12:00 ص - الثلاثاء 2 يوليو 2013
عندما أقول أن مصر بلا رئيس فانني أقر حقيقة واقعة ولا أقدم خبرا جديدا ،فالدكتور محمد مرسي منذ فترة طويلة والغالبية تتعامل وكأنه ليس رئيسا لمصر بعد أن فشل في أن يقنع الناس أو حتي نفسه بأنه رئيس ونجح فقط في معاداة الجميع علي مختلف انتماءاتهم ،وكان فاشلا في التعاطي مع كل القضايا بامتياز ،دمر علاقة مصر بالخارج وأضاع هيبتها ،ووضعنا في مأزق حقيقي بعد أن وقف يشاهد الوطن ينهار وكأنه من جنسية أخري،عادي القضاة وهاجم الصحفيين والاعلاميين وضيق عليهم ،وهمش المرأة والشباب ،وركن الي طريقة"سيدات الحواري"في رمي الكلام علي خصومه،وأساء اختيار بطانته فهوت به لأدرك مراتب الاحترام،وقرب الفاسدين وغض الطرف عن ممارساتهم فسقط الاقتصاد،وتساهل في الحقوق وضيع الواجبات ،وتجاهل أن هناك اخوة أقباط يشاركوننا التواجد تحت سقف الوطن ، وترك أنصاره يلوكون الجميع بألسنتهم ويهددون هنا ويستهزأون هناك ويورطونه في أشياء لا تليق برئيس مجلس مدينة لكنه ظل مختالا بهم ومساند لهم علي طول الخط ،وقرر اجمالا أن يبيع الجميع ويشتري الوهم.
ولم يكن خروج الملايين المدهش والرائع والحضاري في 30 يونيو سوي اعلان رسمي بأنه سقط ولم يعد رئيسا لجمهورية مصر العربية ،ورغم أنه يحاول التشبث بمقعده حتي آخر لحظة الا أن الشعب قال كلمته وأنهي فرصة منحها للرجل طوال عام وفشل في استغلالها مرة تلو أخري.
وعلي مدي ستة شهور سبقت 30 يونيو ظل الجميع يطالبونه بتحمل مسئولياته وكنا كاعلاميين نضع له خارطة طريق رفض السير عليها لأن له خارطته الخاصة ،وعلي المستوي الشخصي كتبت له عدة مقالات منها مقال بعنوان "أيها الرئيس..كن رجلا"نشر في 29 يناير الماضي وكان نصه:
لا أعرف من أين أبدأ وأنا أوجه حديثي لمن يفترض أنه رئيس لجمهورية مصر العربية ويجلس في نفس الكرسي الذي جلس عليه رجال كثر من عهد مينا موحد القطرين القادم من صعيد مصر إلي جمال عبدالناصر ابن الجنوب الزعيم بالفطرة والذي جعل مصر –رغم بعض أخطاءه – ملء السمع والبصر ومازال حتي الآن تحج إليه القلوب.
لكني سأقولها لك بكل بساطة ووضوح راجيا أن تستوعب أنها نصيحة وليست مؤامرة ،أيها الرئيس كن رجلا في بيتك لأن الناس وأولهم أهل الصعيد لن يصدقوا أنك رئيسهم إلا إذا كنت قادرا علي حماية بيتك فأمن بيتك في الشرقية وأمن قصرك الرئاسي حتي يصدقوا أنك قادر علي حمايتهم وحماية الوطن.
أيها الرئيس كن رجلا وتراجع عن قرار فرض حظر التجول والطواريء علي المدن الباسلة التي كانت صدور أبنائها تتلقي الرصاص نيابة عن القابعين في محافظات الداخل،وإعتبر بورسعيد وطنا خارجيا منكوبا وأرسل له قافلة مساعدات كالتي ذهبت للبنان وللأردن وافريقيا وغزة من قبل لأن مستشفيات المدينة بلا أدوية ولا إسعافات وتحتاج لأكياس دم وبلد البالة المليئة بالرجالة تستحق أن نحترمها بعد أن ظلت صامدة رغم صعوبة العقوبات التي تلت محاولة اغتيال مبارك،وإمتثل لرغبة أهالي السويس مدينة الضال والشهداء التي عانت طوال ثلاثين عاما وأكثر من التجاهل الحكومي بسبب غضب مبارك عليها وأعد لأهلها ما يستحقون ومعهم الاسماعيلية وسيناء ما يستحقون من إحترام وتقدير ولا تخسر مدن القناة ظهير مصر القوي وخط مواجهتها الأول وربما الوحيد مع العدو.
أيها الرئيس كن رجلا وواجه فسادا تركته يكمل نموه في عهدك وأعد ممتلكات الوطن التي نهبها رجال أعمال فاسدين سافر بعضهم ضمن رحلاتك الرئاسية خارج الوطن ،وأنه فساد الحكومة المتوغل في وزارات بالكامل كالبترول والرياضة والثقافة والاتصالات وغيرها.
أيها الرئيس كن رجلا ولا تصدر قرارا قبل دراسته لأن رجوعك في قرارات يثبت أنها فاسدة اداريا يضعك في موقف لا تحسد عليه.
أيها الرئيس كن رجلا ولا تهدد ولا تتوعد ولا تتحدث عن معلومات حول مؤامرات وخطط معروفة الأطراف ،لأن الرجال يفعلون ولا يتحدثون،وإجعل أجهزتك المختلفة تتحرك لضبط المتآمرين ان كانت هناك مؤامرة.
أيها الرئيس كن رجلا ولا تجعلنا ملطشة لدويلات شبرا أكبر منها وسوهاج تملك عتادا أكثر من جيوشها مجتمعة،وإحم كرامة المصريين في الخارج ولا تفرط فيها إنتظارا لمكرمة من هنا أو منحة من هناك.
أيها الرئيس كن رجلا واحكم قيادات اخوانية ورطتك كثيرا بأحاديث خالية من الذكاء والعقل وللأسف كنت تكافئهم متجاهلا الحكماء من فصيلك ،وانسف فريقك الرئاسي لأنه فاشل إلا قليلا،وأقل حكومتك الرخوة خالية التواجد والفكر والآداء.
أيها الرئيس كن رجلا وإفعل الصواب لأن الرجال يعرفون بأفعالهم وصدق أنك الرئيس،وتصرف وفق ذلك وخاطب البسطاء ولبي مطالبهم وأوقف أحداث حرق الوطن بآداء عاقل لأنك من تحكم وبمنطق الصعيد"الكبير بيلم"والمقصود هنا إستيعاب الجميع وليس رميهم في السجن.
ويا أيها الرئيس،أنصحك للمرة الأخيرة فكن رئيسا وإفعل ما يتوجب علي الرجال فعله لإنقاذ أوطانهم".
ورغم كل ما قلناه ظل الدكتور مرسي علي طريقه الذي اختاره رافضا الاستماع الي أي انتقاد ورافضا أن يكون رجلا يتحمل المسئولية أو يصدق أنه الرئيس ولذلك كان سقوطه بعد عام واحد من الحكم منطقيا وطبيعيا لتبقي مصر بلا رئيس حتي اشعار آخر.