عاجل
الخميس 7 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
لغز البرادعي

لغز البرادعي

بقلم : عبدالجواد أبوكب
سهل جدا أن توجه سيلا هائلا من الشتائم للدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية المؤقت حتي فترة وجيزة،وتستطيع دون أدني مساءلة قانونية أن تتهمه بالعمالة والخيانة والسير وراء أمريكا،وإلقاء نفسه في أحضان الغرب،وأن تدلف إلي حياته الخاصة وتتهمه بأنه زوج ابنته لغير مسلم،وتركها "علي حل شعرها"تشرب الخمر وترتاد شواطيء العراة ويتابعها مصورو  صحف الفضائح لبيع ما يلتقطونه من صور عارية لمن يهتم.
 
وتستطيع أيضا أن تتحدث عن تاريخه التآمري ضد العرب والمسلمين،وكيف أنه كان السبب في تدمير العراق والتضييق علي سوريا ،وحماية المشروع النووي الصهيوني ،واجهاض كل مشروع مماثل قد يؤثر علي موازين القوة في المنطقة سواء كان عربيا أو اسلاميا.
 
وقتها ستحظي بجماهيرية الفعل الثوري والمساندة الكبيرة من القوي السياسية ،وسيتفق معك المتضادان فيما تقول وهما القوي الاسلامية اخوان وسلفيون وغيرهم اضافة الي مجموعة جبهة الانقاذ والناصريين واليسار وغيرهم من النظام القديم وحتي المنتمين لحزب الكنبة.
 
والأصعب في هذه الحالة أن تحاول البحث عن طبيعة الرجل،ومع كل محاولة للفهم ستستعصي عليك الأمور وستصل إلي نتيجة واحدة مفادها أن الدكتور محمد البرادعي الرجل الأول في هيئة الطاقة الذرية سابقا ورئيس حزب الدستور ونجم جبهة الانقاذ ،ونائب رئيس الجمهورية حتي فترة وجيزة يمثل لغزا كبيرا يصعب عليك حله.
 
فالرجل الذي كان حجر الزاوية في إسقاط نظامين ورئيسين(مبارك ومرسي) كان رأس الحربة في كلا المرتين وعودة سريعة بالذاكرة الي الوراء سنري أنه كان نجم المرحلة في أواخر عهد نظام مبارك ولعل زيارته الشهيرة إلي المنيا كانت الأبرز في تحلق قيادات الاخوان حوله لدرجة أن الدكتور الكتاتني كان بنفسه"عراب الزيارة"وبعدها عندما شكل الجميعة الوطنية للتغيير هرول اليها الجميع رغم وجود حركات كانت تعد أقوي منها بنفس التوقيت مثل"كفاية"،وقبل الجميع وقتها الاصطفاف في لواء محمد البرادعي وتحت قيادته وضم المشهد غالبية رموز السياسة  وقتها حمدين صباحي وأيمن نور وعبدالمنعم أبوالفتوح وسعد الكتاتني ويحيي الجمل ومحمد أبوالغار وجورج اسحاق اضافة لحمدي قنديل وعلاء الاسواني وغيرهم من المعارضين الذين لعبوا دورا مهما في اسقاط نظام "مبارك".
 
وبعدها وبغض النظر عن التفاصيل رشح ثلاثة ممن كانوا يقفون خلفه أنفسهم للرئاسة وغاب هو عن المشهد نسبيا وسط أقاويل عن صناعته لعدد من الاحزاب وتبنيه لبعض الشباب للدفع بهم في البرلمان وجاءت الانتخابات البرلمانية وشكل مجلس الشعب ،وجرت الانتخابات الرئاسية والرجل خارج الصورة .
 
وبعد نجاح مرسي بفترة ظهر البرادعي من جديد ليكون  في مكانه كرأس حربة لاسقاط النظام الجديد ،وتصدر المشهد في جبهة الانقاذ التي حملت غالبية مطالب الجمعية الوطنية للتغير وعادت غالبية طيوره المهاجرة إليه من جديد مع بعض التغييرات فقد بقي في الصورة حمدين صباحي ورفاقه واختفي الكتاتني وجماعته وانضم السيد البدوي بوفده ،وحجز النظام القديم لنفسه مكانا مميزا بوجود عمرو موسي وحزبه.
 
ومجددا لعب الرجل دورا مميزا في اسقاط نظام الاخوان وحكم"مرسي" لتدفع به القوي الثورية وجبهة الانقاذ وحركة تمرد التي تولت زمام الامور شعبيا من الجبهة في اللفة الأخيرة من ماراثون اسقاط حكم الاخوان ،ليكون ممثلا لها في تشكيلة الحكم الجديدة،وبـ"كتف"قانوني من حزب النور السلفي أزيح الرجل من رئاسة الوزراء ليستقر في مقعد نائب رئيس الجمهورية المؤقت للعلاقات الدولية،وبعد أقل من شهر بدأت محاولاته لترك المنصب،ثم جاء القرار مع فض إعتصامات الاخوان في كلا من"النهضة ورابعة العدوية".
 
ومع الاستقالة فتحت علي البرادعي أبواب الجحيم والاتهامات من الغالبية الأعم من الناس والقوي الثورية وأحزاب المعارضة وحتي أصدقاؤه سواء بشكل مباشر وعبر بيانات واضحة باتهامات محددة كان أشدها الخيانة وأبسطها الهروب من تحمل المسئولية.
لكن"البوب"كما يحلو لمؤيديه أن يطلقوا عليه مازال أملا كبيرا لمئات الآلاف من الشباب الذي يري فيه المخلص وصاحب النبؤات الصادقة التي طالما تحققت،بل أن بعضهم يري فيه رئيسا لجمهورية الضمير،والملهم الذي يجب أن يقود قطار تحركهم في مدن السياسة ،ويرون في إعتذاره  عن الاستمرار مع النظام الحالي للرئيس المؤقت عدلي منصور وتقديم استقالته في هذا التوقيت درءا لأحداث كبري كان يمكن أن تحدث لو ظل في المنصب.
 
ورغم كل الأحداث والتفسيرات يبقي محمد البرادعي الذي مازال"بوبا"في نظر كثير من الشباب، اللغز الأكبر في الحياة السياسية المصرية نبقي دائما في محاولة تفسير لتصرفاته التي تضعه دائما في صورة الهارب من مواجهة الواقع وتحمل المسئولية إلي عالم الخيال والتغريد عبر"تويتر".
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز