
ماذا فعل عمر بن الخطاب لما زاد الطلاق في المدينة المنورة؟

عادل عبدالمحسن
نشرت مجلة “روزاليوسف” منذ أكثر من 40 عامًا للكاتب الصحفي عبدالله إمام، مقالًا موسعًا تحت عنوان "رمضان كريم.. الدين والحب، والجنس والتطور"، وقال الكاتب: الكتاب الذي قرأته هذا الأسبوع صدر منذ فترة وجيزة، يتحدث فيه مؤلفه عن موقف الإسلام من التطور.
ويقول إن الإسلام لا يعادى التطور، بل ربما كان العكس هو الصحيح، يتحدث عن موقف الإسلام من الفلسفة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويقول إن المصادر التشريعية في الإسلام مصادر عقلية مرنة.
ويخصص الكتاب فصلا كاملا للحديث عن المرأة تحت عنوان المرأة تحت الشمس، يتحدث فيه عن المسألة الجنسية والمرأة في الأسرة، وحقوقها السياسية والاجتماعية.
الكتاب اسمه «الفكر الإسلامي والتطور" ومؤلفه هو الدكتور فهمي عثمان، وهو يقول إن الكتاب محاولة لمناقشة عدة موضوعات ترتبط بالقلم الإسلامي منها قابلية الإسلام في أصوله للتطور وكيف فتح النوافذ أمام العقول والمجتمعات لتفهم وتنبض وتتقدم، وكيف تحدى الإسلام ألا يزحم النوافذ المفتوحة بالطقوس أو يترأسها بالحديد، ويناقش أيضا رصيد المسلمين التاريخي في التطور، ومناقشة الواقع المعاصر واحتياجنا للوعي بحقيقة التطور.
ويتحدث عن الفقه الإسلامي ويرسم منهجا لإحيائه وللنهضة به بحيث ينتهي بعد عشرات السنين إلى أن يتجدد شباب هذا الفقه وتدب فيه عوامل التطور كما كان فقها صالحا للتضييق المباشر مسايرا لروح عصره.
ولا ينبغي أن نخشى من أن دراسة الشريعة علميا قد تؤدى إلى الكشف عن قصورها أو تخلفها لأن لدينا مصدرًا معترفًا به من مصادر الشريعة، مصدرًا خصبًا هو الإجماع.
والإجماع -كمصدر للفقه الإسلامي -كان في أول أمره مقصورا على بعض أهل المدينة ثم تطورت فكرته فجاوزته هذا النطاق إلى إجماع الفقهاء في أي عصر، وفي أي بلد، وهذه الميزة يمكن الانتفاع بها إلى مدى بعيد في تطوير الفقه الإسلامي، فقط على الدارسين أن يجتهدوا في استنباط الأحكام التي تلائم العصر وفقا لأصول الصناعة الفقهية الإسلامية، ومتى أجمعت كثرتها على رأى أصبح هذا الرأي جزءًا أصيلًا من الشريعة يستمد وجوده من هذا الإجماع، وبذلك تكون قد جددنا أحكام الشريعة دون أن تخل بأصول أو تنحرف عن مصادرها.
إن القرآن الذي يعتبر الكون صغيرًا لا يمكن أن يكون خصما لفكرة التطور والحديث أيضا، وعند البحث عن الحديث يجب أن تفرق بين الأحاديث التي تتضمن أحكاما تشريعية والتي تتضمن من عادات كانت للعرب قبل الإسلام، فتركها الإسلام دون تغيير، وبين الأحاديث التي ليس لها طابع تشريعى، هذه هى آراء محمد إقبال التي يثقلها المؤلف.
وقبل أن ينطلق إلى الكتاب يصرح بأن الدين لا يمكن أن ينفصل عن العقل الإنساني الذي يتلقاه، ويستقبله ويفهمه ويطبقه، والعقل الإنساني لا يمكن نزعه من البيئة المحلية والعالمية والثقافية والاجتماعية.
ويقول إن اعترافنا بمرونة الإسلام وتفاعله مع العقل يبرز حاجتنا لأنماط عقلية متفاعلة مع عصرنا، متسقة بهذا العدد الهائل من الحقائق التي كشف عنها العلم، ويعود ليقول إن فقه أي مذهب أو شخص، ليس هو الغالب العقلي الوحيد للفكر الإنساني الناضج وليس الصورة النهائية للمعروفة الدينية.
والإسلام لا يضيره في شيء لا يخلو في تطبيقه الأول من صور؟ ومعاصرة للتجربة الإنسانية، ولا يشرف الإسلام في شيء أن يحوي كل شيء حتى لا يعود مجال لأي تجديد. وبالإسلام في تاريخه النظري والتطبيقي هو محصلة عدة عوامل متفاعلة، أصول ثمانية ولكنها مرنة هي قوام الدين وبيئة معينة وعقلية معينة. وعن طريق تفاعل الإسلام مع الزمان والمكان ينتج مفهوم الدين وتطبيقه، هو أحد الأسس المهمة لدراسة الإسلام، والأساس الثاني هو وجود الاعتماد على العقل الإنساني، وفي الاقتناع والاعتناق، وهذا يسلمنا إلى أساس ثالث في واقع عصرنا. ومن التسرع أن نرفع عقولنا نتحدى أنظمة نضجت من غيرها قبل أن تنضج نحن ما عندنا، أن الصورة التطبيقية للماضي والأماني البراقة الساذجة في المستقبل، ليست هي البديل الصالح، إن البديل الصالح جهد ضخم تبذله في التحضير للإسلام في القرن العشرين.
إن الفقه الإسلامي يبسط في الشؤون السياسية والاقتصادية، ولكنه غزير وعميق حين يعرض للعقائد والعبادات. في الاقتصاد يتحدث الكتاب عن موقف الإسلام من الربا، في السياسة يحدث عن الشورى والانتخاب وحقوق المرأة السياسية.
ويقول إن بروز وضع المرأة السياسي ظاهرة حديثة وليس المهم هل توجد أسواق لها في الإسلام، ولكن المهم هل وجد أدلة المنع.
ومع ذلك فهناك سوابق يسيرة، فقد كان على الرسول أن يشاور زوجاته في أمور عامة أحياناً. كما أن المرأة اعترضت على عمر في اجتماع عام تقدم فيه الخليفة بمشروع قانون لتحديد المهور، وقد ارتضى عمر رأى المرأة.
وخروج السيدة عائشة في عهد الإمام على ارتضاء بعض الأئمة ودافع عنه، فإذا انتقلنا إلى الفلسفة الاجتماعية يقول الدكتور فتحي عثمان، إن الشرق يمنع الاختلاط والغرب يبحيه، فما هو موقف الإسلام؟
إننا نعلم الفتى والفتاة آراء فرويد ومصادرة الكتب، ونشجع الموديلات الباريسية والأمريكية في الزي ونسمح بمجالات كثيرة للاختلاط، ومع هذا كله فما زلنا نحتفظ بشرقيتنا فلا يقبل بعضنا أن يقع الاختلاط، وإن أقررنا أسبابه وفتحنا أبوابه، لكن النتائج لابد أن تترتب على مقدماتها -شئنا أم أبينا -فيحدث الاختلاط من الأبواب والنوافذ الخلفية وفي الأماكن النائية بعيدا عن رقابة الأسرة والمجتمع.
والإسلام يجيز الاختلاط بشروط وضمانات، فإذا انتفت الخلوة وتحقق الزي الشرعي والغض من البصر، فلا بأس ولا حرج في اختلاط الرجال بالنساء وتعاونهم في المصالح الاقتصادية أو الأجهزة الحكومية.
ولكن لغرض أن هذه الشروط كلها غير متوفرة وهذا هو الواقع، فهل ينطوي الفرد المسلم ليقيم في دير من صنع يده، هل يترك السينما مثلا لما فيها ويترك الطريق والقطار وألترام.
إن المنافع تختلط بالمفاسد ولا توجد المنفعة المطلقة ولا المفسدة المطلقة، ونستمر مع الكتاب في مناقشة حول المرأة.
في بداية الحديث عن المرأة لبرز مشكلة الجنس، والدين وضع غزيرة الجنس موضعها، فلم يحتقر ذلك النداء الطبيعي، ولم يعتبر الترق في الترفع عن الفطرة الإنسانية.
والدين لم يغفل الثقافة الجنسية بل لقد تضمنت نصوصه قدرا مناسبا منها يمكن أن تخدم في عصره الدراسات السيكولوجية، فنجد القرآن الكريم قد تعرض لبلوغ الصبيان مرحلة الاحتلام وإشارات كثيرة تتعلق بالثقافة الجنسية في أحكام الطهارة والزواج في كتب الفقه الإسلامي، والصحابة الأجلاء كانوا صرحاء في تقصيهم لبعض المسائل واستفسارهم عنها من رسول الله، وما كان الرسول ينكر عليهم بل يحمد لهم ذلك، ويقرر ألا حياء في الدين، ولقد كتب فقهاء وإعلام في مسائل الحب.
والضبط الإسلامي ينجلي في تنظيم الاختلاط بين الجنسين، تنظيم الاختلاط لا تحريمه، كحل لمشاكل الجنس. فالمجتمع الذي يلتقي فيه الرجال بالنساء في ظروف طبيعية هادئة محكمة سألف الرجل رؤية المرأة ومحادثتها في إطار من الدين والخلق، تقيم معالمه تربية الأسرة وعرف الجماعة ورعاية الدولة، وستألف المرأة بدورها الرجل. وهكذا يهدأ السعار الجنسي المضطرم، ويضيق مجال الانحراف والشذوذ، وتتجمع لدى الجنسين خبرات وحصانات وتجارب تعين على إحسان الاختيار عند الزواج وإحسان المعاشرة بعد الزواج، فالاختلاط السليم ليس مصرفا عن الزواج والأسرة أنه عون على المسارعة إلى تكوين البيوت.
والدين لم ينسى إعلاء الغزيرة وتوجيه الطاقة النفسية والبدنية فيما ينفع ويفيد حتى لا تترك نهبأ لضغط الجسد ووساوس القلق. مركز المرأة في الأسرة لا خلاف عليه، أما موقف الإسلام من الطلاق، فقد جعل له معوقات متعددة لم يجعل الطلاق الأول قاطعا، واشترط حضور شهود عدول في الطلاق لأن ذلك يحمل المطلق على مراجعة نفسه، والطلاق واحدة رجعية، وتقضى المطلقة مدة العدة في بيت الزوجية، فربما كان أمكن رؤية الزوج لها وسكناها في بيته طوال مدة العدة وقدرته على المراجعة أو استمراره على الطلاق طوال مدة العدة تكون دليلا على الأراء المستحكمة أو يمكن تدارك الأمر.
وحكم الطلاق تطور بتطور الأزمان والبيئات، فعندما رأى عمر مثلا أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة فرأى أن المصلحة عقوبتهم، فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق.
غير أن ابن القيم رأى أن يعود بالحكم إلى ما كان في زمن الرسول وهكذا، والإسلام ليس ضد تقييد الطلاق، بل إنه معه.
وبعد أن يشرح الدكتور فتحي غانم موقف الإسلام من تعدد الزوجات يقف أن السنة سجلت علامة امتعاض تبدو من تعدد الزوجات الذي لا يدفع إلا سبب وجيه وتقييد التعدد يمكن أن يكون داخليا دون تشريع. ولقد أكد الإسلام حرية المرأة الاجتماعية.
حريتها في العمل والكسب واستقلالها الاقتصادي، وحقوقها المالية كاملة، وأباح لها تولى الوظائف بما فيها القضاء، وأهل الفقه المالكي أن تكون وصية ووكيلة.
ويقرر كتاب الفكر الإسلامي والتصوف أن تحديد النسل جائز تماما، فلا يمنع شرعًا من منع الحمل ابتداء بكل الطرق الطبية المخصصة لذلك، وتع؟؟ المرأة دواء يقطع الحمل من أصله ج؟؟ ولكنه مكروه كراهة تبديل الأحسن لها ألا تفعل إذا لم يكن الحمل ضرر يلحق بها أو بزوجها بالمولودين.
وأخيراً.. ماذا يريد أن يقول هذا الكتاب؟
إنه في النهاية يقول إن الدين؟ خلاصة متكاملة تعين الفكر الإنساني على النمو وعلى الإبداع، ويظل الدين مهما قفزت أماد التطور معد؟؟ لمج؟؟ الضمير من أجل منفعة البشرية مع؟؟ على التقدم الفكرة والعمل خادما لله الأعظم من الناس.
ويقول الدكتور فتحي عثمان، الدين سيظل أيضا معرضا لتجديد القوالب في الفهم والعرض والتطبيق ولن يحول الدين الطبيعة الآدمية ملائكية، أو ينقل إلى الأرض فرد السماء، حسبه أن يكون راي العناية الإلهية ليرسى التوازن في البيوت والمجتمع والعالم بقدر ما فيه طاقة الآن وطبيعة الدنيا، بقدر ما يترك دجل للأجيال من فسحة تجد خلالها الطريق لمواصلة التطور، فنستطيع التقدم إلى الأمام.
إن اعترافنا ببشريتنا، يجعلنا أفسح صدراً وأثبت يقينا، و؟ بدين الله بعد أن عرفنا حقيقة التدين وطبيعة الوجود، ولن يكسر صلف الملحدين، سماحة المؤمنين.