منذ إعلان مارك زوكربرج عن تحويل اسم العلامة التجارية لشركته من فيس بوك إلى ميتافيرس، والعالم في حالة تأهب وقلق، وبالطبع يتوقع نقلة جديدة في مجال العالم الافتراضي.
ووفقًا لما أعلنته الشركة "في السنوات القادمة.. سينتقل الناس من رؤيتنا كشركة وسائط اجتماعية في المقام الأول، إلى رؤيتنا كشركة ميتافيرس، لأنها هي التعبير النهائي للتكنولوجيا الاجتماعية"، والمصطلح يشير إلى تفاعل الأشخاص في بيئة غامرة ثلاثية الأبعاد مع آخرين، من خلال الشخصيات الرقمية الافتراضية والصور الرمزية التي تسمى الأفتار، فالاندماج عبر الألعاب يجعل هذا الواقع الافتراضي يبتلعنا، فحينما تغمر اللعبة جسم اللاعب بالكامل، ينتقل إلى الإحساس المكاني ويعيش ويتفاعل داخل العالم الخيالي.
المهم ليس التطور فحسب، لكن الآثار الناتجة عن هذا التطور، فالبعض يرى أن هناك نتائج ضارة لميتافيرس على الصحة العقلية، ولعل التأثير المحتمل الأكثر تأكيدًا من قبل الباحثين يتعلق بمرض "الذهان" والأوهام والهلوسة، وليس هذا فحسب، لأنه طبقًا للدراسات فإن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الرقمية مرتبط بالعديد من مشكلات الصحة العقلية، ومنها الاكتئاب، والإجراءات التي أحدثتها عمليات الإغلاق أثناء فيروس كورونا زادت من إحساس الأشخاص بالعزلة والقلق والوحدة، ومشكلات صحية أخرى، مثل جنون العظمة، والريبة، وبعض الأمراض العقلية الخطيرة، ولكن يبقى الذهان هو المشكلة الأكبر، لأنه حينما ينتقل حوالي ما يقدر بنحو 1.9 مليار مستخدم يوميًا إلى تجربة غامرة افتراضية، فالأمر يحتاج للانتباه، بل ويضعنا أمام سؤال مهم، هو: كيف سيؤثر هذا على التفاعل مع الآخرين بعد أن ينغمس الشخص داخل لعبة افتراضية؟
أكد البعض أن هذا الانتقال للعالم الافتراضي قد يساعد الأشخاص الذين يعانون من الأوهام والهلوسة، وبالمقابل يرد باحثون آخرون أنه قد يسبب لهم الهروب من المشاكل، نعم، ولكنه لا يقدم حلولًا دائمة، ما يضعنا أمام سؤال: هل سيسبب الانتقال للعالم الافتراضي لهم المزيد من التشوهات المعرفية؟ ربما لم تجب الدراسات بشكل قاطع عن هذه النقطة البحثية، لكن من الواضح أن الأشخاص المصابين بالفصام ينجذبون بقوة للبقاء في العوالم الافتراضية، خاصة تلك المرتبطة بالألعاب، لعل السبب لأنه يسمح لهم بالهروب من العالم الحقيقي الذي يثير المشاكل لديهم، ولكن يبقى هذا "ملاذًا آمنًا" مؤقتًا لا يعالج المشكلات، فالانغماس المبالغ فيه داخل العالم الافتراضي قد يسبب المزيد من الانفصال عن الواقع، ما يؤدي لمزيد من حالات التوهم والهلوسة.
ولعل هذا ليس هو الخطر الوحيد الذي تخبئه ميتافيرس، فهناك مخاوف حول ما يمكن أن تفعله برغبة الأشخاص في رؤية ما يخبئه لهم المستقبل!



