عاجل
الجمعة 5 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
كتب ممنوعة (1) الإسلام وأصول الحكم!

كتب ممنوعة (1) الإسلام وأصول الحكم!

بدأت مصادرة الكتب لأسباب دينية فى مصر فى القرن العشرين، تحديدًا سنة 1925م، عندما صدر كتاب بعنوان «الإسلام وأصول الحكم»، لمؤلفه الشيخ على عبد الرازق، وقتها أحدث الكتاب صدمة فكرية بسبب موضوع الكتاب، ولأن مؤلفه من خريجى الأزهر.  ونتيجة لإصدار الكتاب تم فصل المؤلف من مشيخة جامع الأزهر، وتم تجريده من مناصبه العلمية التي كان يشغلها، كما تم تكفيره واتهامه بأن كتابه منسوب لكاتب يهودى بريطانى يكره الإسلام والمسلمين. 



زمن صدور الكتاب

صدر الكتاب فى الفترة التي انهارت فيها الخلافة العثمانية 1924م، وكان يجرى العمل على إعادة إحياء الخلافة الإسلامية، وكانت مصر من بين الدول المرشحة لتولى الخلافة، ولذلك فى عام 1925م، دعا الأزهر فى مصر مجموعة من رجال الدين إلى عقد مؤتمر فى القاهرة لبحث موضوع الخلافة.

قرر المؤتمر أن منصب الخلافة رمز لوحدة المسلمين، وأن الخليفة يجمع بين السلطة الدينية والسلطة المدنية، وكان هناك اتجاه لتنصيب ملك مصر فؤاد الأول خليفة للمسلمين.

فى تلك الفترة أصدر على عبد الرازق كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، قال فيه: إن الخلافة ليست أصلًا من أصول الإسلام، وهى مسألة دنيوية وسياسية أكثر من كونها مسألة دينية، ولم يأتِ بيان فى القرآن، ولا فى الأحاديث النبوية فى التأكيد على وجوب تنصيب الخليفة، كما أضاف: «التاريخ يبين أن الخلافة كانت نكبة على الإسلام وعلى المسلمين، وينبوع شرٍ وفساد».

أثار الكتاب ضجة كبيرة وقتها، وعقدت هيئة كبار العلماء فى الأزهر جلسة لمحاكمته، وحكمت الهيئة بالإجماع بإخراجه من زمرة العلماء، وتجريده من شهادة العالمية الأزهرية، وفصله من وظيفته كقاضٍ شرعى.

عاش على عبد الرازق منعزلاً لفترة من الزمن، وبعد أن تغيرت الظروف السياسية فى مصر بانتهاء عهد الملك فؤاد الذي كان له تأثير على قرار محاكمة على عبد الرازق، أعيد الاعتبار للشيخ ثانية، وأرجع له الأزهر مؤهله العلمي، وأرجعه لزمرة العلماء، واختير عضوًا فى مجلس النواب، وفى مجلس الشيوخ، وفى مجمع اللغة العربية بالقاهرة، واختير وزيرًا للأوقاف فى عام 1948م، وتوفى فى 1966م، وعمره 78 عامًا.

محتوى الكتاب

يهدف الكتاب إلى إثبات أن الإسلام دين لا دخل له بالسياسة، لأن السياسة أمر دنيوى يرجع للناس وضع قواعدها واختيار مبادئها ووسائل تنفيذها، كما يرى المؤلف أن نظام الخلافة المنسوب للإسلام ليس من الإسلام فى شيء، إنما هو من وضع المسلمين. وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول عن موضوع الخلافة والإسلام، والجزء الثانى عن الحكومة والإسلام، والجزءالثالث عن الخلافة فى التاريخ.

يبدأ على عبد الرازق كتابه بفصل عن الخلافة وطبيعتها، وتعريفها لغةً: «الخلافة مصدر خلف فلان فلانًا إذا تأخر عنه، وإذا جاء خلف آخر، وإذا قام مقامه، ويقال خلف فلان فلاناً إذا قام بالأمر عنه، إما معه وإما بعده».

ثم تعريف الخلافة اصطلاحًا عند الفقهاء: «رئاسة عامة فى أمور الدين والدنيا نيابة عن النبى عليه الصلاة والسلام»، ثم يفصل فى مفهوم الخلافة، وهل هى خلافة الله أم خلافة رسوله: «وأما تسمية الخليفة فلكونه يخلف النبى فى أمته فيقال خليفة بإطلاق، وخليفة رسول الله، واختلف فى تسميته خليفة الله، فأجازه البعض ومنع جمهور الفقهاء ذلك، وقد نهى أبو بكر عن ذلك لما دعى به»، ويشير إلى أن محل الخليفة بين المسلمين كمحل رسول الله، له الولاية الخاصة والعامة، وتجب طاعته.

كما يستعرض المؤلف مذهبين عند الفقهاء فى استمداد الخليفة لسلطانه، الأول يعتبر أن الخليفة يستمد سلطانه من الله، والثانى يعتبر أن الأمة هى مصدر سلطان الخليفة، وهى التي تختاره.

الرد على الكتاب

صدر العديد من الكتب والمقالات ردًّا على الكتاب، منها كتاب «حقيقة الإسلام وأصول الحكم» للشيخ محمد بخيت، وكتاب بعنوان «نقد الإسلام وأصول الحكم» للشيخ محمد الخضر حسين، تم فيهما نقد أفكار الشيخ على عبد الرازق.

وقد قام الشيخ على عبد الرازق بالدخول فى مواجهات مكتوبة تم نشرها على صفحات الجرائد دافع فيها عن كتابه وأفكاره، ووقف إلى جانبه بعض كبار الكتاب منهم عباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل، وسلامة موسى. 

واعتمدوا فى دفاعهم عن أفكار الشيخ على عبد الرازق على نصوص للإمام محمد عبده ذكرها فى كتابه «الإسلام بين العلم والمدنية»، أوضح فيها «أن الحاكم الذي تختاره الأمة كالخليفة يعتبر حاكمًا مدنيًّا من جميع الوجوه، وسلطة الحاكم مدنية، والحاكم فى الإسلام فرد تسرى عليه كافة الأمور التي تسرى على الآخرين، فإذا ارتكب خطأً فإنه يجب أن يتعرض للمساءلة والحساب، وليس فى الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة الى الخير».. يتبع.

 

نقلًا عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز