقفه معروش بالألواح الخشبية، متجها إلي ناصية أحد شوارع المدينة في إنتظار "الزبائن" لطلب تلميع أحذيتهم مقابل القليل من الجنيهات التي تقتات منها لتربية صغارها. لم تكن تدري تلك السيدة الستينية أن يرحل زوجها وهي في ريعان شبابها تاركًا خلفه 4 فتيات في عمر الزهور، لم تتجاوز أكبرهن 7 سنوات، لم تفكر كثيرًا أو تقف مكتوفة الأيدي تنتظر العطف من المحيطين بها أو من يحنو عليها يومًا وآخر لا، اعتزمت الأمر وقررت العمل في مهنة الرجال، تتخذ منها مصدر دخل لتدبير بعض النقود لكي تربي وتعلم صغارها غير مكترثة لنظرات البعض في مهنة يعرفها الجميع أنها للرجال وهي "مسح الأحذية"، تلك المهنة التي كان يعمل بها زوجها.
نالت تلك السيدة الستينية دعم وتشجيع المحيطين بها، ما جعلها تواصل العمل بكامل طاقتها في مجتمع ذكوري، متحدية كل الصعوبات التي تواجهها، لإطعام صغارها التي تعولهم بمفردها، عزة نفسها وكبريائها جعلها لم تنحن يومًا أو تمد يدها لأحد لطلب المساعدة.
واصلت السيدة الستينية رحلة كفاحها لتربية صغارها، رافضة كل عروض الزواج بآخر لكي يساعدها في تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهلها، وعكفت علي رعاية بناتها بمفردها، حتي إلتحقن بالتعليم وتدرجن في جميع المراحل الدراسية وتفوقن وتخرجن جميعهن من التعليم الجامعي إثنتان منهن تخرجن من كلية أصول الدين جامعة الأزهر والثالثة تخرجت من كلية اللغة العربية جامعة الزقازيق والابنة الصغري تخرجت في معهد التمريض.
اعتادت السيدة صابرين عبدالسلام محبوب السوداني"وشهرتها أم أسماء" في العقد السادس تقطن ديرب نجم محافظة الشرقية، علي استقبال زبائنها بوجه بشوش وابتسامة بسيطة تخفي خلفها غصة في قلبها حزنًا علي إحدي بناتها، التي تزوج زوجها بأخري، فضلاً عن معايرته لها بفقر أهلها تاركًا لها طفلين.
لم تتوقف رحلة كفاح صاحبة الستون عامًا إلي هذا الحد، فقد إعتادت العمل بهذه المهنه رغم كبر سنها، لم تفكر في أن تأخذ قسطًا من الراحة بعد كل هذه السنوات من الشقاء ومازالت تعافر وتعمل بكل طاقتها لتعيش حياة كريمة من كسب يدها.
ناشدت السيدة الستينية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بمد يد العون لها ومساعدتها في دفع مبلغ التصالح لمنزلها التي لا تملك من حطام الدنيا سواه وقيمته تبلغ نحو 45 ألف جنيه.



