عاجل
الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
من يحكم العالم؟

من يحكم العالم؟

بقلم : د. صلاح الدين محمد

لاشك أن العالم تحكمه العديد من العوامل والعديد من المصالح التي غالباً ما ترتبط بما يُسمى بلعبة الأمم، بمعني أن العالم ساحة كبيرة للعب، أو بالأحرى، ملعب كبير تحكمه أسس ومعادلات ومصالح ومآرب ليس بالضرورة جُلها حسن النية لأن النوايا الحسنة في العلاقات الدولية تختلف عنها في مفهوم النوايا الحسنة إجمالاً وهذا يخضع لنسبية القيم ونسبية المفاهيم وأيضاً نسبية النوايا الحسنة.



البيت الأبيض على وعد باستقبال مقيمه الجديد، وعلى الساحة الأمريكية انحصر السباق على كل من هيلاري كلينتون، ممثلة عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، ممثلا عن الجمهوريين، وبهذا تُطوى صفحة الرئيس الحالي باراك أوباما بكل ماله وما عليه، ويصبح العالم على موعد من أحد المرشحين السابق ذكرهما ومن هنا نبدأ.

العقيدة السائدة لدى الخلفية السياسية للإدارة الأمريكية تقوم على الهيمنة حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتُصنف على أنها قوى عظمى، بل تجاوزت ذلك إلى القوى الأعظم، أو ما يعرف بالسوبر، ولهذا هي من موقعها تمارس التفرد والتميز من خلال عوامل القوة المختلفة والمتميزة فيها جميعاً، وكل هذا سيقع تحت أيدي الضيف القادم على البيت الأبيض الذي يتربي عادة على عقيدة حاكم العالم.

ربما تُتحفنا الإنتخابات الأمريكية القادمة بممثل الجمهوريين، دونالد ترامب، وهو لايختلف عن الصورة التي رسمها العالم له في العديد من المواقف التي صُبغت بصبغة عنصرية وهذا ربما سيضع الولايات المتحدة في مواقف محرجة بل مآزق يترتب عليها التهاب في العلاقات بين الدول وخاصة الدول الخاضعة لقضايا عنصرية كالتي تعاني منها منطقة الشرق الاوسط.

وصول شخصية مثل ترامب إلى أروقة البيت الأبيض معناه أننا بصدد المزيد من المشاكل التي تتطلب من دول الشرق الأوسط الحيطة المقدمة، بمعنى أن القادم لن يكون بحال مبشراً لدول المنطقة، فالرجل يتميز بالرعونة والعنصرية والثراء الفاحش، عوامل شخصية سلبية بدايةً، كما أنه تابع لحزب جمهوري جُله يدين بالعقيدة لليهود لأن أغلب رواده ومريديه من الذين يدينون لليهود بالولاء والتبعية ولابد عندهم من تقديم فروض الطاعة عند حائط المبكى حال ارتقائهم لمنصب الرئيس. الأسوأ أن الرجل كجمهوري لابد وأن يخضع لصُّناع القرار في حزبه، ونظراً لأنه رأسمالي في المقام الأول، وغير سياسي في المقام الثاني، فحتما المصالح لاتقوم عنده على قيم أخلاقية أو إنسانية، وغالبا سيعوض الجزء السياسي المفقود لدية بالإرتماء في أحضان خبرائها من أهل الخبرة ومجموعات تتحكم في صناعة القرار من داخل الحزب وأغلب الظن أنها ستأخذ شكل التطرف أوالدفع به في هذا الإتجاه.

أما في حال ارتقاء هيلاري كلنتون إلى أروقة البيت الأبيض، فهذا يعني أننا بصدد رئيس لها باع كبير في السياسة الدولية والقضايا المتعلقة بها، ولكن بالرغم من كونها إحدى سيدات البيت الأبيض إبان فترة حكم زوجها الرئيس الأسبق بل كلنتون، ووزيرة خارجية عهد أوباما، وهذا بلا شك رصيد في سيرتها الذاتية كرئيس للولايات المتحدة لايتمتع به غيرها من المرشحين الآخرين، إلا أنها، من منظور شخصي، ليست بنمط المرأة الحديدية التي يمكنها قيادة الأحداث في العالم كشخصية رئيسة وزراء بريطانيا الأسبق مارجريت تاتشر، أو أنجلا ميركل حالياً في ألمانيا.

المرحلة القادمة في التواجد على خريطة العالم كقوة أعظم أغلب الظن أنها ليست في صالح الولايات المتحدة، فترامب شخصية أقرب إلى المُهرج عنه رئيس لدولة بثقل الولايات المتحدة الأمريكية، وهيلاري كلينتون ليست شخصية كاريزمية لتمثل السيدة الأولي في البيت الأبيض.

كل الدلائل، من منظور شخصي، تشير إلى أن الولايات  المتحدة في حال وصول أي من الرئيسين لن تكون بقوة الولايات المتحدة في السابق لأسباب تتعلق جُلها بالمتغيرات الدولية على الساحة وخاصة ساحة الصراعات على الهيمنة، أو على أقل تقدير الصراع على رفض الهيمنة ، أو كلاهما. فروسيا استطاعت أن تلعب دور الضبع أمام الأسد في اجتزاء نصيب لها من الوليمة الشرق أوسطية بعد أن استطاعت بقوة وبجدارة من فرض هيمنتها على الأوضاع في سوريا وتقليم أظافر الولايات المتحدة وعملائها في الشأن السوري بما يحافظ، بل حافظ بالفعل، على بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد وفرض واقع جديد جعل من داعش تنظيم هش بنى قوته من قبل على دعم الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة له، اليوم داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد المُضي قُدُماً في الإستبقاء على سوريا الدولة ونفس المشهد تقريباً نقرأه في ليبيا.

المرحلة المقبلة، إذا اُحسن استغلالها، ستترتب عليها تغيرات سيقوم بها أصحاب الشأن من دول المنطقة مع انتقاء التحالفات المناسبة، ومن المناسب ألا تُوضع الولايات المتحدة في لُب اعتبارات المرحلة القادمة، فلم ولن تعد هي اللاعب الرئيس في منطقة الشرق الأوسط مع ظهور لاعبين جدد وبدرجة شديدة من الشراسة إن صح التعبير، كما أن المنطقة العربية تحديداً عليها أن تعي الدرس جيداً وهو أن الولايات المتحدة لاينبغي أن تكون الكوكب الذي تدور في فلكه هذه الدول مرة أخرى، هذا إن بقيت بعض الدول العربية على حالها حال كان هناك اتفاق سايكس- بيكوي بين كل من روسيا والولايات المتحدة يبدأ بتقسيم سوريا ولا ينتهي عندها، وهذا يُعيد المنطقة إلى المربع الأول وهو سايكس- بيكو تقسم المنطقة، وعالم يحكمه قُطبان.

*باحث في العلاقات الدولية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز