
عبدالجواد أبوكب
شباب الصحفيين..والأمن المركزي
بقلم : عبدالجواد أبوكب

في وزارة الداخلية كان جنود الأمن المركزي قبل الثورة وبعدها هم الضحية... وحدهم يدفعون الثمن، يقفون في برد الشتاء القارس وحر الصيف الشديد لتأمين منشآت قد لا يشعر قاطنيها أنهم موجودون أصلا، وفي المظاهرات يشكلون درع المقدمة، وفي الحملات علي البؤر الاجرامية يكونون سهم الطليعة، وبإختصار شديد يوضعون دائما في قلب الخطر ويقومون بالجزء الأصعب من العمل ويحصلون في النهاية علي أدني مقابل من العطاء المادي وأيضا الشكر المعنوي.
واذا دققنا النظر في عالم الصحافة سنجد أن شباب الصحفيين لا يختلف واقعهم كثيرا عن وضع"عساكر الأمن المركزي"باستثناء التعليم العالي، لكنهم الوقود الحقيقي لقاطرة الصحافة في مصر، غالبيتهم لا يعرف طريق المكاتب المكيفة، ولا صحافة التليفون، يعرفهم الشارع وتألفهم المظاهرات، وينساهم الجميع عند الحديث عن الانتصارات المهنية.. يقضون أفضل سنين عمرهم في اللهاث خلف حلم تعيين غالبا ما يتأخر كثيرا، واذا جاء فأوضاعهم المالية لا تستقر أبدا، وفي أحيان أخري تتقاذفهم الحياة بين رغبة صاحب العمل ورئيس مجلس الادارة ورئيس الحزب ومالك الجريدة ما بين الاستمرار والاغلاق، وما بين الرضا منهم أو الغضب عليهم.
ولو دققنا النظر سنجد أن غالبية هذا الجيل"صانع بهجة الصحافة الحقيقية وألقها"علي كف عفريت، ففي جريدة الصباح لصاحبها رجل الأعمال أحمد بهجت تترنح سفينة العمل أكثر مما تثبت بين مد الاستمرار وجزر الاغلاق نهائيا، وفي الوفد يواجه عشرات الزملاء تعنت الادارة برئاسة رجل الأعمال السيد البدوي رئيس الحزب في التعيين، وفي الدستور يبقي الاعتصام هو سيد الموقف ضد رجل الأعمال وصديق السيد البدوي رضا ادوارد الذي يدير الجريدة باعتبارها مدرسة ابتدائي.
وفي جريدة التحرير بدأ نحو 30 صحفيًا إضرابا عن العمل، الأحد، مع التهديد بتصعيد الاحتجاجات، وذلك بعد أن أصدرت إدارة الصحيفة قائمة بالصحفيين المعينين، والتي تلافت بحسب الزملاء هناك «أولوية التعيينات بالأقدمية والكفاءة ووعود إدارة التحرير بتعيين جميع الصحفيين الذين استمروا مع إبراهيم عيسى، رئيس تحرير الجريدة، منذ اعتصام الدستور الأصلي في أكتوبر 2010»، والغريب في الأمر أن رجل الأعمال ابراهيم المعلم رئيس مجلس الادارة لم يحرك ساكنا تجاه الأمر رغم اتهام الزملاء للادارة بتعيين نشطاء وأعضاء أحزاب بدلا منهم.
ويزداد الأمر غموضا اذا علمنا أن الوضع في الشروق التي يملكها أيضا ابراهيم المعلم لا يختلف كثيرا وهناك زملاء بالجريدة والموقع الالكتروني لم يعينوا أو يؤمن عليهم رغم مرور أربع سنوات علي تواجدهم داخلها وتدار بهم دفة العمل الأساسية.
وفي نفس التوقيت تقدم صحفيو جريدة" نهضة مصر" ، ببلاغ للنائب العام ضد الإعلامي عماد الدين أديب رئيس مجلس إدارةالجريدة، بسبب عدم صرف رواتبهم منذ 8 أشهر.
ويستعد المحررون للدخول في إضراب عن الطعام والاعتصام أمام مقر قناة "سي بي سي"، التي يقدم بها أديب برنامجًا يوميًا لحين الاستجابة لمطالبهم.
وتستمر المعاناة داخل المؤسسات القومية التي ورثت حملا ثقيلا من الفساد كان أبرز ملامحه وجود كفاءات شابة لم يعرف التعيين طريقا اليها رغم سنوات طويلة قضتها في خدمة صاحبة الجلالة ،وحتي الصحف الاسلامية لم يتجاوزها الأمر فجريدة النور والمصريون ذاتا الانتماء السلفي سارا علي نفس القاعدة،وجريدة الحزب الحاكم"الحرية والعدالة"قررت التضامن المؤسسي ضد جيل يحمل مصاعب المهنة علي كتفي موهبته ولا ينصفه أحد لا نقابة ولا حكومة ولا مناضلين،ليبقي شباب الصحافة بلا رتوش هم عساكر الأمن المركزي في المهنة التي أصبحت تأكل أفضل ما فيها.
في وزارة الداخلية كان جنود الأمن المركزي قبل الثورة وبعدها هم الضحية... وحدهم يدفعون الثمن، يقفون في برد الشتاء القارس وحر الصيف الشديد لتأمين منشآت قد لا يشعر قاطنيها أنهم موجودون أصلا، وفي المظاهرات يشكلون درع المقدمة، وفي الحملات علي البؤر الاجرامية يكونون سهم الطليعة، وبإختصار شديد يوضعون دائما في قلب الخطر ويقومون بالجزء الأصعب من العمل ويحصلون في النهاية علي أدني مقابل من العطاء المادي وأيضا الشكر المعنوي.