السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

قبل شهر، أرسل الكاتب الصحفي الكبير "عاصم حنفي" مقاله الأخير لمجلة روز اليوسف، حيث خُصصت الصفحة الأخيرة لمقالاته الساخرة منذ ما يقرب من ربع قرن، كان المقال بعنوان (أميرة القلوب)، وكان الراحل ينعي فيه الأميرة ديانا بعدما تم تتويج كاميلا ملكة قرينة، عقب تتويج تشارلز الثالث ملكا على إنجلترا، بدأ الكاتب الراحل مقاله بإرسال الرحمات على روح الأميرة البريئة، وتخيلها بحسه الفكاهي الساخر تنتفض غيظا في مرقدها، وقد صارت غريمتها، ضرتها، ملكة إنجلترا، واختتم مقاله بوصفه إياها بأميرة القلوب والملكة المتوجة على عرش المحبين، وبرغم قراءتي لهذا المقال فور صدور المجلة، وقبل علمي بالوعكة الصحية التي ألمت بالراحل، والتي تسببت له في غيبوبة طويلة لم يفق منها، إلا أنني أعدت قراءته مجددا بعد رحيله ليلة أمس، بعد مشوار طويل في بلاط صاحبة الجلالة، فشعرت أنه أيضًا يصف نفسه، فهو أمير القلوب، والملك المتوج على عرش الساخرين.

 

فقد كان الراحل أحد رموز الكتابة الساخرة في الصحافة المصرية، والتلميذ النجيب والصديق الوفي لأهم كاتب ساخر في النصف الثاني من القرن العشرين، الراحل "محمود السعدني"، حيث اتخذ من البساطة، وانتقاء المفردات القريبة من رجل الشارع العادي مدخلا إلى قلوب القراءة كما فعل أستاذه من قبله.

 

والجميل في كتابات الراحل بشكل عام، هو أن السخرية فيها لا تأتي أبدا على حساب الجدية، حيث امتلك قلما صادقا، وفكرا حرا، وثقافة موسوعية هي حصيلة اشتباك حقيقي مع الحياة سواء داخل مصر أو خارجها، حيث كان الراحل يعشق السفر، والترحال، وله في ذلك كتاب بعنوان (بالطول والعرض رحلة إلى بلاد الخواجات)، كما أصدر له الكتاب الذهبي بمؤسسة روز اليوسف في عام 2017 عددا خاصا بعنوان (حواديت سفر)، وهي حواديت تصلح قراءتها في كل زمان ومكان، كما سائر كتاباته.

 

وإذا كان ما يجري في مدينة الضباب هو آخر ما شغل الراحل قبل وفاته، فتجدر الإشارة إلى أن لندن كانت المدينة التي قضى فيها ما يقرب من 8 سنوات مع أستاذه "محمود السعدني"، وقد كان لهما فيها ذكريات كثيرة ظل الراحل يحكي عنها حتى أيامه الأخيرة، وأذكر منها قصة مجلة 23 يوليو التي كانت تصدر من لندن، ويرأس تحريرها السعدني، وعندما اختلف مع رئيس مجلس إدارتها، قرر الأخير الاستغناء عنه، وترقية باقي فريق العمل إلى مناصب أعلى، براتب شهري أكبر ليغريهم بمواصلة العمل، فوافق الجميع وأبى عاصم حنفي الذي قال، جئت إلى لندن لأعمل مع محمود السعدني، ولن أعمل يوما واحدا في المجلة بدونه، وغادر المكان، وظل ملتصقا بصديق عمره منذ نهاية السبعينيات حتى رحل في 2010، واليوم، حان الوقت ليلتقي الساخران في عالم آخر.

تم نسخ الرابط