مصطفى زكريا يكتب : التربية قبل التعليم
إطلاق الصواريخ واللعب بالبندول وإشعال النار في "سلك المواعين" لم تعد من مظاهر الاحتفال بقدوم الشهر الكريم المرحب بها، وذلك بعدما انتشرت العداوة بين بعض الجيران في شوارعنا وحوارينا ووصل الأمر إلى مشاجرات عنيفة تنتهي بقتل وإصابة البعض.
جاري العزيز، هل تعلم أن التربية في المقام الأول ثم يأتي التعليم، فمن السهل تعليم الطفل ولكن تبقى التربية والأخلاق والمبادئ هي الأصعب والأهم، فزرع المبدأ والاخلاق في الطفل يأتي بالمواقف والتقويم والمحاولة الشاقة ودور المدرسة التربية قبل التعليم مع الأسرة وعدم ترك الطفل يفعل السلوك الذي يحلو له بحجة انه متفوق دراسيًا، والاعتماد فقط على نشاطه التعليمي ونهمل الأخلاقي.
ما يدفعني إلى كتابة تلك الكلمات، هو الحالة التي وصلت اليها بعض شوارعنا والتي اصبح بعضها مصدر للإزعاج بكل ما هو مُتعب للأعصاب، ولا أتحدث هنا عن قاطني التجمعات السكنية الفارهة، لكن حديثي موجهة إلى شوارعنا في الأقاليم والريف، حيث كان الأطفال قديمًا يذهبون إلى الكتاتيب بعد الانتهاء من صلاه التراويح وفي الإجازة السنوية خلال الصيف، يذهبون الي النوادي لممارسة الرياضة، فكان نتاج الأجيال السابقة خير النتاج، ومع اهتمام الدولة بزيادة عدد الاندية ومراكز الشباب في مصر والتي بلغ عددها 5240 يعني أن هناك نادي أو مركز شباب لكل 19 ألف مصري، طبقا لتعداد السكان في مصر، وهو ما يعني أن المجال واسع أمام الأطفال للذهاب إلى الأندية وقضاء وقت ممتع وممارسة الرياضة التي تحميهم لاحقًا من الانسياق وراء طريق المخدرات.
ولأن التربية لا بد أن تأتي أولا قبل التعليم، فالتعليم بلا تربية لا فائدة منه، بل إن التربية تأتي أولا والأخلاق تأتي أولا، ثم يأتي بعد ذلك العلم، لهذا تضع وزارة التربية والتعليم كلمة التربية أولا ثم التعليم، على اعتبار أن العمليتين مرتبطين ببعضهم البعض، وأن أحدهما لا يستطيع أن يستمر بدون الآخر، وكم من مشكلة ومشاجرة انتهت بوفاة بعض الاشخاص كان السبب فيها "طفل" ولن أتحدث هنا بالأرقام والاحصاءات فمحركات البحث أمامك ويمكن أن تبحث عن عدد المشاجرات التي وقعت خلال الشهر الجاري بسبب "لعب العيال" في الشارع وإطلاق الصواريخ، وقبل شهر رمضان الكريم القت الاجهزة الامنية القبض علي شخصين بحوزتهما 2 مليون صاروخ للأطفال، تخيل معي لو تسربت تلك الكمية إلى الأطفال بجانب ما تم تسريبه لاحقًا، ما ذنب كبار السن والمرضى من تعرضهم بشكل يومي لأصوات انفجار؟ وهل تقبل على نفسك أن يكون ابن جارك هو مصدر إزعاج لشخص عزيز علي قلبك يعاني مرض يحتاج إلى راحة وهدوء؟.
وبحسب باحثون فإن التعرض للضوضاء لفترة طويلة قد يزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب، ووجدوا الدليل الأقوى على ذلك بين من هم في سن العمل ويعانون من فقدان سمع التردد العالي وهو نتيجة طبيعية للتعرض للضوضاء لفترة طويلة.
نهاية القول، أتمني عودة الهدوء مرة اخري الي شوارعنا، وأن يراعي اولياء الامور ان ما يزرعوه الأن في اولادهم سوف يجنوه مستقبلاً، فأن تتمني أن يصبح طفلك طبيب أو مهندس أو عالم، فعليك أولاً أن تحسن تربيته قبل أي شيء أخر.



