عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تجديد شباب العلاقات المصرية- الروسية

تجديد شباب العلاقات المصرية- الروسية

بقلم : أيمن عبد المجيد

يربط البشر تلاقي الأرواح، فما تعارف منها ائتلف، وتربط الدول تلاقي الأهداف، والسياسات، المحققة للمصلحة المشتركة.



وتبقى القدرة على صياغة الاستراتيجية، والسياسة الدولية، هي المعيار الحاكم، والخط الفاصل، بين إمكانية نهوض الدولة وتقدمها، في شتى المجالات، أو تقوقعها وتقزمها، إن لم يكن تفككها.

المتابع بدقة للإدارة المصرية الحاكمة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يلتقط بوضوح، ملامح تلك الاستراتيجية، ودبلوماسية دولة 30 يونيو.

هي دبلوماسية البناء بالنقاط، منهج البناء التراكمي، في العلاقات، والبناء على القائم، لا يكون على هش، لذا انطلقت الاستراتيجية المصرية، محليًا ودوليًا، بمنهج ترميم شروخ القائم من علاقات، ثم الانطلاق في بناء ثابت الخطى، راسخ الأركان، شامل المجالات.

ترميم الشروخ، تطلب أكثر من وسيلة، المواجهة أحيانًا بقذائف الحقائق، وعرض الرؤى بشأن القضايا المحلية والإقليمية، القائمة على فهم دقيق، وخطط دقيقة في أحايين كثيرة.

كثيرة هي المحاولات التي استهدفت، إعاقة الانطلاقة المصرية، عقب ثورة 30 يونيو، منها ما كان عن عمد لإعادة مصر لمربع الصفر، أو عن جهل بحقيقة ما يجرى في مصر، وما كان يتهددها من أخطار تثبيت تنظيم الإخوان، الظلامي الفاشي الذي سطا على الحكم.

الاستراتيجية المصرية، انطلقت على أسس قوية، من دوائر الأمن القومي العربية والإفريقية، ثم باستعادة حيوية العلاقات بين مصر والقوى الشرقية، وفي القلب منها الصين وروسيا.

ما تحققه مصر الآن في الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، من تصاعد في القوى الشاملة المصرية، وفي القلب منها الدبلوماسية الرئاسية، وليد عمل ليل نهار في الفترة الرئاسية الأولى، ثمار 79 زيارة خارجية، لـ37 دولة من قارات العالم، من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها.

تحركات مصرية محسوبة، بميزان حساس، وفق استراتيجية، تُدرك أن الإصلاحات الداخلية، وقوة ونفوذ الدولة خارجيًا، تؤثر وتتأثر كلٌ منهما في الأخرى طرديًا.

فقط كانت الرؤية، والدراية، والعزيمة، والإرادة، والأخذ بالأسباب، وصدق الدولة، وعمق رؤيتها في القضايا الدولية.

كان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، عندما زار موسكو في بداية العام 2014، يُدرك بحسه وتقديره، أهمية الاتجاه شرقًا، إلى القوى العظمى الصديقة، التي جرفنا عنها تيار التقارب الشديد بأمريكا، في الثلاثين عامًا السابقة على 2011.

سعى الرئيس مبكرًا، فور توليه سلطة البلاد رسميًا، إلى ترميم العلاقات الممتدة بين مصر وروسيا منذ العام 1943، سعى لإحداث توازن في العلاقات المصرية بين الشرق والغرب، تنويع في العلاقات التي تخدم صالح مصر وأصدقاءها، وتردع القوى التي قد يُخيل لها أنها يمكن أن تؤثر على القرار المصري، والجميع يعلم موقف أمريكا من مصر حينها.

نجحت سياسة الشراكات السياسية الشاملة، بما لها من انعكاسات اقتصادية وعسكرية، عقد الرئيس السيسي قمته الرئاسية الأولى مع الرئيس الروسي بوتين، أغسطس 2014، أي بعد شهرين فقط من أداء اليمين الدستورية رئيسًا لمصر.

كان لذلك دلالات لا تخطئها عين، مصر تسعى لتنويع تحالفاتها السياسية، ومصادرها التسليحية، وطرق أسواق مستثمري العالم للعمل في مصر، وبناء شركات استراتيجية شاملة، قائمة على المصداقية والمصالح المتبادلة.

وفي الوقت الذي كانت قوة مصر الخارجية تستعيد عافيتها، وتُستعاد القوة في إفريقيا، وأوروبا، وآسيا، وتطرق مصر أبواب دول جديدة بعمق القارة الإفريقية وأوروبا، هجرتها الدبلوماسية المصرية منذ عشرات السنين، كالبرتغال، وغينيا وكازاخستان؛ كان البناء الداخلي يزداد.

في كل زيارة للرئيس كان يحرص على الالتقاء بقادة الدولة، ورجال المال والأعمال، سواء في لقاءات ثنائية، أو على هامش المؤتمرات الدولية، حيث شارك الرئيس في قرابة 30 مؤتمرًا دوليًا، كان آخرها اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في واشنطن.

لم يكن لأحد أن يُساعدك، أو أن يُبرم اتفاقيات استثمارات في مصر، لولا تحسن الأوضاع في مصر، لولا استقرارها، ونجاحها في حربها ضد الإرهاب، لولا حفر قناة السويس الجديدة، بسواعد وأموال المصريين، لولا 7 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة، والنجاح في حل أزمات الطاقة وتوفير بنية تحتية.

في كل زياراته الخارجية، ولقاءاته برجال الأعمال، وقادة الشركات العالمية، كان يذهب الرئيس متسلحًا، بما يتحقق من إنجازات في مجال البنية التحتية، وإصلاحات للبنية التشريعية الخاصة بالاستثمار.

في زيارته الحالية لروسيا، والممتدة ثلاثة أيام، التقى الرئيس قيادات التحالف "الأوراسي"، انتهى اللقاء إلى النجاح في إبرام اتفاقيات للاستثمار في مصر بمنطقة حرة في المنطقة الاستثمارية بمحوري قناة السويس الجديدة، وبذلك مصر بين ست دول في العالم فقط، تُبرم هذه الاتفاقية مع هذا التحالف الناهض.

كان دافع التحالف، بحسب معلومات عما دار باللقاء، للاستثمار في مصر، هو ما شهدته مصر من تطوير للبنية التحتية، وخلق منطقة استثمارية، مرتبطة بمجرى ملاحي عالمي، هو قناة السويس، لنقل المنتجات إلى الأسواق الإفريقية.

الأسواق الإفريقية بينها وبين مصر، اتفاقيات تجارة حرة، تُسهّل نقل المنتجات والمواد الخام من وإلى السوق الإفريقية، فضلًا على توفير مصر الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع، فهناك فائض في الكهرباء، ومشروعات توليد طاقة نووية، وطاقة شمسية، واكتفاء ذاتي من الغاز المسال.

بسواعد وإرادة المصريين، ارتفع البناء، والمشروعات القومية، باتت أوراق قوة للاقتصاد المصري، ومحفزات للمستثمر الأجنبي، غدًا إن شاء الله تجني مصر الثمار.

في نيويورك، حرص الرئيس ترامب على أن يكون لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، هو الأول من بين 5 قيادات التقاهم من بين قادة العالم.

في موسكو، الرئيس السيسي يلقي خطابًا في المجلس الفيدرالي، أعلى سلطة تشريعية، والرئيس السيسي هو أول رئيس من غير رؤساء روسيا، يُلقي خطابًا أمام هذا المجلس ويلتقي رئيسه ونوابه، مصر تتبوأ ما كان ينبغي أن تتبوأه بحكم تاريخها وحضارتها.

القمة المرتقبة غدًا بين الرئيس بوتين، والرئيس عبد الفتاح السيسي، هي القمة الخامسة في زيارات متبادلة، بخلاف قمم عقدت على هامش فعاليات دولية، لكنها القمة الأهم، قمة تعميق العلاقات وحسم ملفات مهمة بالشرق الأوسط، وفي مقدمتها الملف السوري.

هي قمة تجديد شباب العلاقات المصرية- الروسية، قمة الاحتفاء باليوبيل الماسي للعلاقات المصرية- الروسية الممتدة منذ 75 عامًا، قمة مواصلة التعاون في الطاقة النووية السلمية بالضبعة، ومشروعات إصلاح منظومة السكك الحديد، وتوطين صناعة القطارات في مصر، واستعادة السياحة الروسية، وتنسيق المواقف لخدمة الحفاظ على الدولة الوطنية في سوريا وليبيا، ودعم القضية الفلسطينية.

تحيا مصر.. عاشت قوية فتية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز