عاجل
السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
حالة حب

حالة حب

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

آه.. تلك الفرقعات الحارة التي تحتل مفاصل أصابعك ثم تجري كخيول فارة من لافا بركان لتحتل قلبك. تتنفس رئتاك بسرعة عبثًا. تحاول التعامل مع الحالة على أنها مجرد أجازة أكسجين تحتاج فقط لمحاولة تنفس جديدة. لكن لا شيء يتغير. تظل عاجزًا عن التقاط أنفاسك. بل ربما تسمع صوت أفكارك في أنفاسك وتتنهد عاليًا. وحين تبدأ أفكارك في التنهيد تصبح في حالة حب..



ليس عليك أن تفعل أي شيء. لا تحاول فصل أسلاك الطاقة كي تتوقف محركات جسدك وقلبك. النوم لن يجدي. والهروب لأحضان أخرى معتادة لن يجدي. والتورط في مغامرات صاخبة لن يجدي. فبمجرد أن تحاول التنفس ستسمع اسمه في رئتيك وحلقك. وسيتمرد قلبك حتى الوجع. بل ستبدأ في الشعور بشيء جديد مزعج هو "الشوق". وحذار من الشوق إن ظهر.

الشوق أشد أنبياء الحنين جحودًا لك. رسالته من النبيذ وبقايا الحنين لأشياء كثيرة مرت بك قبلًا ولم تتوقف عن الرغبة فيها. النبيذ يدور برأسك على كل موانيء الحنين. وأنت لا تملك إلا الخضوع للمزيد من الكؤوس في محاولة لفقدان الوعي. لكن النبيذ يدور بك فترى الأشياء خفيفة طائرة لكنها موجودة وواعية. هكذا يمارس الحنين جريمته كل لحظة. يقتلك طائرًا. لا قدماك على الأرض فتتحكم بخطواتك. ولا أنت غائب عن وجع الموانيء. كل الأشياء التي رغبت فيها يومًا ولم تتوقف عن الرغبة ستتناوب عليك كل حين. عيناه. شفتاه. صوته. أنفاسه. تجربة وجوده في المكان. أنت تعيد صياغة عالمك بالشوق وحده. وما أحد إعادة الصياغة حتى لو كنت عاشقًا. وأين من تعشقه؟!

ما يجعلك تكره هذا الإحساس أن من تعشق في هذه المرحلة قد يبدو بعيدًا. مرت ساعتان أو عشرًا ولم تره. لم يسأل. ربما لم تتبادلا أرقام الهواتف لأنكما تعرفان أنكما ستلتقيان غدًا لعمل أو صدفة انتظار حافلة الصباح. لكن هذا لا يكفي. ستشعر بوحدة شديدة. وحدة تكفيك أحيانًا كي تكفر بالحب لو تكررت حالاته. وكل كافر بالحب رسول له. لذا سيحملك هذا الكفر على العودة له طائعًا بل وعلى أن تعيد كل من يسمع قصتك له. فكل ما يحدث أن الفيروس انتشر وبقاياك القديمة اندمجت في الخلايا الجديدة التي تمت برمجتها. أنت الآن شديد النقل للعدوى. فلا تقترب ممن لا تريدهم أن يصبحوا كأنت الآن.

ماذا بعد؟!

جملة لا يحبها أحد في هذه المرحلة. جملة تقتلك مرة كلما تكررت مرة. لذا لا تسمح لها بالتكرار قدر ما تستطيع. اركض نحو النهايات. فقدر كل البدايات الجميلة أنها تحترق حال حدوثها. إذ لا يمكن أن تستمر بداية أكثر من وقت حدوثها في أول الطريق. أعطني بداية لا تنتهي ودعني أصنع لك قصة حب لا تنتهي أبدًا كل لحظة لكل أحد. اذهب له وواجه الأمر. لا تنتظر أن يأتي. لا تنتظر أن يحبك أو لا يحبك. قدم الكأس له. ادعه للشراب. فالأحلام التي ستراودك وحدك ستتحول لجيوش دونكيشوت التي ستحاربك أبدًا إن لم تربطها بالواقع سريعًا. الواقع سيحول مسارها قبل أن تزيد وتتحول لأسباب حياة بالنسبة لك.

وإن لم يكن الحب لك؟

ستتألم لكن حتى الألم في بدايته أجمل من أن يأتي كخاتمة لجيش أحلام دونكيشوت الذي يتضاعف كل يوم يحيا فيه أمل جديد لا يذيبه واقع.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز