"الاستعمار"، كلمة تعني السيطرة وبسط النفوذ من أجل التحكم في مصير الدولة المستعمرة، وكان يتم ذلك قديمًا بشن الحروب وحمل الأسلحة التقليدية لغزو الأراضي واستغلالها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، لكن الآن نحن أمام "استعمار" من نوع جديد وحديث جاء وكل هدفه السيطرة والهيمنة وغزو العقول البشرية، ظهر هذا النوع وانتشر مع بداية عصر التكنولوجيا واستخدام الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر والموبايلات والبلاي ستيشن والإكس بوكس..."، وغيرها من الوسائط الإلكترونية المختلفة.
"الاستعمار الإلكتروني"، هيمن على العقول الضعيفة لكي تدمر ذاتها، من خلال التأثير في السلوكيات والثقافات والرغبات والاتجاهات وأنماط الحياة المختلفة، فلم يفرق بين كبير أو صغير، فقير أو غني.
استطاع هذا الاستعمار، أن يؤثر في المجتمع بأكمله، وأسهم في تفتيت الترابط الأسري، حيث اختفى دفء المشاعر الناتج عن تجمع الأسرة، وانشغل الآباء عن معرفة رغبات وطموحات وأهداف أبنائهم ومناقشة مشكلاتهم وتدريبهم على طريقة حلها، وتركوهم لتشكيل وجمع خبراتهم من الإنترنت وأصبح كل فرد في وادٍ.
الأب يشاهد المباراة على الموبايل، والأم تشاهد المسلسل فى التليفزيون والابن يلعب "Games" على الكمبيوتر أو البلاي ستيشن، والابنة تتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي، وأصبحت الأسرة شغوفة بالتكنولوجيا على حساب الوحدة والترابط فيما بينهم.
وفي بعض الأسر تلجأ الأمهات إلى ترك أطفالهم أمام التليفزيون لمشاهدة "أفلام الكرتون"، دون مراقبة، اعتقادًا منهن بأنهم في المكان الآمن والأنسب أثناء انشغالهم بالأمور المنزلية أو أعباء الحياة، ولم يعلمن أن هذه الطريقة من الممكن أن تكون سببًا رئيسيًا في إصابة الأطفال بأمراض عديدة أبرزها "مرض التوحد، تأخر الكلام"، وقد يتعلمون منها بعض القيم الخاطئة التي قد تنعكس على سلوكياتهم.
وهناك شباب وصلوا إلى مرحلة الإدمان لألعاب الكمبيوتر والبلاي ستيشن، حيث يستمرون في اللعب لساعات طويلة دون ملل دون أدنى تقدير للوقت، ويهملون في دراستهم وينخفض تحصيلهم العلمي، بدلا من أن يشغلوا أوقاتهم في تخطيط مستقبلهم أو ابتكار ما هو مفيد للبشرية من خلاصة ما يتعلمونه، وهناك الألعاب التي تعرض أشكالًا متنوعة من العنف وتدعو إلى قتل النفس والانتحار .
وهناك من أصبحت عيناه لا تفارق جهاز الموبايل، والأغرب أن هناك العديد من قائدي السيارات يستخدمون الهاتف أثناء القيادة، مما أسفر عن العديد من الحوادث.
لم تتوقف الاستخدامات السيئة للتكنولوجيا عند هذا الحد، حيث تجد من يقوم بتوثيق كارثة بكاميرا الموبايل الخاص به، بدلًا من مساعدة المتضررين أو مراعاة خصوصيتهم، ربما من يقوم بالتصوير قادر على إنقاذ روح أو منع كارثة، من خلال إبلاغه الإسعاف أو الشرطة، أو المساعدة بما يملكه من إمكانيات تجاه الموقف.
إن الأجهزة الإلكترونية، تصيب مستخدميها بضعف النظر، وإيذاء العين وتؤثر على التركيز والانتباه، والعديد من الأمراض الخطيرة، التي تحدث بسبب حرص البعض على شحن الموبايل أثناء استخدامه أو وضعه في مكان قريب منه أثناء النوم دون الاهتمام، بما يصدر من هذا المحمول من إشعاعات وإشارات تصيب وتسبب تلف دماغ الإنسان، والعديد من المشاكل والنتائج السلبية التي ظهرت وانتشرت، عندما أصبحت العقول الضعيفة "فريسة" للمستعمر الإلكتروني.



