السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مصر تتحدث عن نفسها!

بوابة روز اليوسف

أخيرا.. ظهرت النغمة التي كانت مفقودة في «كورال» الحوار السياسي في مصر!

فمنذ بدأت «لجنة الاستماع» عملها والكورال يبدو من طراز واحد من الأصوات، ويغني علي نغمة واحدة مملة: محاكمة الماضي، وتمزيق أوصاله، وتحويل تراث عبدالناصر إلي قطع غيار يصاغ منها بناء مختلف عن الذي أقامه.

ولم تكن هذه النغمة بالطبع جديدة، ولا غريبة، ولكن الجديد، والغريب، كان انفرادها بالعزف، واختفاء نغمة يوليو الثورية، ومسكوت الذين علمهم يوليو الكلام وعلمهم أن يرفعوا رؤوسهم لأنه قد مضي عهد الاستبداد!

وبسبب هذا السكوت بدأ كورال لجنة الاستماع يتصور أنه مصر، ويتفشي ريشه باسمها، ويحول أحلامه الخاصة إلي شعارات عامة، ويستعد تحت لواء هذه الشعارات لتسلم القيادة.

لكن الذين علمهم يوليو الكلام واثقين أن هذا الكورال لايمثلهم، وكانوا يبحثون عن صوتهم فيه فلا يجدونه، كانت أصواتهم نغمة مفقودة في الحوار الذي قيل أنه يجري لكي تسمع القيادة رأيهم وتعمل به!

ثم فجأة.. في الأسبوع الماضي.. عادت النغمة المفقودة.

تذكرت لجنة الاستماع العمال، ودعتهم للكلام، إذا بهم ينقلبون المائدة، ويمزقون في جلسة واحدة ما حاول الكورال المزيف أن يخدع به الناس في جلسات متعددة: خرافة أن الثورة أضرت بمصر، وأن عبدالناصر كان وبالا علي المصريين، وأن مصر في ظله كفرت بالله وأن الفارين الذين عادوا بعد موته هم المصريون الحقيقيون، وأنه لا أحد غيرهم يملك لمصر السعادة وطوق النجاة.

صرخ العمال في وجه هؤلاء: أنتم تكذبون! وأعلنوا أن كورال الأسابيع الماضية لا يعبر عنهم، ولايتضمن صوتا واحدا منهم، واتهموا قادة هذا الكورال بالتزييف، وتطرف البعض فاتهمهم بالخيانة، وبالعمالة للمخابرات الاستعمارية.

وفي نفس الوقت صرخ الفلاحون في أقصي الجنوب، في أسوان، واتهموا الأفكار التي ترددت في لجنة الاستماع - باسم مصر - بأنها «أفكار مستوردة من القاهرة»!

وفي الشمال، في محافظة البحيرة، أعلن الناس، استعدادهم للحرب ضد هذه الأفكار، وضد كل الذين زعموا - أو يزعمون - أنها تعبر عنهم.

وفي صحيفة اتحاد النقابات صدرت الصفحة الأولي بعنوان أحمر كالدم، يذكر كورال لجنة الاستماع بأن استمرار تهجمه علي ثورة يوليو، ورفضه لصيغة التحالف التي وضعها عبدالناصر - إنما بدفع البلاد إلي حرب طبقية.

وهكذا، بعد أسابيع من العزف المنفرد، عادت تظهر النغمة التي كانت مفقودة منذ بدأ الحوار السياسي في مصر.

عادت الأصوات التي علمها يوليو الكلام تتكلم.. وبعد أن كانت محاضر لجنة الاستماع سجلا للنهجم علي يوليو، والمطالبة بتصفية آثاره.. بدأت هذه المحاضر تسجيل تمسك مصر بتراث الثورة، ومكاسبها، وبعد أن كان الكذب منفردا علي المسرح، بدأ الصدق يقتحمه.. وبدأ صوت مصر الحقيقي يفرض نفسه علي أعلي أصوات الكورال المزيفة.

وليس المهم هنا ما كان يقول الكورال، الآن بدأ يقول الصوت الجديد الذي كان مفقودا فيه حتي الأسبوع الماضي.

وليس المهم الخطأ أو الصواتب فيما قاله الكورال، أو فيما قال الصوت الجديد.. سواء حول الاتحاد الاشتراكي، أو جول الأحزاب، أو حول أية قضية أخري تناولها الحوار.

المهم هو أنه، أخيراً بدأت تفرض نفسها نغمة كانت مفقودة.

المهم هو أنه - بعد أسابيع من الاستماع إلي الذين ادعوا أنهم يتكلمون باسم مصر - بدأت مصر نفسها تتكلم!  

صباح الخير العدد 2416

تم نسخ الرابط