الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مخرج"باب الدنيا": سددت دينًا في رقبتي بهذا الفيلم وأحلم بتحويله إلي عمل روائي

مخرج بابا الدنيا
مخرج بابا الدنيا عبد الرحمن محمود

حصل فيلم "باب الدنيا" الذي مثل مصر في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، على إشادات كبيرة من النقاد والجمهور، وهو يتناول قصة المخرج الشاب محمد رمضان، الذي لقى مصرعه وبعض رفاقه فى فبراير 2014 أعلى جبال "سانت كاترين"، بعد أن هبت عليهم عاصفية ثلجية حولت رحلتهم إلى مأساة.

 

قصدت تصويرة بالأبيض والأسود لأن الألوان لا تناسب الفكرة.. والمنتجة هالة القوصى كانت عيناً ثانية أثناء التنفيذ.

 

مخرج "بابا الدنيا" عبد الرحمن محمود، يوثق من خلال الفيلم اللحظات الصعبة التي خاضها ضحايا العاصفة قبل رحيلهم من خلال كاميرا هاتفه المحمول، ورغم قلة الامكانيات وصعوبة تنفيذ الفكرة، إلا أن جودة الصورة ونقاء الصوت  وصدق الفكرة وتنفيذها بشكل إنساني ولغة سينمائية راقية، كانت أبرز ما لفت نظر الجمهور، وخلال حوار "بوابة روزاليوسف" معه أجاب عن سر تقديمه لتلك المأساة رغم مرور أكثر من ثماني عليها، وعن الصعوبات التي واجهته أثناء التصوير، وعن محطاته المقبلة.

 

- ما الذي دفعك لأن تكون تجربتك الإخراجية الأولى عن حادث وفاة المخرج الشاب محمد رمضان ورفاقه في جبل سانت كاترين، ولماذا انتظرت كل هذه السنوات ليخرج مشروعك إلى النور؟

 

أنا أعمل فى المجال السينمائى مهندساً للصوت، ولم أفكر في الإخراج قبل هذا الفيلم، والذي دفعنى لذلك شعوري بأن هناك ديناً في رقبتي تجاه "رمضان" ورفاقه، لقد كان زميلاً لي في معهد السينما ومخرجا واعدا ينتظره مستقبل مشرق، أما سبب انتظاري كل هذه السنوات فهو يعود إلى تأثري الشخصي بما حدث، فقد هزني الحادث كثيراً، واستغرقت وقتا طويلاً حتى أفيق من تبعاته، خاصة أنني كنت ضمن الفريق الذي سافر في تلك الرحلة، ونجوت من الموت بسبب انشغالي ولم أتمكن من صعود الجبل، ولذا قررت أن أخوض نفس الرحلة بشكل منفرد، لأوثق لحظاتهم الأخيرة، وما واجهوه من أهوال.

 

- كم استغرقت من أجل إتمام عملية التوثيق تلك؟

 

 ذهبت إلى سانت كاترين في رحلتين، الأولى استغرقت ٣ أيام، استكشفت فيها الأمر، واستمعت إلى الأهالي وكل من قابل الضحايا في رحلتهم الأخيرة، وصنعت من خلالها مادة فيلمية حوالي ١٨ دقيقة، أما الثانية فقد قمت بها بعد شهرين من رحلتي الأولى، وقررت أن أقوم من خلالها بتتبع المسار الصحيح للرحلة التي خاضتها المجموعة حتى رحيلها، وقد ساعدني في ذلك البدو الموجودين هناك.

 

- بصفتك كنت قريباً من الأحداث وقت وقوعها، في رأيك لما سجل الحادث باسم محمد رمضان تحديداً، رغم وجود ضحايا آخرين؟ 

 

محمد رمضان كان يذهب إلى سانت كاترين بشكل دائم في أعمال خيرية، حيث كان يقوم في المشاركة في القوافل التي تذهب للمناطق النائية، وبالتالي كان شخصية معروفة هناك، ويكفي أن أقول لك أن هناك ١٢٠ بدوياً خرجوا تطوعياً للبحث عنه هو ورفاقه في محاولة العثور عليه، وقد كانت عملية البحث تتم في أجواء مناخية صعبة للغاية، وبها خطورة عليهم، بالإضافة إلى أن العثور على جثمانه استغرق وقتا طويلا، حيث عثر عليه بعد ثلاثة أيام من البحث فوق قمة جبل الأرنب، عندما كان يحاول أن يلتقط إشارة لهاتفه في محاولة للنجاة.

 

..ولماذا لم تعرض صورهم خلال أحداث الفيلم حتى يتسنى للجمهور معرفتهم بشكل أوضح؟

 

قصدت ذلك كرد فعل مني على الانتهاكات التي حدثت لهم وقت رحيلهم، فقد عرضت صور جثامينهم في كافة البرامج ونشرات الأخبار، ونشرت في الصحف دون مراعاة لحرمة الموت، والأدهى أن الصور استخدمت في مسلسل القيصر الذي لعب بطولته يوسف الشريف، على أساس أنها صور لجثامين إرهابيين قتلوا في الصحراء، وقصدت عدم نشر أي صور لهم في الفيلم كوسيلة اعتراض على الانتهاكات التي حدثت لجثامينهم، لكني أفكر أن أضيف إلى الفيلم لوحة تحمل أسماءهم.

 

- خلال الفيلم ظهر شاهد على قبر شخص يحمل اسم "محمود الجمل" توفي في سانت كاترين ٢٠١٨ ما الرابط بين الحادثين؟

 

محمود كان صديق مقرب من محمد رمضان، وفي ٢٠١٨ ذهب إلى سانت كاترين لعمل فيلم عن الحادث، لكنه توفى مصعوقاً بالبرق، فكان لا بد أن يكون جزءا من القصة.

 

- لماذا لم تتواصل مع أحد الناجين من الحادث، واقتصرت لقاءاتك مع الدليل ومع بعض البدو الذين قابلوهم في الأيام الأخيرة؟

 

بالفعل حدث تواصل بيني وبين أحد الناجين، لكني وجدت أن الأمر سينهكه نفسياً، وسيعيده خطوات إلى الوراء في رحلة تعافيه التي استمرت سنوات، فتوقفت عن ذلك حتى لا أؤذيه.

 

- هل قرار تصوير الفيلم بالأبيض والأسود كان قرارك منذ البداية؟ وهل تم ذلك ليعكس حالة الفيلم؟

 

لم يكن قراري منذ البداية، لكني وجدت أن المكان في سانت كاترين ساحر بالألوان، ويعكس حالة من البهجة لا تناسب فكرة الفيلم، فجاء قرار التخلي عن الألوان واستخدام "بالته الرماديات".

 

- قمت بتصوير الفيلم بكاميرا هاتفك الشخصي، وعمل المونتاج له، وإخراجه، فما دور هالة القوصي منتجة الفيلم؟

 

ينظر إلى المنتج في بلدنا على أنه ممول فقط، وهو أمر غير صحيح، وكوني كنت المصور والمخرج والقائم على المونتاج، كنت أحتاج عينً أخرى تنظر إلى العمل، خصوصا أنني كنت متمسكاً بوضع لقطات تملكتني أحاسيس معينة عندما قمت بتصويرها، بينما كانت هذه اللقطات غير مفيدة درامياً، فكانت هالة خير معين في هذه النقطة، بالإضافة إلى أن الفيلم استغرق عامين في معالجة الصوت والصورة واستخدام الخدع والمؤثرات بأجهزة ومعدات باهظة الثمن وفرتها هالة، بالإضافة إلى حماسها وتشجيعها لي منذ عرضت الفكرة عليها.

 

- ما خطتك للفيلم في المرحلة المقبلة؟

 

أرسلته إلى عدة مهرجانات ليشارك بها، وأبحث في أكثر من عرض لتوزيعه بحيث يعرض على الجمهور، كما أتمنى عرضه في أي مكان يرحب بعرضه، فغرضي من الفيلم ليس الحصول على الجوائز أو الربح التجاري، لكني أتمنى أن تصل قصتهم إلى أكبر عدد من الجمهور، كما أحلم بتحويله إلى فيلم روائي. 

 

.. وهل لديك مشاريع سينمائية أخرى؟

 

كل مشروعاتي السينمائية حتى آخر العام تتعلق بكوني مهندس صوت، لكن لدي فكرتين لفيلمين أعمل لخروجهما إلى النور قريباً، من بينهما مشروع لفيلم تسجيلي طويل مختلف عن السائد في الأفلام التسجيلية، حيث أحلم لأن أكون امتداداً للمدرسة التسجيلية المصرية التي انحسرت في العشرين سنة الأخيرة، والتي كان من روادها مخرجين منهم “على الغزولي، شادي عبد السلام، خيري بشارة، عواد شكري، وسمير عوف”.  

تم نسخ الرابط