

عاطف حلمي
فوبيا العسكرة
بقلم : عاطف حلمي
حتى لايزايد أحد ... أعلن بكل وضوح أنه في حال ترشح الفريق عبدالفتاح السيسي على منصب رئيس الجمهورية فسوف أكون أول من يصوت له ويقاتل من أجل فوزه، ولكن من أجل مصر أتمنى أن لايترشح الفريق السيسي وأن يظل على موقفه، على الأقل خلال الفترة الحالية، لأن دوره الآن في الحفاظ على وحدة مصر وأمنها وتماسك جيشها أهم بكثير من أي منصب آخر.
صرع سياسي
ويخطىء من يعتقد أن ملاذ مصر في الخروج من عنق الزجاجة الحالي في تولي الفريق أول عبدالفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، ويخطىء أيضاً من يعتقد أنه قادر، بحملة هنا أو توقيعات هناك، على توريط الفريق السيسي أو الجيش في الشأن السياسي ... فملاذ مصر الآمن في بقاء الجيش والقيادات العسكرية على مسافة واحدة من جميع الأطراف بدلاً من الانزلاق في مستنقع الصراع السياسي ومن ثم تفكك الجيش وانقسامة، وهو الأمر الذي تسعى إليه القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
الثقة المفقودة
البعض فقدوا الثقة في الديمقراطية وفي امكانية تولي رئيس مدني منتخب حكم البلاد بعد تجربة "اللي ما يتسمى" مرسي وعشيرته، كأول رئيس مدني منتخب أصاب البلاد والعباد باليأس والإحباط حتى أن هناك من كفر بالديمقراطية وكل مؤسساتها، وربما ستظل تجربة حكم الإخوان، رغم قصرها، تطارد الوجدان المصري لفترة ليست بالقصيرة، ومن هنا تنطلق محاولات بعض التيارات، بل وشخصيات محسوبة على النخبة السياسية، الضغط على الفريق السيسي للترشح لرئاسة الجمهورية وفي أضعف الإحوال يطالبون بترشح أي شخصية عسكرية آخرى.
مخطط التوريط
وإذا نجحت هذه التيارات في اثناء الفريق السيسي عن موقفه الرافض للترشح للرئاسة، فأننا سنكون قد خسرنا كثيراً مما تحقق منذ ثورة يناير حتى الآن، فتولي الفريق السيسي رئاسة البلاد في الفترة الحالية سوف يزيد من هوة الانقسام بين تيارات الدولة المدنية والتي تشكل الآن شريحة كبيرة بين فئات المجتمع، وتيارات الإسلام السياسي التي لابد أن نعترف بأنها لاتزال تحتفظ بقاعدة شعبية ولو باتت محدودة وفقدت الكثير من عناصر قوتها، كما سيسهل ذلك الطريق ويشرع الأبواب والنوافذ أمام المخطط الهادف إلى توريط الجيش وإدخاله طرفاً في اللعبة السياسية.
سيناريو فرانكو
وحتى تستقيم الأمور خلال المستقبل القريب، فأنني أرى ضرورة أن يتولى رئاسة البلاد رئيس مدني منتخب، على أن ينص الدستور صراحة على وضعية خاصة للقوات المسلحة تجعلها بمثابة الحامي لمدنية الدولة، كما حدث في تجربة فرانكو في اسبانيا، أو حتى التجربة التركية التي أمتدت منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتى السبعينيات، وقبل هيمنة تنظيم الإخوان الدولي على الحكم بها قبل عشر سنوات، مع الإعتراف بأن المؤسسة العسكرية المصرية بتاريخها الوطني كانت ولاتزال تتمتع بقبول شعبي وتمتلك من الثوابت التي تمنع تغولها أو توحشها فهي جزء أصيل من المجتمع المصري بكل أطيافه.
أزمة اليسار
بعض تيارات اقصى اليسار مصابون بفوبيا العسكرة والتي ارتفعت وتيرتها عقب موجة 30 يونيو الثورية ... هذه التيارات في حاجة ماسة لإعادة النظر في حساباتها وثوابتها، وقبل كل ذلك إعادة معاييرة موازينها المختلة ومكايلها مختلفة الأحجام والمقاسات التي يستخدمونها مثل ساحر السيرك، أعتقد أن هذا النوع من التيارات يعاني الضياع وسط طوفان الحراك السياسي الشعبي الذي جعلهم يشعرون بضألة حجمهم، وربما لاتزال بعض تلك الفصائل لاتزال تؤمن بضرورة حدوث الخراب التام حتى يصبحوا هم الملاذ الأخير للوطن ... ربنا يهدي.
المتأمرون
نقلت صحيفة وورلد تربيون الأمريكية على موقعها الإلكتروني، الأسبوع الماضي، عن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبق الجنرال المتقاعد هيو شيلتون قوله - إنه "إذا لم يتم الإطاحة بمرسي بمساعدة الجيش، لتحولت مصر إلى سوريا أخرى وتم تدمير الجيش المصري بالكامل - في إشارة منه إلى أن 30 يونيو، قد أوقفت هذه مؤامرة باراك أوباما لزعزعة الاستقرار في البلاد وحافظت على مصر وجيشها من الدمار" ... هل يا ترى الناس الطيبين قوي بتوع المصالحة لايزالوا بعد هذا الكلام يؤمنون بالمصالحة مع من تأمر ضد الوطن؟.