عاجل
الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
7 معارك لـ«السيسى».. فى ولايته الثانية

7 معارك لـ«السيسى».. فى ولايته الثانية

بقلم : هاني عبدالله

داخل نيويورك.. وبين نحو 40 دولة.. ستعرض «مصر» [فى يوليو المُقبل] أمام المنتدى السياسى «رفيع المستوى» بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للأمم المتحدة، تقريرها «الطوعي» حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وما حققته «القاهرة»، حتى الآن من استراتيجية (مصر: 2030م).

التجربة «مُهمة»، وفارقة، قطعًا.. إذ استطاعت «القاهرة» أن تتحرك وسط أجواءٍ غاية فى الصعوبة، وتخلق لنفسها مجالًا اقتصاديًا، يُمثل نموذجًا يستحق الدراسة والتقييم من الناحية الدولية.
وجزمًا.. ربما تكون معركة «الإصلاح الاقتصادى» (وما يتبعها من تداعيات داخلية)، هى المعركة الأكثر إلحاحًا أمام الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى الوقت الحالي؛ نظرًا للتحريك [المتوقع] فى أسعار المحروقات (المنتجات البترولية).. لكنها – يقينًا - ليست المعركة الوحيدة» على أجندة الفترة الرئاسية الثانية:




1 - معركة الإصلاح الاقتصادى:


[يبدو الاقتصاد المصرى - مع اقتراب نهاية العام المالى - فى حالة جيدة].. والعبارة السابقة، ليست – يقينًا – صادرة عن أى من وزراء «حكومة شريف إسماعيل».. إذ إنها تُمثل خلاصة التقرير الأخير لمحللى «فوكَس إكونيمكس» (Economics Focus)، عن الوضع الراهن للاقتصاد المصرى.. وبحسب الخبراء أنفسهم؛ فإنّ احتياطيات النقد الأجنبى بلغت رقمًا قياسيًا، مع نهاية إبريل المنصرم.. كما عقدت «الحكومة المصرية» بنجاح أول إصدار للدين العام باليورو. منذ شروع الحكومة فى برنامج الإصلاح الهيكلى (المدعوم من قِبل صندوق النقد الدولى فى نوفمبر 2016م).. وفيما كانت الاحتياطيات الأجنبية تتحرك فى اتجاه تصاعدى؛ استمر هذا الاتجاه خلال «إبريل» أيضًا، مع إقبال استثمارى مع تعويم العملة المحلية (الجنيه)، وتلاشى العجز المزدوج. خلال الشهر نفسه.


ووفقًا للتقديرات السابقة؛ تحسنت ظروف العمل فى القطاع الخاص [غير النفطى] للمرة الأولى، منذ نوفمبر الماضى على خلفية «طلبيات تجارية» جديدة ومستقرة.. وفى الوقت نفسه (أى: فى أواخر إبريل)؛ ظهرت على السطح وحدة إنتاج ثانية بحقل «غاز ظُهر» البحرى.. وستقوم الوحدة الجديدة بمضاعفة الطاقة الإنتاجية.. وهو ما يُقرب مصر خطوة تالية من إنهاء اعتمادها على واردات الغاز الطبيعى المسال.


ويتوقع المحللون أن يتوسع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 4.8 ٪ فى العام 2018م (بزيادة 0.1 نقطة مئوية عن توقعات إبريل الماضي)، و5.0 ٪ فى العام 2019م.
ورغم المؤشرات الإيجابية السابقة.. إلا أنّ «عجز الميزانية» لا يزال يشكل عبئًا كبيرًا (فضلاً عن الديون الخارجية)، وهو ما يتطلب فى المقابل إعادة ضبط لإيقاع الحركة الاقتصادية فى ميزانية الدولة (خصوصًا منظومة الدعم).

2 - معركة العدالة الاجتماعية:


بحسب إحصاءات رسمية لا تزال «العدالة الاجتماعية» غائبة إلى حدٍّ بعيد عن منظومة الدعم الحالية؛ إذ تستحوذ الطبقات الغنية على نحو 40 % من منظومة دعم الوقود(!).. ووفقًا للإحصاءات نفسها؛ يفوق المُهدر من منظومة الدعم ما يُنفق على «التكوين الرأسمالى» (أى ما يتم إنفاقه على منظومتى: التعليم والصحة، مُجتمعتين).. ومن ثمَّ؛ يُصبح مواصلة ما بدأته الحكومة من مراجعات لمنظومة الدعم، خلال السنوات الماضية [ضرورة اجتماعية إلى جانب كونها ضرورة اقتصادية].


ولأن التحريك [المتوقع] لمنظومة «دعم الوقود» فى الوقت الحالى، من المُمكن أن يُلقى بظلاله على شرائح متعددة من المجتمع المصرى؛ فثمة حزمة جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية (للطبقات الأكثر تضررًا من عملية التحريك)، سيتم الإعلان عنها بالتوازى مع عملية التحريك نفسها، منها: دراسة زيادة الأجور، والمعاشات [ومعاش «الضمان الاجتماعى»]، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج «تكافل وكرامة» (يشمل البرنامج نحو 10 ملايين مواطن، إلى اللحظة).. إلى جانب دراسة زيادة قيمة دعم المقررات التموينية (نحو 70 جنيهًا للفرد).. كما سيتم الانتهاء من دراسة قوانين العلاوات الاجتماعية [خلال شهرى: يونيو، ويوليو].

3 - معركة الحرب على الفساد:


بالتوازى مع معركتى: «التنمية  الاقتصادية»، و«العدالة الاجتماعية»؛ ستتواصل معركة الحرب على الفساد.. وهى – يقينًا – المعركة الأخطر داخل البناء المؤسسى.. إذ يُمكننا – بضمير مستريح – أن نقطع بأنّ التراخى فى مواجهة منظومة الفساد خلال عقود مضت، جعل للفساد جذورًا ضاربة فى عمق الجهاز الإدارى، وقادرة على تجديد نفسها، بما يجعل من «مهمة استئصالها» مهمة صعبة [على مختلف الأصعدة].


وللحقيقة.. فإنّ حجم ما يتم الكشف عنه، بشكل متتابع، من قبل الرقابة الإدارية يؤكد إلى أى مدى أصبحت مواجهة «شبكات الفساد» مُستنزِفة للطاقة، والجهد.
ومع ذلك.. لازالت الضربات تتابع، ولازالت «الشبكات» تتوالى فى سقوطها.. وفى تقديرنا الشخصى؛ سيشهد «ملف مكافحة الفساد» أبعادًا لا تتخيلها «شبكات الفساد» نفسها، خلال الأيام المُقبلة.

4 - معركة التوازن الدولى:


خلال الفترة الرئاسية الأولى؛ كانت التحركات المصرية؛ لخلق حالة من التوازن الدولى بين القوى المختلفة (خصوصًا داخل منطقة الشرق الأوسط) أوضح ما تكون.. إذ تحركت «القاهرة» بعيدًا عن نطاق التبعية (خصوصًا فى بعض الملفات الإقليمية) لتقطع مسافات مُهمة نحو مرحلة «الشريك الفعلى» لعديد من القوى (أمريكا وروسيا نموذجين).. كما تمكنت سياسات القاهرة من أن تستفيد من حالة التوازن تلك، بما يُحقق مصلحة «الدولة المصرية» فى المقام الأول.. إلى جانب صناعة «نقاط تماس» مؤثرة مع موسكو [على وجه التحديد]؛ إذ تحركت تلك السياسات اعتمادًا على أكثر من محور:


 المحور العسكرى: فيما حافظت «القاهرة» على عديد من علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ لم يمنع هذا الأمر من التقارب مع الخصم [التقليدى] لواشنطن (أى: روسيا).. إذ قامت القوات [المصرية، والروسية] فى سبتمبر من العام الماضى (العام: 2017م) بتنفيذ مناورات «حماة الصداقة» العسكرية.. كما وصل التعاون العسكرى بين البلدين، إلى مستوى «غير مسبوق»، لم يكن من الممكن حدوثه، قبل سنوات خلت.


 المحور السياسى: رغم العلاقات المتوازنة بين «القاهرة» والإدارة الأمريكية الحالية.. إلا أنّ «موسكو» (على وجه التحديد) كانت أول العواصم الأوروبية تأييدًا للسياسات المصرية فى عهدها الجديد.. حيث استقبلت السيسى فى أغسطس من العام 2014م (أى بعد انتخابه رئيسًا بشهرين فقط).. وهو ما دعم – فيما بعد – مساحات مُهمة ومؤثرة للتقارب بين البلدين.


 المحور الاقتصادي: فيما يبلغ حجم التبادل التجارى والاقتصادى بين مصر وروسيا نحو 5 مليارات دولار؛ فإنّ هذا الحجم يُمكن أن يصل إلى ضعفى هذا المبلغ خلال المدى المنظور.. خصوصًا بعد توقيع [اتفاقية إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى مصر] بمنطقة محور قناة السويس.. وهى منطقة ستقام على مساحة 5.25 مليون متر مربع (بنظام حق الانتفاع)، ومن المُرجح أن تجتذب تلك المنطقة استثمارات تصل إلى نحو 7 مليارات دولار، جديدة.


.. والحفاظ على مساحة توازن بهذا المستوى، هو – فى حد ذاته – جهدٌ يفوق جهد تدشينها، من حيث الأصل.

5 - معركة التوازن الإقليمى:


فى أعقاب ما اصطلح على تسميته بـ«ثورات الربيع العربى» أصبحت «المنطقة العربية» (بأطرافها كافة) فى مرمى «نيران مُستعرة» تستهدف – فى المقام الأول – الإجهاز على مؤسسات «الدولة الوطنية».


.. وبشىء من التدقيق؛ يُمكننا ملاحظة أن سياسة «التوازن الإقليمى» التى تتبعها مصر فى إدارة أزمات المنطقة، تستهدف (فى المقام الأول) الحفاظ على مؤسسات «الدولة الوطنية» (أيًا كانت هذه الدولة).. وهى سياسة لها أثرها البارز فى طريقة التعامل المصرية مع القضيتين: الليبية، والسورية (على وجه الخصوص).


فعلى الجانب السورى (على سبيل المثال) تنتهج القاهرة نهجًا [واضحًا] منذ 4 سنوات.. وهو نهج (فى حد ذاته) كان كفيلاً - لو اتّحدت إرادة «الدول العربية» على نهج مُشترك – أن تتقلص من خلاله أجندات «التمدد الإقليمى».. إذ يُمكننا تلخيص «الرؤية المصرية»، فى الآتي:


 الحفاظ على وحدة الأراضى السورية، بعيدًا عن مخططات التقسيم [الدولية].


 الحفاظ على مؤسسات «الدولة السورية».. أى أنّ الرؤية المصرية أعمق فى مضمونها من الدعم الضيق لحكومة هنا، أو حكومة هناك.. إذ إنّ الحفاظ على «مؤسسات الدولة السورية» (فى حد ذاته) كفيل بتأمين بقاء الدولة نفسها مُستقبلاً.


 رفض أن تكون «سوريا» مركزًا لتصفية [صراعات القوى الدولية]، أو «الحروب بالوكالة».. إذ إنّ الحلول العسكرية لن تكون هى الفيصل فى الحل النهائى للأزمة السورية.


 أن يكون [مسار التفاوض] بين الأطراف كافة، هو الحل «المناسب» لإدارة الأزمة.. وأن يتعاظم الدور «العربي/ العربى» فى إدارة الشأن العربى.. لا أن يترك الأمر لعواصف التدخلات الخارجية.


.. والأمر نفسه ينطبق على كل من: «ليبيا»، و«اليمن».. إذ إنّ الحفاظ على وحدة وسلامة «مؤسسات» هذه الدول، وقطع الطريق أمام أية محاولة لتمزيق أوصال هذه الأوطان، من شأنه أن يُعزز (يقينًا) من تماسك الأمن القومى العربى، بصورة عامة.. وهى معركة لازالت مصر [الدولة] تخوضها بكل قوة إلى اللحظة.

6 - معركة السلام:


على أكثر من مستوى.. يبدو المشهد «مُرتبكًا»، إلى حد بعيد، عند محاولة الوصول إلى صيغة [مُرضية، وعادلة] حول قضية «الصراع الإسرائيلى/ العربى»، من الناحية الدولية.. إذ ثمة عديدٍ من المؤشرات، تنذر بمزيد من التوترات، حول الحلول [المُرتقبة] للقضية الفلسطينية.


فإلى جانب المحاولات المصرية لإزاحة حالة التعنت «الإسرائيلى» (المدعوم من قبل إدارة ترامب)؛ تخوض «القاهرة» أيضًا معركة ساخنة من أجل رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية.
أى أنّ «القاهرة» تتحرك على جبهتين [مختلفتين] فى وقت واحد؛ لحلحلة أوضاع تكلست عبر سنوات خلت (ربما بفعل فاعل).

 7 - معركة الإرهاب:


شرقًا، وغربًا.. ستظل المعركة التى تخوضها مصر فى مواجهة الإرهاب (نيابة عن العالم)، هى المعركة الأشد فى تضحياتها.. إذ لا تزال الدماء تروى الحدود.. ولا تزال التضحيات بلا حدود.. وهى معركة (وإن باتت شبه محسومة عسكريًا) إلا أنها مُمتدة (من الناحية الفكرية، والمعرفية).
وفى تقديرنا الشخصى.. سيكون ثمة تركيز زائد على استراتيجيات مكافحة الإرهاب والتطرف من قبل الدولة (فيما بعد الانتهاء من مرحلة الحسم العسكرى).

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز