"أبو الغيط": المرحلة المقبلة تحتاج إلى تكثيف العمل العربي على الأصعدة كافة
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن المرحلة المقبلة تحتاج لتكثيف العمل العربي على الأصعدة كافة، بما يتفاعل مع المتغيرات ويسمح بالتكيف معها.
وقال "أبوالغيط" في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (160) اليوم إن الأزمات الاقتصادية التي يُعاني منها العالم، ومنطقتنا بطبيعة الحال، تُمثل أولوية متقدمة على أجندة دولنا جميعًا، مشيرا إلى القمة الاقتصادية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة والمقرر والتي أن تستضيفها موريتانيا قبل نهاية العام تحت شعار "الأمن الغذائي ضمانٌ للسيادة".
وأكد "أبوالغيط" أن هذا الموضوع يكتسب أهمية متزايدة في ضوء الاضطراب الواضح في سلاسل توريد الحبوب جراء الحرب في أوكرانيا، فضلًا عن تهديدات أخرى خطيرة، مثل الجفاف، الذي ضرب دولة الصومال لأعوام متوالية.
كما أشار إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بحث مشروع جدول أعمال تلك القمة، وتلقت الأمانة العامة عددًا كبيرًا من المبادرات المتعلقة بالأمن الغذائي والاقتصاد الأخضر والحماية الاجتماعية وغيرها، موضحا أنه يجرى الآن بلورة هذه المبادرات لتنسجم مع الشعار الأساسي للقمة التي نرجو جميعًا أن تُشكل نقطة فارقة في العمل العربي المشترك في هذا الملف المهم.
وقال "أبوالغيط" في كلمتة أنه "لا يخفى علينا جميعًا ما يكتسبه العمل العربي المشترك من أهمية مضاعفة، وقيمة أكبر، في ظل ما تشهده الساحة الدولية من ارتباك واضطراب وانعدامٍ لليقين".
وأضاف "إن الحرب المستمرة منذ 19 شهرًا في أوكرانيا، تمثل عودة مخيفة لصراعات القوى الكبرى، بكل ما تنطوي عليه هذه النوعية من الصراعات الضارية من انعكاسات خطيرة على السلم العالمي، في أبعاده الأمنية والسياسية والاقتصادية على حدٍ سواء".
وقال إن تطورات الفترة الماضية تشير إلى أن التعامل مع تبعات هذه الصراعات يقتضي تعزيزًا للعمل الجماعي بين الأطراف المختلفة، لتنسيق المواقف بين الدول الراغبة في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي، وتوفير منصات للعمل المشترك الذي يتناول القضايا التي تتعلق بصيانة المصالح الوطنية.
وقال "وأحسب أن الجامعة العربية قد نجحت خلال الشهور الماضية في التحرك، على أكثر من صعيد، من أجل تعزيز شراكاتها مع القوى الدولية المختلفة، باعتبار أن هذه الشراكات تُمثل رصيدًا استراتيجيًا مهمًا لدولنا".
وأشار إلى القمة العربية الصينية الأولى التي استضافتها المملكة العربية السعودية في ديسمبر الماضى والى الدورة الثالثة للحوار العربي الياباني التي انعقدت بالأمس.
وعبر عن التطلع في نوفمبر القادم إلى القمة العربية الإفريقية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، باعتبارها خطوة ضرورية وفي وقتها لترسيخ العلاقات مع شركائنا وأصدقائنا في إفريقيا التي تموج بتحولات نتابعها جميعًا.
وأكد أن هذه الشراكات وغيرها تعكس حركية مطلوبة، بل وضرورية لوضع المنطقة العربية على تماسٍ مع كتل وقوى دولية مختلفة، في أكثر من اتجاه، وحول كافة القضايا التي تتعلق مباشرة بمصالح المواطن العربي وهمومه.
وتطرق "أبوالغيط" إلى الوضع في السودان، قائلا "إن الأزمة في السودان لا زالت تتوالى فصولها، مُخلفةً كُلفةً هائلة بما يفوق الاحتمال على أبناء الشعب السوداني، فمع استمرار القتال في المدن السودانية، على النحو المؤسف الذي نتابعه، تتزايد أعداد الذين يفرون ويتركون بيوتهم، وتصير الحياة مستحيلة للسكان المدنيين، وتتداعى مؤسسات الدولة ومرافقها التي تُقدم الخدمات الأساسية، ونقترب أكثر من حالة الحرب الأهلية الشاملة التي لا نريد للسودان وأهله أن ينزلقوا إليها".
واكد أن المطلوب الآن هو التحرك على نحوٍ عاجل من أجل تحقيق الحل الشامل للأزمة الذي يقتضي -ابتداءً- وقفًا مستدامًا لإطلاق النار في كافة المدن السودانية، وبما يهيئ السبيل للعودة للمسار السياسي الذي يضمن وحدة الدولة ووحدة مؤسساتها، ووحدة قواتها المُسلحة.
واضاف انه برغم أولوية هذه الأهداف، والحاحها، فإننا نضع الاستجابة الإنسانية العاجلة أيضا في مقدمة أولوياتنا، مشيرا إلى انه في هذا الصدد، تم بعد التشاور مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية (التي أعدت دراسة تحصر الاحتياجات العاجلة للقطاع الزراعي السوداني) إطلاق مبادرةً لإنقاذ الموسم الزراعي، حيث دعوت وزراء الزراعة العرب الشهر الماضي للنظر فيما يمكن أن تقدمه دولهم لدعم المبادرة بهدف تحصين الأمن الغذائي للمواطن السوداني.
وعبر "أبوالغيط" عن الأمل أن تحظى هذه المبادرة بما تستحقه من دعم من الدول العربية.
كما تطرق "أبوالغيط" إلى الوضع في اليمن، قائلا "رغم خفض التصعيد، وتراجع حدة العمليات العسكرية في الشهور الماضية، فإن الوقف الشامل لإطلاق النار، فضلًا عن التسوية السياسية، ما زالت أهداف بعيدة المنال، وما زال الطرفُ الحوثي يضع العراقيل تلو العراقيل أمام مسار الحل، وكأنه راغبٌ في استمرار الوضع الحالي، بما ينطوي عليه من انقسام للبلد، ولمؤسساته، وأضعاف شديد لاقتصاده وقدراته".
وأكد أن الحفاظ على يمن موحد، ذي سيادة على كامل ترابه الوطني، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، هو الهدف الذي نسعى إليه جميعًا، وهو هدفٌ قابل للتحقق إذا أدرك الطرف الحوثي أن بإمكانه أن يكون جزءًا من عملية سياسية شاملة، وليس متحكمًا أوحد بقوة السلاح.
وقال إنه في سوريا، شهدنا خلال الشهور الماضية تطورًا مهمًا، نُرحب به جميعًا ونوجه التحية للدول الأعضاء التي أسهمت في استكماله.
وأردف "أتحدث عن استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة، وما صاحبه من استعادة للانخراط العربي في أزمتها، وفي التعامل مع أسبابها وكذا تبعاتها الصعبة التي يعاني منها اخوتنا أبناء الشعب السوري في المقام الأول، كما تمس دول جوار سوريا، وتتعلق بالأمن القومي العربي في مفهومه الشامل.
وعبر عن ترحيبه في هذا الخصوص باستمرار الانخراط العربي البناء، الذي انعكس في اجتماع لجنة الاتصال الوزارية الأخير الذي عُقد بالقاهرة الشهر الماضي، وما تمخض عنه من تعزيز لمواكبة الجامعة العربية لسوريا في جوانب أزمتها كافة، وتهيئة سبيل واضح للخروج منها وفق نهج تدريجي، وعلى أساس مبدأ خطوة مقابل خطوة، والقرار الأممي 2254.
وتطرق إلى القضية الفلسطينية، وقال "إنها قضيتنا جميعًا، تحدياتٍ خطيرة على رأسها المواقف التي تتبناها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، إنها حكومة برنامجها يقوم على الاستيطان لا السلام، وتسعى لضم الأراضي لا لحل الدولتين، إنها جزء من المشكلة لا الحل.. وهي تخلق، كل يوم، بسياساتها الاستفزازية، ما يُزيد الموقف في الأراضي المحتلة اشتعالًا".
وقال إن على المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة نحو وقف هذا الوضع المتدهور، والذي يُنذر بانفجار لا يتمناه أي طرف فلا ينبغي أن يُسمح لحكومة الاحتلال بتصدير أزماتها الداخلية إلى الساحة الفلسطينية، وتتعين مواجهة العناصر المتطرفة في هذه الحكومة وعدم التسامح مع خطابهم العنصري وعنف المستوطنين الذي يحرضون عليه، وسياسات الأبارتايد التي يروجون لها، ويباشرون تنفيذها في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية كل يوم.



