

محمود الجمل
ليبراليون بررة.. وإسلاميون كفرة
بقلم : محمود الجمل
يقيناّ بتنا أمام فسطاطين، الأول يحتشد تحته فصائل الليبراليون النورانيون والآخر ينتفض أسفله الإسلاميون المستبدون الظلاميون الاّخذون بتلابيب الدولة نحو مستنقع الدولة الدينية, حيث الحديث عن تطبيق الشريعة ووضع القيود وصنع السدود وتطبيق الحدود, في ظل دوله أكثر من 40% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر, غذائهم المفضل في الأعياد " أرجل الدجاج الأبيض " وحيث يسكن أكثر من 25 مليون مصري في مناطق عشوائية ومنازل متصدعة, ويقضون حاجتهم في " حمامات بدائية مكشوفة " فيطلعون مبكرين علي عوراتهم, ومن ثم تخشن جلودهم وتسقط فضيلة الحياء عن معظمهم, وبالتالي كان من الواجب قبل آن ترتفع رايات الدعوة نحو تطبيق الشريعة وكأن المصريون كانوا يعيشون في ظل مجتمع جاحد لها ومنكرها, آن تكون الأولية هي انتشال جحافل الفقراء والمشردين والعشوائيين وإدماجهم في ظل الدولة شبه الحديثة, حيث الحد الأدنى من الطعام والكساء والسكن, ثم بعد آن تستقر الأمور بهؤلاء, نحتشد من اجل مناقشة أشكال تطبيق الشريعة, مبادئها أم أحكامها, أم آن تظل الشريعة مجرد دعوة للأخلاق والفضائل, ويقوم الناس بسن شرائعهم الأرضية القابلة للنقاش والجدل والطعن والتعديل.
داخل الفسطاط الثاني العريض المتطاول تزاحم الإسلاميون المتفقون المختلفون بفصائلهم وتوجهاتهم من اجل مواجهة - قد تبدو مزعومة - مع فريق الليبراليين ودعاة مايسمونه بالدولة المدنية, وكأن الإسلاميون من دعاة دولة أخري ضد المدنية المدعاة هذه . ليبراليون يملكون القدرة علي إنتاج - اكلاشيهات لفظية - ومانشيتات لامعه , يعلنون دائما عن مخاوف مفتعلة وحديث غير موثق عن آن الحكم في ظل أحكام الشريعة - غير المتفق علي تفاصيلها - سوف يكون حكما مستبدا , لا يتورع معظمهم , خاصة من الساسة القدامي الذين طالما نسقوا مع أجهزة الدولة في العهد البائد , وخاصة - جهاز امن الدولة - من الطعن في الشريعة وأحكامها وعدم إمكانية تطبيقها , فضلا عن الطعن في تاريخ المسلمين وحتي - عصر الخلفاء الراشدين - واستدعاء كل الحكايات المتصدعة المسيئة لتاريخ الحكام المسلمين , هذا باعتبار آن الحكام غير المسلمين كانوا مثالا للحكم الرشيد غير المستبد, دون آن يضرب لنا هؤلاء اللبراليون مثلا واحدا يؤكد لنا هذا الاختلاف الكاشف وهذا الفرز المضيء .
تبدو المعركة المدعاة المفتعلة , وكأنها بين فريقين , احدهما مؤمن اشد الإيمان , والآخر فريق لا يتورع أصحابه عن إعلان الكفر. فريق سوف يصنع - قدور من نار - يزج فيها ملايين المصريين , من اجل اعادة إنضاجهم من جديد . وفريق سوف يسقط عن جميع المتدينين كافة فروض الصلاة سواء كانت في المساجد او الكنائس. فريق سوف يعلي من شأن الإفراط وفريق سوف يضرب من حديد علي كافة أشكال التفريط .
انه الجنون بعينه, في ظل شيوع الرغبات المحمومة في الامتياز والتمايز, جنون لا تستطيع آن تخص به فريق دون فريق, الجميع في حضرة - المورستان - ومعظمهم بحاجه لزيارة - البيمارستان - لم نعد نعرف من بقي من ينهم ملتزما بحظيرة الإيمان , ومن منهم قد أدركته حرفة الإنكار وصار عاشقا للبهتان