الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

هل وجود منى زكي أضاف زخمًا أكثر لرفض "أصحاب ولا أعز"؟

الفنانة مني زكي
الفنانة مني زكي

تعرضت الفنانة مني زكي لعاصفة من الانتقادات العنيفة بسبب مشاهدها الجريئة بفيلم "أصحاب ولا أعز" الذي عُرض مؤخرا على منصة "نتفليكس"، فقد تسببت مشاهدها الجريئة في حدوث صدمة للمشاهد، خاصة أن مُحبيها كانوا يعتبرونها واحدة من رموز جيل ما عُرف بـ"السينما النظيفة.

 

فهل حدث ما غير مفاهيم مني زكي؟ وهل وجودها أضاف زخما أكثر لرفض "أصحاب ولا أعز" بسبب أنها تبنّت مصطلح "السينما النظيفة" في بداياتها الفنية؟ وماذا لو تضمن الفيلم جنسية واحدة فقط "لبنان" على سبيل المثال، ولم يكن فيه نجوم مصريين وأُردني يتعامل معه الجمهور على أنه مصري فهل كان الأمر سيختلف؟ وما سبب تقبل الجمهور للأفكار الجريئة طالما تدين مجتمعات أخري ويرفضها عندما تقترب من مجتمعهم خاصة وأن النسخة الإيطالية للفيلم عندما عُرضت بالقاهرة السينمائي بدورته الأخيرة لاقت نجاحًا كبيرًا وعند عرض النسخة العربية لاقت عاصفة من الهجوم الحاد، وهل المحتوى الدرامي الذي لا يثير جدلا يُعد فاشلًا؟

 

كل هذه الأسئلة طرحتها "بوابة روزاليوسف" على اثنين من النقاد الفنيين اللذين أكدا أن سبب صدمة المشاهدين يرجع إلى ما تضمنه الفيلم من جرأة كبيرة لم يعتد عليها الجمهور في السينما العربية.

 

شكل جريء

 

ومن جانبه، يرى الناقد الفني، محمد عبد الرحمن، أن الهجوم على منى زكي سببه أن المشاهد العربي لا يفصل الممثل على الشاشة وأفكاره في الحقيقة، وهذه هي عقلية المشاهد العربي التي لا تتغير، كما أن الفنانة المصرية منى زكي تحديدا يحبها الجمهور ويريدها "مؤدبة" على حد وصفه، على الرغم من أنها قدمت "أفراح القبة" و"احكي يا شهر زاد" من قبل بشكل جريء.

 

ويشير في تصريحاته الخاصة لـ"بوابة روزاليوسف" إلى أن وجود الفنانة المصرية منى زكي سبب رئيسي ضمن أسباب الهجوم على فيلم "أصحاب ولا أعز"، وإذا جسدت هذا الدور أي فنانة مصرية كانت ستتعرض لنفس الهجوم الذي تعرضت له منى زكي، مؤكدا أن جيل الفنانة منى زكي فُرض عليه مصطلح "السينما النظيفة" لكنهم لم يتبنّوه واضطروا أن يعملوا فيه ببداياتهم الفنية لأنه كان "موضة فنية" بهذا التوقيت.

 

وفي مطلع حديثه لفت عبد الرحمن إلى أن المشكلة بفيلم "أصحاب ولا أعز" تتمثل في طريقة التناول والجرأة الزائدة في طرح الموضوعات والمشكلات فالمشهد الذي خلعت فيه الفنانة منى زكي ملابسها الداخلية كان من الممكن أن تصل الفكرة بطريقة أخرى، مؤكدا أنه لا "يُعدل" على صانع العمل لكنه يتحدث عن أسباب عدم تقبل الجمهور للعمل وعدم إيصال الفكرة الأساسية للفيلم لأذهان الجماهير.

 

كما أكد أن النقطة الأضعف دراميا في فيلم "أصحاب ولا أعز" أنه ليس مُقتبسا أو تم تمصيره وإنما تم ترجمته بالحرف والكادر من الأصل الإيطالي دون أي تدخل فاعل من الصانع العربي وهو أمر يشعر به سلبا من شاهد الأصل ويجعل من لم يشاهده ويحكم أخلاقيا على المحتوى الفني يشعر بالصدمة.

 

وأضاف: الجمهور لم يشعر بمصداقية في بناء شخصيات العمل وليس في المشكلات التي تناولها الفيلم، فلم يستنكر وجود هذه المشكلات بالمجتمع العربي فكان مهمًا وضروريًا لصُناع العمل أن يضعوا في اعتباراتهم إقناع المشاهد ببناء الشخصيات كما أنهم لم يوضحوا تفاصيل كثيرة بالشخصيات، ففكرة التعاطف مع المثليين موجودة وبكثرة في مجتمعنا ولكن ردة الفعل على المشكلات المقدمة بالفيلم جعلت المشاهد يشعر بأن العمل يفرض أخلاقيات عكس مجتمعنا وليست قضايا تمس المجتمع العربي.

 

واستطرد قائلا: الفيلم دراما مستوردة مصنوعة بمستوي ترجمة جوجل، وهو الأمر الذي جعل الآراء لا تنصرف إلى تكوين الشخصيات وأداء الممثلين الذين برعوا في شخصياتهم وبالأخص منى زكي وإياد نصار وجورج خباز وفؤاد يمين.

 

وبسؤاله حول حق الجمهور في قول رأيه حول "أصحاب ولا أعز" قال عبد الرحمن: الفيلم صُنع خصيصًا للجمهور فمن حق الجمهور أن يقول رأيه فيه فلا يصح أن نصادر على حقهم في إبداء رأيهم، لكن من الضروري أن نقف عند جزئية كيف رأى الجمهور الفيلم وما النقاط التي وقف عندها لأن هذه النقاط يجب أن تُدرس فالجمهور لا يقول رأيه في العمل تحديدا ولكنه يقول رأيه في التيار الذي بدأ يتشكل منذ فتـرة و"نتفليكس" متهمة بأنها تعرض أعمالا تتجاوز الخطوط الحمراء.

 

وعن عدم تقبل الجمهور لهذه النوعية من الدراما على الرغم من أنه يُقبل على مشاهدتها، شدد الناقد الفني على أن الجمهور يُنكر التناقضات المتواجدة بمجتمعنا فعلى سبيل المثال الفيلم المصري "200 جنيه" بطل العمل الفنان المصري أحمد السعدني كان يخون صديقه مع زوجته، وهذا المثلث نفسه كان في "أصحاب ولا أعز" من خلال عادل كرم ونادين لبكي وجورج لباني، فالسؤال هنا الذي يطرح نفسه لماذا لم تعترض الجماهير على "200 جنيه" مثلما اعترضت على "أصحاب ولا أعز" لأن رد فعل الفيلم المصري كان يتماشى مع المجتمع العربي، حيث قام بقتل الاثنين ولكن جورج لباني كان يأكل "المهلبية" فالجمهور لا يعترض على المشكلات ولكنه يعترض على ردة الفعل.

 

الصورة الذهنية

 

وأوضح الناقد الفني، محمد عبد الخالق، أن الصدمة التي سببها مشهد الفنانة المصرية منى زكي يرجع للصورة الذهنية التي رسختها منى زكي في ذهن المشاهدين مُنذ بداياتها، خاصة أنهم يُعدونها واحدة من رموز جيل ما عُرف بـ"السينما النظيفة"، مشيرا إلى أن لها مُطلق الحرية في تقديم ما تراه مُناسبا، لكن من حق الجمهور طرح السؤال وانتظار إجابة واضحة منها: هل حدث ما يُغيّر مفاهيمها؟

 

وأردف في تصريحاته لـ"بوابة روزاليوسف"، إن وجود الفنانة المصرية منى زكي تحديدا بالتأكيد قد أضاف زخما أكثر لرفض الجمهور لفيلم "أصحاب ولا أعز"، مشيرا إلى أن الفيلم إذا تضمن جنسية واحدة فقط كان سيواجه انتقادات ورفض من المشاهد العربي أيضا كما حدث في العديد من الأعمال العربية.

 

كما أكد عبد الخالق أنه يجب ألا تخضع أعمال المنصات لنفس تقييم ومقاييس أعمال التليفزيون، لأن التليفزيون يدخل لكل المنازل فمن الضروري وجود رقابة أكبر من التي تكون على السينما لأن السينما يذهب إليها المشاهد طواعية بكامل إرادته وبعد معرفته لنوعية الفيلم.

 

وتابع: يبدو أننا يجب أن نكرر هذا الكلام كثيرا مع انتشار المنصّات، فكل منصة لها توجهاتها وأفكارها، والجميع يعرف هذه التوجهات والجمهور يشترك فيها بكامل إرادته ويدفع مقابل لذلك، فعلى المشاهد أن يختار ما يُناسب عاداته وتقاليده وما يُناسبه أو لا يناسبه.

 

وبسؤاله حول الصراع الذي حدث بين النقاد الفنيين والجمهور بشأن الفيلم، لفت الناقد الفني إلى أن هذا الاختلاف منطقي لأن الناقد ينقد الفيلم وفقا لمعايير وقواعد نقدية فنية، والتي يوجد في الكثير من مدارسها من لا تعترف بالدور الأخلاقي أو المجتمعي للعمل بقدر ما تنتظر منه جماليات فنية خالصة، بينما يقتصر الجمهور في نظرته على الجانب الأخلاقي والقيمي.

 

وحول مقولة المحتوى الدرامي الذي لا يثير جدلا فاشل بكل تأكيد، أكد عبد الخالق على أن هذه مدارس نقدية، فهُناك مدارس تؤمن بأن الفن لا دور له ولا هدف وهو ما يُعرف بـ"الفن للفن"، ومدارس ترى أنه يجب أن يكون صاحب رسالة وهدف وفي هذه الحالة يجب أن تتفق هذه الرسالة مع قيم المجتمع الذي تقدم فيه.

تم نسخ الرابط