عاجل
الجمعة 8 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
الحنين الشديد للماضي!

الحنين الشديد للماضي!

بقلم : د. حماد عبدالله

​إحساس غريب جدًا ينتاب البعض ممن قضى من العمر أكثر من سبعة عقود، الإحساس بإلحاح بالذهاب إلى مواقع وأماكن عاشوا فيها أطفالًا وشبابًا، وقد حضرني هذا الإحساس، وربما في بعض الأحيان تقودني (قدماي) أو سيارتي إلى أحياء عشت فيها طفلًا أتذكرها مباني ضخمة، وحارات طويلة وعريضة وواجهات محلات ومبانٍ مميزة في ذاكرتي، إلا أنها اليوم حينما قمت بزيارتها إنها تغيرت أصبحت (قبيحة) والحارات "ضيقة" وليست كما كنت أتذكرها نظيفة وراقية بل ضيقة جدًا ومتسخة رغم أنها تتوسط مدينة القاهرة وعلى سبيل المثال وليس الحصر واجهة "الأمريكين" في شارع سليمان باشا (طلعت حرب حاليًا) وفي شارع فؤاد (26 يوليو حاليًا).



حيث كانت هذه الأماكن ملتقى الأصدقاء خاصة أيام الخميس بعد الظهر، حيث كنا نلتقي بأبهى ملابسنا ونتطرق في أحاديثنا على كوب آيس كريم أو فنجان قهوة من (البن البرازيلي) ثم ينتهي يومنا بعد دخول إحدى دور السينما الشهيرة وسط البلد مثل "مترو أو كايرو أو ريفولي أو ديانا أو الأوبرا" (الله يرحمها)!

كانت تلك الدور جميلة وتتميز بالرقي (والأبهة) وكان روادها يتميزون بأناقة ملابسهم الكاملة وكانت كل دار من تلك (الدور) تتميز بأفلامها ومصادرها فسينما "مترو" تختص بأفلام (جولدن ماير) وسينما (راديو) تختص بالأفلام العربي (العرض الأول)، وغيرهما من دور، حيث يمكث فيلم لأكثر من عام مثل "أبي فوق الشجرة أو ذهب مع الريح أو سانجام "وغيرها من الأفلام العالمية والمحلية التي كانت تتصدر إعلاناتها واجهات تلك الدور لأكثر من عام.

كما أن أيام الجمعة كانت الحفلات الصباحية تهتم بأفلام الكارتون "ميكي ماوس "، "توم وجيري"! والتي يذهب إليها أطفال المدارس في رحلات صباحية أيام الإجازات وكان مسرح العرائس في العتبة مقصدًا أيضا لأطفال المدارس بجانب المسرح المصري الذي كان يتنافس في سوقه "إسماعيل يس، ومسرح نجيب الريحاني، والفنانان المحترمان (فؤاد المهندس وشويكار) ومسرح صبحي والمسرح القومي وكانت المقاهي وسط البلد أيضا تتميز إحداها بأغاني "أم كلثوم" التي تبث على الهواء ليلة الخميس الأول من كل شهر، وكذلك الإعادة طيلة أمسيات الشهر من التسجيلات على (الريكوردر) المسجلات التي اشتهر منها نوع (جروندنج) ذو الشرائط الطويلة لأكثر من خمس ساعات وأكثر!

وكانت في المقاهي تنتشر على الطاولات رقع الشطرنج، بجانب الطاولة والدومينو، وأوراق اللعب (الكوتشينة)، كل هذا ينكب عليه رواد المقهى مع الشاي والسحلب واليانسون والحلبة والقهوة ومن الملاحظ أن عدد مدخني الشيشة كانوا أقل من اليوم!

أحاسيس غريبة تنتابنا بالحنين للماضي حنين لحياة أكثر هدوءًا وأكثر استقرارا وأقل ضوضاء، وأكثر نقاءًا، وصداقات أكثر حميمية صافية جميلة رحم الله أيام زمان!

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز