عاجل
الأربعاء 10 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
لا تكسروا الرموز ولا تقتلوا القدوة 

لا تكسروا الرموز ولا تقتلوا القدوة 

يخجل قلمي قبل أن تخجل نفسي وأنا أكتب عما وصلنا إليه من تقليد أعمى، واستبدال رموزنا وقدوتنا وقاماتنا برموز مزيفة وشخصيات خاوية، فقط نظرنا إليهم من المظهر وتركنا المعدن، وتعجبنا أجسادهم، وإن يقولوا نسمع لقولهم وإن يفعلوا نفعل كفعلهم، وهم في الحقيقة خُشبٌ مسندة. 



نعم لقد استبدلنا الدر بالأصداف، وأطربنا من جانب الغرب ناعبٌ، أرى كل يوم شبابنا يتهافتون وينساقون وراء الموضة العمياء، رأينا كيف أصبح البنطال الممزق هو الفاشون وصيحة اليوم، والوشم على الأيدي والأقدام هو لغة الروشنة  وسمة الحداثة، وأصبح الرمز هو الأسطورة الفتوة صاحب السلاح الأبيض.

ثقافة الاستهلاك نهبتنا، حوّلت حياتنا إلى جحيم، جعلتنا ندور في حلقة مفرغة، نعمل ولا نعمل، نكسب ونحقق الربح ولكن لا نسعد، فالعمل لا يكفي حتى لو تربحت أضعاف ما كنت تكسب، فدخلك مهما كان حجمه لن يكفيك، لدينا متطلبات لا حصر لها، هي بالتأكيد حاجات ثانوية ولكننا جعلناها متطلبات أساسية، فمهما عملنا لا تمتلئ جيوبنا، فالدخول تغرق وتضيع في بحور عميقة ليس لها قرار.

لقد صعّبنا المعيشة على أنفسنا في متطلبات الزواج وفي أساسيات الحياة، ضيّقنا ما هو واسع، خنقنا رقابنا بأيدينا، فاللوم كل اللوم علينا لا على أحد.

أنا هنا لا أطالبكم بالعزلة المجتمعية، أو أن آوي بكم إلى ركن شديد، ولكن أدعوكم إلى البساطة، إلى عدم التكلف والتكليف، وما تطيب الحياة إلا بالعودة لفطرتنا الأولى، ولكن الحقيقة المُرة التي نُعاني منها جميعًا أن البساطة أصعب بكثير من التصنع، لذا وجب علينا احترام البسطاء.

نعود هنا إلي الغزو الثقافي الذي جعلنا نستهلك أكثر مما ننتج ، يجب علينا جميعاً أن نربي أطفالنا علي القناعة وعدم الانسياق وراء الموضة العمياء وعدم ترك الأطفال في الهواء الطلق أمام شاشات التلفاز والهواتف والسموات المفتوحة ونغزي عقولهم بالقراءة والثقافة كما نعزي بطونهم ، فتغذية العقول أهم وأنفع من تغذية البطون والعقل السليم في الجسم السليم.

لماذا لم نتناول ملوك مصر العظام في الدراما المصرية؟ أين أحمس وحتشبسوت وشجرة الدر وإخناتون؟ أين الفراعة الشداد؟ هل تركناهم وتركنا ذكراهم بعدما طحنهم الزمان بكلكله، لماذا لم يكن هؤلاء فخرنا؟! ويستوقفني كثيرًا تنوعنا في ملابسنا وعدم توحد زينا، فلو نظرنا إلى الشعوب من حولنا لرأينا الأشقاء في اليمن لهم خنجرهم المميز، والأشقاء في الصومال لهم عبايتهم الفضفاضة، والأشقاء في السعودية لهم عقالهم وجلبابهم، ولكننا نحن نتنوع من بدل وجلباب وغيره، أنتم تعلمون بملابس الموضة أكثر مني، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم نجعل الذي الفرعوني ضربًا من ضروب الموضة إن لم يكن زيًا رسميًا؟، أم حرامٌ على بلابله الدوح حلالٌ للطير من كل جنس.

 

يا سادة، إن لم نعد إلى هويتنا وثقافتنا سنخسر أنفسنا، وستعقم أرضنا عن ولادة أمثال أجدادنا، وبلادنا هي مفخرة العالم، وتجلي الإله في الطور يكفي لك عزًا يا مصر في الأكوان، وسقى الله في أرضنا أرض الحضارة عظامًا يعز عليها أن ترى ضياع هوية أبنائهم.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز