

محمد نجم
أشـواك شرم الشيخ!
بقلم : محمد نجم
الناس بتحب الورد.. ومن أجله تتحمل الشوك المحيط به،
هذا الشوك الذى يبدو كحارس للورد حتى لا يقطفه كل متطفل..
ويظل فى مكانه متعة للناظرين..
وأيضا.. الناس بتحب عســل النحــــل.. وعلشانه تتحمل قرص النحـل.. هذا العسل الذى وصفه سبحانه وتعــالى فى قـرآنــه الكــــريم بأنه «فيه شفاء للناس».
والسياح الأجانب بيحبوا شرم الشيخ.. تلك المدينة التى استطاعت فى سنوات قليلة وبجهد المخلصين من أبناء الوطن- أن تصنع لنفسها «اسم» كالعلامة التجارية بين المقاصد السياحية العالمية.. وخاصة سياحة الترفيه والاستجمام.
ولكن شرم الشيخ كالورد قد تحيطها بعض الأشواك، وهى أيضا كالعسل قد يصيب الراغب فى الاستمتاع بها بعض الأذى.
ولأن الناس لن تتوقف عن شم الورد وشرب العسل.. فالسياح الأجانب أيضا لن يتراجعــــوا عن الاســتمتاع بمــا تحتويه شرم من أسباب المتعة البريئة.
وإن كانت شرم تعانى حاليا «عدوى» خارجية متمثلة فى الآثار السلبية للحوادث الإرهابية، فما هى إلا فترة وجيزة وتعود المياه إلى مجاريها.. إن شاء الله.
وعلينا فى تلك الفترة أن نعيد النظر فى الكثير من الأمور والمسلمات.. وأن نوفر ما يقوم به منافسونا فى هذا المجال.. حتى تكون «العودة» المتوقعة أقوى مما كانت عليه فى السابق.
ولنكن صرحاء مع أنفسنا.. ولابد أن نسأل أنفسنا بضعة أسئلة مهمة.. لماذا لا يزورنا نصف عدد السياح الأجانب الذين يزورون كل من أسبانيا وتركيا- مثلا- مع أننا نمتلك ثلث آثار العالم، ولدينا تنوع كبير فى المقاصد السياحية سواء كانت ثقافية أو دينية أو ترفيهية.
كما أننا- كمقصد سياحى- نتوسط العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه.. وهو ما يعنى سهولة الوصول وتكلفة أقل فى تذاكر الطيـران.. فضــلا عن اعتــدال الطقس طوال العام.
فهل المشكلة أننا لا نجيد «تسويق» ما لدينا؟.. وإذا كان الأمر كذلك.. فلماذا لا نستعين بخبرات أجنبية متمثلة فى وكالات متخصصة للتسويق السياحى.. لديها الإمكانات والأساليب واللغة المناسبة لإقناع السائح الأجنبى بزيارة المقاصد السياحية المصرية.. وإلا فاته الكثير؟!
أم هل المشكلة فى وسائل الانتقال وخاصة الطيران؟.. مدى علمى أن هناك العديد من الرحلات الثابتة للعديد من شركات الطيران العالمية إلى مصر.. هذا بخلاف الطيران الشارتر (المباشر) والذى يحمل الأفواج السياحية مباشرة من بلد السفر إلى المكان السياحى المحدد.
ولكن المشكلة هنا.. هى المبالغة الكبيرة فى أسعار شركتنا الوطنية.. «مصر للطيران» سواء فى الرحلات الدولية أو الداخلية، وقد أعلنت إحدى الفنانات المصريات أنها فوجئت بأن تكلفة السفر إلى كندا على مصر للطيران درجة أولى 35 ألف جنيه، بينما وجدت أنها لا تزيد على 18 ألف فقط على طيران لوفتهانزا الألمانية!!.
أما أسعار التذاكر الداخلية.. فحدث ولا حرج.. فسعر تذكرة السفر إلى الأقصر أو شرم لا تقل عن 1200 جنيه فى حين أن سعر التذكرة من القاهرة إلى أسطنبول بتركيا لا تزيد على 800 جنيه فقط، والأدهى من ذلك أحيانا كثيرة ما يقال للراكب بعدم وجود أماكن فى الطائرة، ثم يلجأ إلى «الواسطة» ويحصل على التذكرة.. ويفاجأ عند السفر أن أكثر من نصف مقاعدها خالية من الركاب!
qqq
مشكلة أخرى.. تواجه السائح الأجنبى.. وهى أسلوب التعامل معه.. فالمفروض أن يتم التعامل على أساس أنه «ضيف» مرحب به على الأرض المصرية بما يعنيه ذلك من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، خاصة أنه سيدفع مقابل كافة الخدمات التى ستقدم له، ولكن عمليا.. البعض يتعامل معه وكأنه «بقرة حلوب» الكل عايز يحصل على ما يستطيع الوصول إليه من لبنها!!
بداية من تكاليف الحصول على التأشيرة.. ثم أثناء الخروج من المطار.. وتكلفة الأكل فى المطاعم.. والأسعار المبالغ فيها فى محلات التحف والعاديات، والكل يعلم أن بعض المرشدين السياحيين أو سائقى الأتوبيسات السياحية يعقدون اتفاقات مع بعض المطاعم أو الأماكن مقابل عمولات معينة، وبالطبع سوف يسدد السائح كل تلك الفواتير!!
والغريب فى الأمر.. أن السياح الأجانب الذين يأتون إلى مصر من خلال تعاقدات سنوية مع الوكالات الأجنبية ومثيلتها المصرية يحظون بأسعار مختلفة تماما، ويتردد أن الأسعار فى فنادق الغردقة وشرم الشيخ ونويبع أحيانا كثيرة ما تنخفض إلى حوالى 20 دولارا فقط وبإقامة شاملة وليس مجرد المبيت فقط!! فى ذات الوقت الذى تباع فيه ذات الغرفة للسائح المصرى بما لا يقل عن ألف جنيه فى الليلة.. وبدون أكل ولا شرب!
هذا بعض من كثير.. والمهم أن نحاول الإصلاح وأن نصارح بعضنا بما يعانيه هذا القطاع الحيوى، ولكن مشكلة العاملين فيه أنهم عندما يتعرضون لأزمة يسارعون بالصراخ، مع أنه كان يجب التحسب لذلك عند الرواج.. من خلال إنشاء صندوق للأزمات، وقديما قالوا: «القرش الأبيض.. بينفع فى اليوم الأسود»، ولكننا عندما تكون الأمور طبيعية والدنيا مزدهرة.. ننسى مشاكلنا ونستمتع بما نحن فيه، وعنـدها نبدو وكأننا رفعنا غطـاء الحلة الموضوعة على النار، فيخرج البخار الكثيف فى وجوهنا.. ونعجز عن التفكير، بينما تتساقط الدموع من عيوننا.
فالكل يعلم أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة.. بمعنى أن هناك أياما حلوة.. وأخرى مرة، كما أننا لسنا الوحيدين الذين يتعرضون لأزمات فى بعض الأنشطة الاقتصادية أو الخدمية.. وإنما هناك دائما استعدادات للمواجهة تحت شعار «ماذا لو»؟.
عموما.. وفى كل الأحوال لا يتأخر المجتمع عن مد يد العون لهذا القطاع عندما يتعثر، وذلك من خلال تنشيط السياحة الداخلية.. للأماكن المتضررة، ومع ذلك يجد المصريون أنفسهم غير مرحب بهم فى تلك الأماكن.. تحت حجج واهية! فيضطرون- وخاصة القادرين منهم- للسفر إلى الخارج لقضاء إجازاتهم فى بعض الدول المجاورة.
على أيه حال.. فكلنا شركاء فى السراء والضراء ولابد أن نتعاون جميعا للخروج من أزماتنا الطارئة.. مع تفاؤلى بأن الروس عائدون وسوف يتبعهم الآخرون.. وحتى يحدث ذلك لماذا لا نجتذب السياحة العربية.. أو الآسيوية أو نكافئ الدول التى تركت رعاياها يواصلون رحلاتهم على أرضنا؟
الخلاصة.. أننا نستطيع.. ولابد أن نحاول وإن شاء الله سوف يستعيد هذا القطاع عافيته فى القريب العاجل..
حفظ الله مصر.. ووقاها من كل شر.