عاجل
الأربعاء 24 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
لماذا يهاجم أردوغان مصر؟

لماذا يهاجم أردوغان مصر؟

بقلم : خالد عبد الخالق

المتابع لسياسات رجب طيب أردوغان وخطاباته يجد فيها حالة من التخبط واللامبالاة، سواء في كلماته أو عباراته، بحيث إنها لا ترتقي لمستوى رئيس دولة؛ وإنما إلى مستوى رجل عصابات أو بلطجي حانات، ولعل هذا ليس بغريب على أردوغان "بلطجي إسطنبول الأول". ما من مناسبة إلا ويتطرق فيها إلى الدولة المصرية وكأن مصر صفعته صفعة مدوية على وجهه أفقدته توازنه، ولم لا؟



فمصر هي التي أوقفت حلمه الذي لطالما عمل عليه وسعى إلى تحقيقه؛ بأن يكون المهيمن على المنطقة وإرجاع أحلامه الاستعمارية العثمانية، لقد أسقطت مصر النموذج التركي الذي سعت قوى دولية وعالمية إلى تسويقه وتقديمه على أنه النموذج الأمثل لتطبيقه في الدول العربية، إلا أن النجاح لم يكتمل، انقطع عند مصر، ويمكن القول أن مصر وأدت المشروع الأمريكي- التركي مبكرًا، ولعل هذا يفسر ويوضح حقيقة عداء أردوغان للرئيس عبد الفتاح السيسي وللجيش المصري والمحاولات الحثيثة الخبيثة من جانب واشنطن للتربص بالقاهرة بين الحين والآخر.

لقد وقفت مصر وجيشها وشعبها ضد تلك المشاريع التي كانت تحاك بمصر وبالمنطقة، ولولا خروج ملايين المصريين في ثورة 30 يونيو 2013 رافضين لحكم الجماعة الإرهابية وتحالفاتها مع أردوغان من اجل تدمير مصر والدول العربية لصالح مشروع أردوغان؛ لكان هناك حديث آخر وخريطة أخرى للمنطقة والعالم.

الأمر الآخر الذي جعل أردوغان في حالة وسواس قهري من مصر ورئيسها، هو صفعة مصر في مجال الغاز الطبيعي ونجاحها في أن تكون المركز الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط بتأسيسها "منتدى غاز شرق المتوسط" ولعل هذا ما عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي بقوله في أحد اللقاءات "إحنا جبنا جون كبير قوي"، فمصر أجهضت حلم أردوغان الذي لطالما سعى إلى تحقيقه في منطقة شرق المتوسط، وأن تكون تركيا مركزا إقليميا للغاز الطبيعي، بتأسيسها للمنتدى وأن تكون القاهرة المقر الرئيس له.

لذلك لم يجد أردوغان سبيلا إلا أن يهاجم مصر بين الحين والآخر من خلال كلماته أو عن طريق إيوائه مطاريد الجماعات الإرهابية وشواذ السياسيين والتهجم على مصر بين الحين والآخر أو إشاعة أكاذيب وخزعبلات لا تنم إلا عن ارتدادات الصفعة المصرية على وجه أردوغان.

ولعل صفعة الغاز كانت أكثر وجعًا واشد تأثيرًا؛ لأن تركيا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ليس لها الحق في أي موارد أو ثروات في منطقة شرق المتوسط لهذا فإنها لم توقع على "الاتفاقية".

لذلك فإن تركيا لا تجد سبيل لها في ثروات شرق المتوسط إلا من خلال احتلالها للجزء الشمال من قبرص 1974 ومحاولاتها فرض امر واقع من خلال اعترافها هي فقط بانها دولة (شمال قبرص)، في حين لا يعترف العالم أجمع إلا بجمهورية قبرص التي هي عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سياسات أردوغان وتخبطه لم تجعله يفقد الخارج أو الأصدقاء الدوليين فقد بل وحلفاء الداخل أيضا، وبعد أن كان يتحدث عن سياسة زيرو مشاكل، أدخل تركيا في مشاكل وصراعات مع كل الجيران والأصدقاء والحلفاء، وتسببت مسألتان في جعل الأمور أسوأ هما: في 12 يوليو الجاري، امتلك سلاح الجو التركي النظام الصاروخي أرض- جو الروسي من طراز s-400، - تقوض الأمن الغربي- ما أدى إلى استبعاده من برنامج الطائرة المقاتلة من طراز f-35 التابعة للناتو ولقد عبر مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق في أنقرة: عن هذه العملية بقوله "لقد استخدم بوتين أردوغان ضد الناتو".

ثم في الخامس عشر من يوليو أيضا، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد تنقيب تركيا عن الغاز في المياه المحيطة بقبرص العضو في الاتحاد الأوروبي والتي تحتل تركيا ثلث أراضيها. كل تلك السياسات أدخلت الاقتصاد التركي في أزمات حادة جديدة. ولعل كل تلك السياسات الأردوغانية جعلت الأوروبيين يرون أن تركيا الفوضوية المنعزلة لن تصبع شريكا موثوقا به لأوروبا- فيما يتعلق بالهجرة أو الإرهاب أو أي مسألة أخرى. كما أن أردوغان نفسه يواجه مشاكل داخلية كبيرة داخل حزبه، فانخفاض معدلات شعبيته، وخسارته لأهم ثلاث مدن في الانتخابات البلدية الماضية، ولعل أهمها بلدية إسطنبول كان خير مثال على حالة الضعف والفشل الذي مني به أردوغان بالرغم من إعادة الانتخابات بها، أضف إلى ذلك استقالة قيادات في حزب العدالة والتنمية أمثال علي باباجان، نائب رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق، وعبد الله جول الرئيس السابق، من شأنه أن يشكل تحديا لأردوغان الذي لطالما تصرف وكأنه الباب العالي بلا منافس أو منازع.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز