"حمادة إمام".. "الثعلب" و"عقدة الأهلي"
بطل إمساكية اليوم الرابع عشر، هو ثعلب نادى الزمالك، وأحد أساطير كرة القدم المصرية، والذي استطاع تحقيق المعادلة الصعبة بكسب حب واحترام جماهير الكرة المصرية بكامل انتماءاتها، لأخلاقه العالية التي تحلى بها والتي بفضلها لم ينل إنذاراً واحداً طوال مسيرته الكروية.
نشأته
ولد محمد يحيى الحرية إمام، في 28 نوفمبر 1942، ولم يكن حبه لكرة القدم وعشقه للفارس الأبيض وليد الصدفة، حيث نشأ في بيت كروي من العيار الثقيل، فعمه هو الحكم الدولي حسين إمام، ووالده هو حارس عرين الزمالك والمنتخب القومي في فترة الثلاثينات من القرن الماضي "يحيى الحرية إمام"، ولهذا ورث جينات حب النادي الملكي، ليسير الابن علي خطى والده، وليسطر بمهاراته وقدراته الفنية اسم الزمالك كأحد أفضل الأندية في إفريقيا.
والده رفض ممارسته كرة القدم و"علي شرف" شجعه
في واقعة غريبة رفض "يحيى" احتراف ابنه حمادة كرة القدم خوفا على مستقبله الدراسي، إلا أن شغف حمادة بكرة القدم وموهبته دفعاه لممارسة كرة القدم مع أقرانه واشترك في الكثير من دورات الشوارع والميادين، حيث شاهده علي شرف مدرب الأشبال، وأعجب بمهاراته الفذة كمهاجم، وقرر ضمه إلى أشبال الزمالك عام 1957 دون أن يدري أنه ابن يحيى الحرية.
ولم يكن خوف يحيى الحرية على ابنه في محله، حيث لم تمنع كرة القدم حمادة إمام من الاهتمام بدراسته، والتحق بمدرسة الخديوي بالثانوية، ثم تخرج منها للالتحاق بالكلية الحربية، وتدرج في الرتب العسكرية إلى أن وصل إلى رتبة عميد، مع كونه أفضل لاعب في الزمالك في فترة الخمسينات من القرن الماضي.
شهادة ميلاد
أحرز حمادة إمام منذ انضمامه إلي قطاع الناشئين بالزمالك نجاحاً منقطع النظير، الأمر الذي دفع المشير عبد الحكيم عامر، وزير الحربية المعروف بانتمائه لنادي الزمالك لإحضاره من قطاع غزة بطائرة خاصة، حيث كان يقيم مع والده الذي عمل كنائب لحاكم غزة، للحاق بنهائي بطولة الجمهورية للشباب تحت 20 سنة، وكانت المباراة بين الأهلي والزمالك عام 1959، وشارك حمادة في اللقاء وقاد الفريق الأبيض للفوز بسداسية، سجل منها خمسة أهداف، وكانت تلك المباراة بمثابة شهادة ميلاد لثعلب الكرة المصرية حمادة إمام، وذاع اسمه في الأوساط الرياضية، وأصبح نجم الفريق الأول في الموسم التالي.
وتمكن حمادة إمام من أسر قلوب الجماهير البيضاء بموهبته الفذة ومهاراته الفريدة التي مكنته من تسجيل 74 هدفاً طوال مسيرته الكروية، والتي لم تكن طويلة كباقي أبناء جيله، بسبب النكسة التي حلت بالبلاد سنة 67، إلا أنه رغم ذلك استطاع أن يحفر اسمه في سجلات التاريخ الرياضي، بعدما تمكن من كسر سيطرة الأهلي على الألقاب المصرية، ولم يستطع الأهلي الفوز علي الزمالك طوال 9 مواسم، وكان وجود حمادة إمام بمثابة العقدة للنادي الأهلي، وليلقب بـ "الثعلب"، وليسهم بذلك في زيادة شعبية وجماهيرية القلعة البيضاء.
إنجازاته
سطر حمادة إمام مع الزمالك العديد من الإنجازات التي كانت تحدث للمرة الأولى في تاريخ القلعة البيضاء، منها الفوز ببطولة الدوري نسختين متتاليتين موسمي 1963"-1964" و"1964-1965"، وتوج باللقب مع فريقه في نسخة أخرى، فضلاً عن الفوز ببطولة كأس مصر مرتين.
واعتزل حمادة كرة القدم إلا أنه لم يتمكن من الابتعاد عن المستطيل الأخضر، فاقتحم العمل الإداري بالقلعة البيضاء، بشغل منصب مدير الكرة، وتدرج في العمل الإداري إلى أن وصل لمنصب نائب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم.
المعلق الرياضي
ربما لم يعرف الجيل الحالي حمادة إمام اللاعب سوى من خلال التاريخ، إلا أنه عرفه كأحد أفضل المعلقين الرياضيين، حيث ارتبط صوته دائماً بذكريات سعيدة في تاريخ الكرة المصرية، بداية من كأس الأمم الإفريقية 1986، والهتاف الشهير من بعض المشجعين الجالسين بالقرب كابينة التعليق باستاد القاهرة "وشك حلو يا حمادة"، وذلك في مباراة المنتخب أمام كوت ديفوار، ونجح حمادة إمام في الحفاظ على شعبيته التي بدأت كبيرة وظلت كذلك.
وفاة الثعلب
عن عمر يناهز 72 عاماً، فارق نجم الزمالك وأسطورته الحياة، بعدما ترك خلفه تاريخاً رياضياً حافلاً بالإنجازات، واستكمل ابنه حازم ما بدأه والده وجده في المستطيل الأخضر من نادى الزمالك، وتحول حازم أيضا إلى رمز من رموز الزمالك وكرة القدم المصرية.



