الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

محطات في حياة شاعر المرأة والحب.. وحكايته مع الزعيم الراحل

عبد الناصر ونزار
عبد الناصر ونزار قباني

تحل ذكري وفاة الشاعر المبدع نزار قباني، في يوم 30 إبريل؛ حيث وُلد في الحادي والعشرين من شهر مارس عام 1923، في مدينة دمشق، وهو حفيد أبو الخليل القباني “أحد روّاد المسرح السوري”.

 

دراسته

 

درس نزار بين عامي 1930-1941 في مدرسة الكلية العلمية الوطنية، وتابع نزار دراسته في جامعة دمشق في كلية الحقوق، وفي مرحلة شبابه ودراسته الجامعية شارك نزار في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي، و كان منزله مكاناً لعقد اجتماعات المعارضين للاحتلال في عشرينات القرن الماضي.

عمله

عين نزار قباني بعد تخرجه فى كلية الحقوق عام 1945 في وزارة الخارجية السوريّة، ثم أصبح موظفاً في السفارة السورية بالقاهرة في نفس العام، وبقي فيها حتى عام 1952، حيث عيّن سفيراً لسوريا في لبنان لمدة عامين، أتقن خلالها اللغة الإنجليزية، ثم عين عام 1954 سفيراً لسوريا في أنقرة، كما عين سفيراً لسوريا في الصين عام 1958، ثم سفيراً لسوريا في مدريد عام 1962، وهى آخر مهمة دبلوماسية قام بها نزار قباني حيث قدّم استقالته عام 1966 ليتفرغ للشعر.

دواوينه

أصدر “قباني”، أولى دواوينه الذي حمل عنوان “قالت لي السمراء” في عام 1944، استمر في التأليف والنشر حتى بلغ عدد دواوينه خمسة وثلاثون ديواناً خلال نصف قرن، أبرزها “طفولة نهد”، و “الرسم بالكلمات”.

 

وفي عام 1966 أسس نزار قباني دار نشر خاصة لدواوينه في بيروت اسمها “منشورات نزار قباني”، وتضمنت دواوينه نمط الشعر العمودي ثم انتقل بعدها لكتابة شعر التفعيلة.

 

دمشق في القصائد

 

لم تقتصر أشعاره على المرأة فحسب، بل شملت المدن العزيزة على قلبه وهما دمشق وبيروت، فكتب “القصيدة الدمشقية”، و “يا ست الدنيا يا بيروت”، كما كتب قصائد تنتقد الدول العربية بعد نكسة يونيو عام 1967، منها، “هوامش على دفاتر النكسة”، “عنترة”، “يوميات سيّاف عربي”.

أغاني قصائده

غنى له العديد من المطربين منهم: ام كلثوم غنّت من قصائده “أصبح عندي الآن بندقية”، “رسالة عاجلة إليك” ولحنهما الموسيقار محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ غنى “رسالة من تحت الماء”، “قارئة الفنجان”، وهما من ألحان الموسيقار محمد الموجي، نجاة الصغيرة التي غنت “ماذا أقول له”، “متى ستعرف كم أهواك”، “أسألك الرحيلا”، “أيظن”، وهذه القصائد من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب.

- فايزة أحمد غنت “رسالة من امرأة”، لحّنها الموسيقار محمد سلطان.

- وغنت فيروز قصائد بعنوان “وشاية”، “لا تسألوني ما اسمه حبيبي”، من ألحان الموسيقار عاصي الرحباني.

-أما الحصة الأكبر فكانت من نصيب الفنان كاظم الساهر والذي لقبه نزار قباني فيما بعد بقيصر الأغنية العربية، ومن القصائد التي غناها “إني خيّرتك فاختاري”، “زيديني عشقاً”، “مدرسة الحب”، “قولي أحبك”، “أكرهها”، “أشهد ألا امرأة إلا أنت”، “حافية القدمين”.

زواجه

تزوج نزار مرّتين، زوجته الأولى، كانت ابنة خاله في عام 1946 عندما كان نزار سفيراً لسوريا في القاهرة، طلّقها بعد سنوات بسبب غيرتها عليه عام 1952، أنجبت منه ابنته هدباء من مواليد 1947، وابنه توفيق من مواليد 1951 الذي توفي في عام 1973 عندما كان طالباً في السنة الخامسة بكلية طب جامعة القاهرة، وهو في الثانية والعشرين من عمره.

زوجته الثانية كانت العراقية بلقيس الراوي، تزوجها بعد أن ألقى قصيدة تعبر عن حبه لها في مهرجان المربد بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر، حيث أرسل إلى والدها وزير الشباب الشاعر شفيق الكمالي، فوافق والدها على الزواج وذلك عام 1969، بعد حب دام سبع سنوات بدأت عندما التقاها خلال أمسية شعرية في بغداد عام 1962، أنجب منها ولديه عمر وزينب ولم يتزوج بعدها.

أحداث مؤامة في حياته

مرّ الشاعر نزار قبّاني بأحداث مؤلمة في حياته وكانت ذكراها مأساة حقيقية أثرت على نفسيته وشعره وتفاصيل حياته، منها:  انتحار شقيقته وصال في عام 1938، بعدما أجبرها والدها على الزواج من رجل لا تحبه، حيث قال عنها في مذكراته: "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره"، ووصف نزار قباني حادثة الانتحار بقوله: "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... وفاة والدته عام 1976، مقتل زوجته الثانية بلقيس عام 1982 خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت، وفاة ابنه توفيق عام 1973، الذي رثاه في قصيدته :”الأمير الخرافي توفيق قباني”، حرب الخامس من يونيو عام 1967 التي قامت بها إسرائيل ضد سورية ومصر وتمكنت من خلالها إسرائيل من احتلال الجولان السوري، وسيناء المصرية، إضافةً للضفة الغربية وقطاع غزة، وعندها انتقل نزار من شاعر "الحب والمرأة" إلى شاعر السياسة.

 

  حكاية نزار قباني مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر 

 

في أعقاب نكسة 1967 التي هُزمت فيها الجيوش العرب أمام إسرائيل وهو ما شكل نقطة تحول في حياة نزار قباني ولوَّن الكثير من قصائده بعد ذلك، وأهمها قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" التي سببت منع بث أغانيه وأشعاره في مصر ووصلت حد منعه من دخول البلاد.    

 

وعلى أثر ذلك كتب رسالة إلى الرئيس جمال عبد الناصر جاء في جزء منها: "لقد أودعت قصيدتي خلاصة ألمي وتمزقي، وكشفت فيها عن مناطق الوجع في جسد أمتي العربية لاقتناعي بأن ما انتهينا إليه لا يعالج بالتواري والهروب وإنما بالمواجهة الكاملة لعيوبنا وسيئاتنا.

 

وإذا كانت صرختي حادة وجارحة وأنا أعترف سلفًا بأنها كذلك، فلأن الصرخة تكون في حجم الطعنة ولأن النزيف بمساحة الجرح...ولا أريد أن أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزيفه والمجروح على جراحه ويسمح باضطهاد شاعر عربي يريد أن يكون شريفا ً وشجاعًا… فدفع ثمن صدقه وشجاعته".

 

 قتلناك يا آخر الأنبياء

 

ونجحت هذه الرسالة في مبتغاها وعادت قصائد نزار قباني تردد في الإذاعة والتلفزيون المصريين، وكان يقول عن هذا "كسرت الحاجز بين السلطة والأدب"، وقد رثى نزار قباني جمال عبد الناصر بقصيدة بعنوان " قتلناك يا آخر الأنبياء".

 

جعلت سهولة لغة قصائد الشاعر الراحل نزار قباني والإيقاعات التي تفيض بها قصائده، مطربين كبار يطلبون غناءها بدءًا بأم كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وماجدة الرومي ليس انتهاء بكاظم الساهر الذي ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا باسم نزار قباني حيث غنّى له أكثر من 20 قصيدة كانت السبب الأول في شهرته.

 

ولا تقتصر القصائد المغنّاة لـ “نزار قباني” على قصائد الحب بل تعدّتها إلى القصائد الوطنية على رأسها "أصبح عندي الآن بندقية" التي تغنت بها سيدة الغناء العربي عام 1968.  

تم نسخ الرابط