اللواء محمد إبراهيم: الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها تظلان أمرا يرتبط بالشأن الداخلي الإسرائيلي
أكد نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري أن الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها تظلان أمرا يرتبط بالشأن الداخلى الإسرائيلى مهما تكن طبيعة هذه النتائج.
وقال اللواء الدويري- في مقاله بصحيفة "الأهرام" اليوم الثلاثاء تحت عنوان "رسائل عاجلة إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة"، إن الجميع سوف يتعامل مع أي حكومة ارتضاها الناخب الإسرائيلي وأصبحت واقعا مهما تكن هناك بعض التحفظات عليها سواء على المستويين الإقليمي والدولي أو حتى من جانب بعض الأحزاب الإسرائيلية، التي رأت أن هذه الحكومة سوف يكون لها تداعيات سلبية على وضعية إسرائيل الداخلية والخارجية.
وأضاف أن ما يهمنا أساسًا بالنسبة للحكومة الجديدة، التي سوف تتشكل خلال أيام، هو ما يتعلق بسياستها تجاه قضيتين رئيسيتين، الأولى: القضية الفلسطينية وهي القضية العربية المركزية، والقضية الثانية هي مستقبل العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، أما ما دون ذلك فهناك قضايا أخرى قد تبدو أقل أهمية مقارنة بالقضيتين السابقتين ولكن علينا متابعتها ودراسة تأثيراتها مثل العلاقات الإسرائيلية الأمريكية والموقف تجاه إيران.
وأكد الكاتب أن نيتانياهو سوف يسعى فور تشكيله الحكومة إلى التحرك لدعم اتفاقات التطبيع العربي التي أنجزها خلال فترة توليه رئاسة الوزراء من قبل، بل سيحاول توسيع وتعميق حجم هذه العلاقات، وفي رأيي أن شركاءه المتطرفين في الائتلاف لن يكون لديهم أي اعتراض على هذا التوجه باعتبار أنه سوف يصب في النهاية في صالح إسرائيل.
وأشار الكاتب إلى أنه على مستوى القضية الفلسطينية فإن الأمور تبدو واضحة للغاية، حيث إن الحكومة الجديدة لن تختلف عن أي حكومة سابقة في انتهاج جميع الإجراءات المتطرفة التي نراها ماثلة أمامنا كل يوم في القدس الشرقية والضفة الغربية ودعم قطار الاستيطان، فضلا عن رفض إقامة الدولة الفلسطينية، وبالتالي لن يكون هناك أي اختلاف استراتيجي يذكر في هذا الصدد بين كل من: نتانياهو وبن غفير وسموتريتش وبني جانتس ويائير لابيد وليبرمان وكوخافي وأي من وزراء الأحزاب اليمينية والدينية، حيث إن الفكر الذي تتبناه هذه الشخصيات يتفق على مبدأ واحد مفاده رفض إقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد الكاتب أن ما دفعه لاستقراء التطورات الأخيرة هي محاولة توجيه سبع رسائل مهمة وعاجلة إلى الحكومة الإسرائيلية قبل أن تبدأ مهام عملها، وأرجو من القادة الإسرائيليين أن يتوقفوا كثيراً عند الرسائل التالية:
الرسالة الأولى: إن الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة مهما تأخرت، وأن الثمن الذي يمكن أن تدفعه إسرائيل حاليا من أجل إقامة هذه الدولة سوف يقل كثيراً عن الزمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه مستقبلاً إذا ما استمر الوضع الراهن على ما هو عليه، وسوف تضطر إسرائيل في النهاية إلى التسليم بإقامة الدولة الفلسطينية وهذا حكم التاريخ الذي سيفرض نفسه على الجميع.
الرسالة الثانية: إن الشعب الفلسطيني سوف يواصل نضاله ومقاومته بكل الأدوات المتاحة لديه ولن يستسلم مطلقاً مهما يكن عنف الإجراءات الإسرائيلية المضادة خاصة أن الأجيال الفلسطينية الجديدة أصبحت أكثر قوة وحماساً ولم تعد تفكر فيما يمكن أن تخسره.
الرسالة الثالثة: إن العنف الذي نشهده حالياً في المناطق الفلسطينية وحجم الخسائر الإسرائيلية الذي يزداد يوماً بعد يوم لن يتوقف، ولا شك في أن الإحصائيات التي تنشرها مصادر إسرائيلية تؤكد ذلك، كما أن جميع المعطيات الحالية تشير إلى أن الانتفاضة الثالثة العنيفة أصبحت مسألة وقت بل إن إسرائيل هي التي تساعد على تسريع انطلاقها.
الرسالة الرابعة: إن السياسات التي يعتزم كل من سموتريتش وبن غفير تنفيذها على الأراضي الفلسطينية سوف تزيد الأوضاع احتقانا بل ستؤدي حتما إلى تفجير الموقف إلا إذا حاول نتانياهو تحجيم تطرف مثل هذه الشخصيات للحفاظ على حكومته من الانهيار وهو أمر غير مضمون.
الرسالة الخامسة: إن العامل الوحيد الذي يمكن أن يغير من معادلة العنف الحالية يتمثل في بدء المفاوضات، وهنا يجب أن أطالب إسرائيل بأن تقدم بكل وضوح رؤيتها للتسوية السياسية مهما تكن طبيعتها ولنجعل من هذه الرؤية بالتوازي مع رؤى السلام العربية أرضية لانطلاق المفاوضات حتى نصل إلى حلول وسط مقبولة من الجميع.
الرسالة السادسة: إن اتفاقات التطبيع العربي مهما تشهد تطويراً وتوسعاً فلن تكون قادرة على حماية الأمن القومي الإسرائيلي ولن تمنع العمليات في القدس والضفة الغربية، ولن تنجح إسرائيل في جني ثمار التطبيع الحقيقي والشعبي الذي تهدف إليه.
الرسالة السابعة: إن السلطة الفلسطينية المعتدلة برئاسة الرئيس أبو مازن لا تزال قادرة على ضبط الأوضاع في الضفة الغربية ولكن إذا استمر هذا التصعيد وواصلت إسرائيل سياساتها المتطرفة فقد نشهد انهيارا لهذه السلطة، ومن المؤكد أن البديل لن يكون في صالح إسرائيل مطلقاً.
وأشار الكاتب إلى أنه برغم عدم تفاؤله بأن إسرائيل يمكن أن تتعامل بموضوعية مع هذه الرسائل، وسوف تواصل سياساتها المتطرفة تجاه الفلسطينيين، إلا أنه في هذه الحالة يجب على إسرائيل أن تكون على استعداد لتحمل المسؤولية الكاملة عن أى تدهور سوف يحدث في الموقف الأمني سواء تجاه الإسرائيليين أو في المنطقة.
وأكد اللواء محمد إبواهيم أن إسرائيل لن تتجه إلى إعادة التفكير في سياساتها المتعجرفة إلا إذا واجهت موقفاً عربياً وفلسطينياً قوياً وهنا لا أقصد المواجهة العسكرية ولكن أقصد المواجهة السياسية التي تدرك معها الحكومة الجديدة أنها تواجه تكتلا قويا عربيا يؤمن بالسلام، ويقبل دمجها في المنطقة ولكن بشرط واحد وهو أن تبدأ المفاوضات كطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية التي من المؤكد أنها ستتجاوب مع المطالب الأمنية الإسرائيلية المنطقية والمقبولة، وفي النهاية فإن الدولة الفلسطينية لن تكون في أي الأحوال منحة مجانية من إسرائيل ولكنها ستكون دولة بجهد عربي وفلسطيني فقط يجبر الجميع على التسليم بها وبحقوق شعبها.



