بمزيد من الفخر والآمال العظيمة أتابع كمصرية العد التنازلي لانعقاد مؤتمر قمة المناخ :COP27"، بمدينة شرم الشيخ، بداية من 6 إلى 18 نوفمبر الحالي، وهو الحدث الأبرز الذي يمثل تحديا كبيرا في مسيرة العمل على الحد من الكوارث الطبيعية وحماية كوكب الأرض من التبعات الكارثية للتغيرات المناخية.
إن مكانة مصر الكبيرة وثقلها السياسي على الساحة الدولية وتاريخها المشرف في الدبلوماسية البيئية، وقدرتها على الحشد والتنسيق لدعم القضايا المصيرية، يجعل من مؤتمر قمة المناخ انطلاقة عظيمة ونقطة تحول جذرية للتنسيق بين كافة الأطراف المشاركة لتلتزم الدول الكبرى بتعهداتها في مساعدة الدول الفقيرة لمجابهة تأثير تغير المناخ.
هنا مصر.. إن فخرنا كمصريين يمتد ليضرب بجذوره عمق التاريخ، وتتجلى فيه الإسهامات المصرية لمؤسس مفهوم "الدبلوماسية البيئية" وهو العالم الراحل الدكتور مصطفى كمال طلبة " ولد عام 1922- وتوفي عام 2016" ، ابن مدينة زفتى بمحافظة الغربية ، والملقب بالأب الروحي لبروتوكول مونتريال الخاص بحماية طبقة الأوزون، هذا العملاق الأخضر.
كما أطلقت عليه مجلة "إيكونوميست"، كانت له العديد من الصولات والجولات التي حفرت بماء الذهب في مجال علوم البيئة، بداية من عمله كأستاذ متفرغ بقسم النبات والميكروبيولوجي بكلية العلوم جامعة القاهرة، وتولي العديد من المناصب الرفيعة منها منصب الأمين العام للمجلس القومي للعلوم في مصر، وأول رئيس لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وكذلك شغل منصب وزير التعليم العالي، ووزير للشباب، وأسس الجمعية المصرية لحماية المستهلك لأول مرة في مصر، وساهم في إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وانتخبته الجمعية العامة للأمم المتحدة مديرا تنفيذيا للبرنامج وتم تجديد ولايته لأكثر من مرة، وترك طلبة إرثا مشرفا وألقابا يصعب حصرها، وأشرف على مئات الرسائل العلمية، وحصل على العديد من الأوسمة والجوائز.
ظلت مصر في مسيرتها الخضراء طوال هذه السنوات تطرح الاحتياجات العربية في مجالات البيئة وتغير المناخ، وتحمل على عاتقها في مختلف المحافل هموم القارة السمراء، وتبرز معاناتها من التغيرات المناخية، التي نتج عنها وصول أعداد المتضررين من الجفاف خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2022 نحو 172.3 مليون، والمتضررون من الفيضانات فيها نحو 43 مليون شخص بجانب ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي، كما أنه من المتوقع أن يدفع تغير المناخ حوالي 78مليون شخص إضافي إلى الجوع بحلول عام 2050، كما ورد في كلمة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة ومبعوث مؤتمر المناخ cop27 على هامش مشاركتها في الدورة الـ 18 لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة "amcen" بالعاصمة السنغالية دكار، لذلك جاء مؤتمر المناخ ليكون استكمالا لمساعي مصر الحثيثة، والاستعداد لطرح العديد من المبادرات العالمية التي تمثل الاحتياجات الإنسانية منها الأمن الغذائي والأمن المائي ودور المرأة والطاقة.
إن نجاح مصر في تنظيم هذه القمة وتحقيق النتائج المأمولة منها له العديد من المكاسب التي سوف تنعكس على كافة الملفات والأصعدة السياسية والمحلية والاقتصادية والبيئية، منها على سبيل المثال لا الحصر، تعزيز جهود الدولة في تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة 2030، وتمويل المشروعات المتعلقة بمجابهة تغير المناخ في مصر، وتسليط الدور على مشروعات الطاقة النظيفة المصرية مثل محطة بنبان بأسوان كأكبر محطة لتوليد كهرباء في العالم للطاقة الشمسية، المونوريل، الأتوبيس التبادلي بالطاقة الكهربائية، القطار الكهربائي، ومشروعات الطاقة المتجددة.
كما سيشهد الشارع المصري ثمار المؤتمر تنبت على أرض الواقع ولن يقتصر الأمر في ذلك على الترويج السياحي لمصر وآثارها الخالدة لكنه سيمتد حتما لجذب الاستثمارات والترويج للصناعات المصرية وتوسيع مجالات التعاون مع مختلف الدول، ومن هنا يجب أن يكون شعارنا لنعمل كلنا لننجو معا نحو عالم أفضل ومستقبل أخضر للكرة الأرضية وللأجيال القادمة.



