6 أكتوبر بعد ست سنوات!
جبهة الرفض ولدت قبل حرب أكتوبر
وانفضت بعد بيانها الأول
تدعم النفوذ السوفيتى بعد هزيمة أكتوبر
وانهار بعد انتصار أكتوبر!
خبراء القتال يؤكدون نهاية عصر الطائرة والدبابة وبداية عصر الدفاع الذري
القوتان العظميان كانتا ترفضان الحرب حتى لا يتورط العالم كله
عرض لأبحاث المتخصصين اضبطوا ساعاتكم.. راقبوا عقاربها الصغيرة بشغف..
الثانية تماما من بعد ظهر اليوم..
سعت 1400 بلغة الثكنات العسكرية
تمر 6 سنوات على ساعة «صفر» حرب أكتوبر..
في الثانية تماما من بعد ظهر اليوم..
اقرأوا هذا التحقيق.
وجهي وجواز سفري:
أسحب جواز سفري من درج مكتبي «وألثمه».
قبل السادس من أكتوبر 1973.. كانت صورتي مشوشة وغائمة وقبيحة.
كانت عيناي مغارتين تعشش فيهما الوطاويط والعناكب.. وكان فمى خليجا مليئا بحطام المراكب الغارقة.. وكانت علامتی المميزة في جواز سفري هي أننی أحمل على جبينى ندبة عميقة اسمها «5 حزيران».
أما عمري في جواز سفري القديم.. فقد كان مشطوبا.. لأن العالم كله يعتبرنى بلا عمر.
واليوم 6 أكتوبر 1973.. اليوم فقط.. سجلونى طفلا شرعيا في دفاتر الوطن.
اليوم.. اليوم فقط.. يبدأ أول أيام عمرى.
المصدر
نزار قبانى
«الكتابة عمل انقلابى»
الأساطير العسكرية انهارت
بددت حرب أكتوبر العديد من الأساطير والأوهام التي سيطرت على الفكر العسكرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.. تعرضت النظريات التي ظلت مقبولة لفترات طويلة للشك في قيمتها.. من بينها الهدف أصلا من إنشاء حلف الأطلنطى ذاته.. فدول الحلف رفضت تقديم تسهيلات الهبوط والوقود للجسر الجوى الأمريكي الطائر إلى إسرائيل ولم تتمكن الطائرات الأمريكية إلا من استخدام مطار واحد في جزر الآزور بعد أن وعدت أمريكا البرتغال بتأييدها في الأمم المتحدة عند مناقشة قضية إحدى مستعمراتها.
وفي وقت متأخر نقلت الولايات المتحدة كميات من العتاد الحربي من مخزون الحلف في أوروبا وأرسلتها سرا إلى إسرائيل.. ودون أن تكلف نفسها بواجب إبلاغ الدول التي كان هذا المخزون موجودا في أراضيها.. بينما كانت تفعله.. الأمر الذي أثار سؤالا حول ما إذا كان الهدف من الحلف يأتى من حيث الأهمية بعد المصالح الثنائية الأمريكية.. وإذا كان الأمر كذلك فماذا يكون أن يحدث لو شن حلف وارسو هجوما على دول أوروبا الأعضاء في حلف الأطلنطى؟!
فى عام 1973 فوجئ العالم بالحرب تندلع في الشرق الأوسط!
لم يكن لدى الاتحاد السوفيتى أو الولايات المتحدة الرغبة في إثارة النزاع في الشرق الأوسط.. لرفضهما للحرب.. ولخوفهما من اشتعال حرب عالمية ثالثة تبدأ من هذه المنطقة المتجددة السخونة.
قبل حرب أكتوبر، كانت الاستراتيجية العربية ضعيفة ومذبذبة.. ومشكلة فلسطين التي كانت عنصر تجمع الدول العربية كثيرا ما كانت أهم أسباب التفرقة بينهم.
كانت الاستراتيجية العسكرية العربية بوجه عام تعتمد على شن حرب الاستنزاف ويبدو أن هذه الاستراتيجية مستمرة الآن لأن الدول العربية تمر بمراحل متفاوتة من التنمية الاقتصادية والعربية.. تفرض عليها صعوبة تكوين جبهة واحدة متجانسة.. وهي تعتمد في ملامحها العامة على النفس الطويل وعدم تعجل الوقت والكثرة البشرية والأسلحة التكنولوجية والروح المعنوية.
وبالنسبة لإسرائيل أحدثت الحرب انقلابا تاما في استراتيجيتها.. إذ قذفت بها بصلف من موقف الهجوم إلى موقف الدفاع.. فمنذ نشأتها وهي تتخذ وضعا عسكريا هجوميا.. بل إن الأركان العامة الإسرائيلية لم تعبأ بالتفكير في الوضع الدفاعي.. ولم يكن في إسرائيل موقع دفاعي واحد حتى أكتوبر 1973.. وليس هذا غريبا على دولة اعتمدت في قيامها على إنشاء قوة عسكرية قادرة على تأديب دولة ضعيفة ومنقسمة من حولها.. وتستطيع تأديب كل منها على حدة.
وقد أكثرت إسرائيل من دعايتها حول ضعف المقاتل العربي.. إلى حد أن العرب أنفسهم شكوا في أحيان كثيرة في قدراتهم العسكرية.. إلى أن فوجئوا في أكتوبر 1973 بالجنود العرب يحطمون القيود ويقهرون الإسرائيليين ويأسرون المئات منهم ويسقطون المئات من طائراتهم ويدمرون المئات من دباباتهم.. وخلاصة القول أن الجنود العرب قضوا على أسطورة «السوبرمان» الإسرائيلى الذي لا يقهر.

وانطبقت على العرب نظرية نابليون الشهيرة التي يرى فيها أن النسبة بين الروح المعنوية والعتاد الحربى تبلغ ثلاثة إلى واحد.
لقد انتهت حرب أكتوبر بخسائر تقدر بنحو 500 طائرة وأكثر من 2500 دبابة.. فقدت فيها إسرائيل النصيب الأكبر.. أما القذائف والصواريخ والذخائر فقد وصلت إلى معدلات لم يسبق لها مثيل.. وقد أدى هذا الارتفاع في معدل الخسائر إلى بث القلق في نفوس مخططى حلف الأطلنطى.. وسرعان ما أعادوا تقييم مستويات ما لديهم من المخزون وخطوط الإمداد.
ولم يكن هذا هو الدرس الوحيد الذي لقنه المصريون للعالم في حرب أكتوبر.. كانت هناك دروس عسكرية لا حصر لها.. منها تطوير استخدام الأسلحة التقليدية والتأكيد على أنها لم تفقد فاعليتها.. براعتهم في استخدام شبكات الصواريخ ونظم الدفاع الجوي.. إعادة النظر في أهمية الدبابة في حروب المنطقة.. إعطاء أهمية أكثر لدور الطائرات العمودية.
أما عن الثغرة.. فأنا أرى أنها ضربة حظ.. فالشىء الذي لا يمكن أن يصدقه عقل.. كيف يمكن أن نتصور إمكانية سحب الإسرائيليين لكوبري طوله 200 متر ووزنه 500 طن مسافة 20 كيلومترا عبر ميدان قتال دون أن تصيبه أضرار! ولكن هذا ما حدث بالفعل.. ضربة حظ،.. رغم أن الإسرائيليين لا يعترفون بهذا أبدا.
لكن يكفي اعترافهم بأن المصريين حاربوا.
المصدر
الجنرال إدجار أوبالانس
بحث تأثير حرب أكتوبر
ملاحظة أمريكي متقاعد:
عسكريا أسجل لحرب أكتوبر:
1- إثبات المصريين أن المفاجأة التكتيكية الأولى في الحرب يمكن أن تتم بهجوم أرضي يشن بالتنسيق مع مناورات عسكرية متكررة على نطاق واسع.
2- تقييم معلومات المخابرات للتيقن من نية العدو في الهجوم لا من مجرد قدرته عليه يتطلب درجة عالية من الكفاءة ومن الحس المرهف.. أيضا.. كفاءة المخابرات العسكرية ليست كافية على كل حال.. إذ يحتاج الأمر كذلك إلى الثقة من جانب صانعى القرارات في تقديراتهم الحكيمة للأمور.
3- من المؤكد أن حرب أكتوبر لم تبرهن على نهاية الدبابة بوصفها السلاح البري المسيطر.. ولكن ربما سجلت بداية تدهور أهميتها وفاعليتها ودورها.. أيضا لم يعد التفوق الجوي هو العنصر الحاسم في أي معركة.
4- عجلت حرب أكتوبر بأهمية استخدام الصواريخ التكتيكية أرض - أرض وظهور الإجراءات الوقائية الموسعة ضد وسائل الحرب الكيمائية والبيولوجية والإشعاعية.. مما يعني حتمية توقع استخدام هذه الأسلحة في أول حرب قادمة يشهدها العالم. المصدر
كولونيل متقاعد جيمس ف.
القوات الجوية الأمريكية
أسعفتنى الدموع
من بين جميع الأحداث التي عالجتها في مذكراتى الشخصية هذه.. لم أجد صعوبة في الكتابة كصعوبة الكتابة عن حرب يوم كيبور. لا أستطيع أن أصور أو أشبه تلك الأيام.. يكفي أن أقول إني لا أستطيع البكاء وأنا وحيدة.. ولكني في تلك الأيام بكيت.. لم تنقذنى سوى دموعي من الانهيار..
لقد مرت الأيام وأنا بالكاد أستطيع النظر في عيون الآباء.. لأنني لا أستطيع بل لا أقوى على إخبارهم بمصير أبنائهم.
وكنت عاجزة عن مقابلة زوجات أو أخوات أو أمهات القتلى والمفقودين.. كانوا يريدون مني معلومات ولو كاذبة عنهم.. أرادوا التعلق بحبال الوهم الممزقة.
وهل أنسى وزير دفاعي موشى ديان وهو يرتجف بعد عودته من الجنازات المؤلمة بعد الحرب والأطفال يرمونه بالصرخات واللعنات: «أنت قاتل.. قتلت آباءنا»، وكانت الندابات يهززنه من يديه «صارخات»: «قاتل.. قاتل».
المصدر
جودا مائير
كتاب «حياتى»
لم يفروا
أما حرب يوم الغفران.. فقد كانت مختلفة.. لم تكن الحرب صعبة القتال فحسب، وإنما كان جو القتال فيها شاقا.. كان علينا التعامل مع قوات ضخمة، مسلحة بكميات كبيرة من المدرعات والمدافع والصواريخ أرض - جو الجبارة.
أما فيما يتعلق بمستوى قتال الجنود العرب فيمكنني تلخيصه في عبارة واحدة: «لم يفروا».
المصدر
موشى ديان
كتاب «قصة حياتي»
الثورة والثروة
أي محاولة لتفسير ردود الفعل العربية تجاه التصدي الصهيوني يجب أن تبدأ بتحديد العوامل التي أثرت على الموقف العربي قبل حرب أكتوبر والتي لاتزال تلقي بظلالها.
ويمكن تحديد هذه العوامل في ثلاث.. أولها: الشرق الأوسط في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى والتي أوجدت شعورا معاديا للغرب في المنطقة.. وثانيها: اختلاف درجات التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بين الدول العربية وبالذات بعد اكتشاف البترول.. وثالثها: آثار الحرب الباردة والاستقطاب الدولي على المنطقة.
لقد أحدثت حرب أكتوبر آثارا عديدة على المستوى الإقليمى والدولي.. غرست الإحساس بالقدرة على الإنجاز والتغيير.. وبرزت روح واقعية في السياسة العربية تنظر إلى الواقع كما هو وليس كما تريد أن تراه.
في العالم العربي انتهت التطورات السياية بعد الحرب العالمية الثانية إلى إمكانية التمييز بين مجموعة راديكالية اشتراكية تضم مصر والجزائر وسوريا والعراق واليمن من جانب.. ومجموعة تقليدية إصلاحية تضم السعودية والأرد والمغرب والكويت من جانب آخر.. واستمر الصراع بين هاتين المجموعتين حتى حرب يونيو 1967.
بعد الهزيمة وموت الرئيس جمال عبدالناصر ونشوب حرب أكتوبر انفتح الطريق أمام تحالفات جديدة للقوى في العالم العربي.. ويتمثل محور هذا التوازن الجديد في الائتلاف بين ثلاث دول «مصر والسعودية والجزائر»، تحدد هذا الائتلاف على أساس: أن هدف تحقيق الوحدة العربية من خلال الثورة قد توارى في هذه المرحلة لتحل محله مفاهيم التعايش السياسي والرغبة العملية في التعاون الاقتصادي.. وعلى أساس وجود رغبة مشتركة للوصول إلى حل سياسي للمشكلة الفلسطينية وتقرير حق الفلسطينيين.
وبرزت في مواجهة الائتلاف الجديد ما تسمى بجبهة الرفض «العراق وليبيا واليمن الجنوبية»، والتي عبرت عن ضرورة استمرار الصراع المسلح ضد إسرائيل.. ولكنها لم تتمكن من أن يكون لرأيها صدى لعدم اشتراكها في حرب أكتوبر الأمر الذي قلل من تقبل مواقفها إزاء الرأى العام العربي.

المصدر
د. بطرس بطرس غالي
بحث: حرب أكتوبر والتوازن العربي الجديد
99٪ من أوراق اللعبة
تخطت حرب أكتوبر كل التنبؤات الأمريكية.
كانت أمريكا تعتبر العرب بما فيهم مصر «جثة هامدة» ودخولهم الحرب افتخارا.
لكن الحرب أثبتت قدرة الطرف العربي على المبادأة واتخاذ قرار الحرب.. وأثبتت من ناحية أخرى فشل النظرية القائلة بأن الدعم الأمريكي الشامل لإسرائيل يضمن لها التفوق المطلق على الخصم العربي في كل الظروف.
وقد كانت تلك التصورات المخطئة نتاجا لوضع التفوق الإسرائيلي طيلة ربع قرن من الزمان في مواجهة الخصم العربي.
لكن.. القيادة الأمريكية خاصة كيسنجر وزير الخارجية.. كانت ناجحة في استيعاب هذه المفاجأة الضخمة وعدلت من تصوراتها للموقف ولإمكانيات التحرك الأمريكي الجديد.. حتى إن كيسنجر أعلن بعد توقف القتال: «نحن الآن في نقطة حاسمة.. وفرص السلام في الشرق الأوسط مفعمة بالآمال».. وفى سبتمبر 1975 قال الرئيس السادات: «نحن نحاور كيسنجر من موقع الند للند».. «لقد قلت وأقول إن إسرائيل حقيقة.. وإسرائيل بالقوتين الأعظم حقيقة».. وأدركت القيادة الأمريكية موقف مصر الجديد فسعت إلى إعادة الجسور وتنمية العلاقات معها.. وبلغة أكثر صراحة عبر الرئيس السادات عن فهمه للدور الأمريكي في تحريك الأزمة بقوله إن 99٪ من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية.
وتحركت أمريكا بالفعل لتسوية أزمة الشرق الأوسط سلميا.
وبدأت رحلات المكوك.. كيسنجر للحل.
المصدر
د. محمود خيري عيسى
بحث: أمريكا بعد حرب أكتوبر
انقلبت الآية!
اختار السوفييت أن يبدأوا بتأييد محاولة إنشاء دولة يهودية على جزء من فلسطين العربية في 1947، وذلك عندما قرروا أن يؤيدوا قرار التقسيم، ثم جاء اعترافهم بإسرائيل في 17 مايو 1948 ليصبح الاتحاد السوفيتي ثاني دولة تعترف بإسرائيل بعد الولايات المتحدة.. ثم توالت سلسلة من التأييد للدولة الوليدة.
ومن الغريب ما هو معروف بالطبع من تناقص هذه المواقف مع الموقف الأيديولوجى السوفيتى من الصهيونية.. إلا أنهم يعللون موقفهم على أي حال بمبدأ حق تقرير المصير وعلى أساس أنهم رأوا في إسرائيل تحقيقا لحركة تحرير الشعب اليهودي في فلسطين.
وبالإضافة إلى ذلك اعتبروا الدولة اليهودية الناشئة أكثر ملاءمة لأهداف السياسة السوفيتية في الشرق الأوسط من الدول العربية مجتمعة.. فقد قدر السوفييت أن اليسار قد يلعب دورا مهما في إدارة الدولة الجديدة بحيث تصبح كيانا تقدميا ولو بصورة نسبية عن الكيانات العربية السائدة في ذلك الوقت.
ولا يمكن إنكار أن المواقف السوفيتي قد تغير إلى الصورة المضادة تماما.. وساند السوفييت العرب.. إلا أن خلافا حادا.. لم يكن متوقعا.. نشب بين مصر والسوفييت منذ قرار طرد الخبراء السوفييت من مصر.
والمعارضة السوفيتية يمكن أن ترد إلی أكثر من سبب.
إن التوصل إلى التسوية السلمية قد تم في إطار الدبلوماسية الأمريكية وحدها وفي غيبة كاملة للدور السوفيتي.
إن الاتحاد السوفيتي لا يمكن أن يقبل ببساطة بوجود الفنيين الأمريكيين الذين يتولون تشغيل محطات الإنذار المبكر في سيناء، وما حدث بعد ذلك من دخول أمريكا كشريك كامل في الأزمة وهو الذي كان يعارض دائما وجود قوات للطوارئ الدولية تقوم بمهمة حفظ السلام.
إن الاتحاد السوفيتي - ربما قبل هذا وذاك - لم يكن راضيا في الفترة الأخيرة بالقطع عن التطورات الداخلية في مصر والتي اعتبرها ردة واضحة عن الطابع التقدمي للنظام المصري.
وهكذا بينما كان المتوقع بعد هزيمة 1967 أن تتدهور المكانة السوفيتية في الشرق الأوسط إلى حد بعيد فإذا بها تحقق فيه من النجاح ما لم تحققه في أي وقت من الأوقات.. نجد أن التوقعات بعد حرب أكتوبر كانت تشير إلى نجاح متزايد لسياسة السوفيتية في الشرق الأوسط فإذا بها تواجه انتكاسة خطيرة في دولة من أهم دول المنطقة وأكثرها تأثيرا.
المصدر
د. خيري عيسى
د. أحمد يوسف
بحث: السوفييت بعد حرب أكتوبر
هيستريا الانهيار!
حينما نشير إلى آثار حرب أكتوبر على الاقتصاد الإسرائيلي فإننا لا نقصد بذلك التكاليف والأعباء المباشرة وغير المباشرة لأيام القتال، فهذه الآثار وإن كانت ذات أهمية قصوى إلا أنها ليست هي مقصدنا الأساسي، فالظروف الاستثنائية التي عاشها الاقتصاد الإسرائيلي تتجاوز بكثير أيام القتال الفعلي.. وآثارها تمتد حتى اليوم، خاصة أن حرب أكتوبر قد ولدت شعورا راسخا باحتمال تجدد القتال.
أيضا لابد أن نلاحظ أن الآثار المترتبة على حرب أكتوبر 73 أنها تتأتى عن طريق دراسة التطور الاقتصادي الإسرائيلي بين 67 و1973. لذلك فحرب أكتوبر جاءت لتعمق من الأزمات التي كان يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي فيما قبل الحرب، وزاد من تأثير هذه الأزمات أن الحرب جاءت مفاجئة للمخطط الإسرائيلي.. ولم تؤد نهايتها إلى حالة الاسترخاء العسكري وفرضت عليها حالة تعبئة مستمرة.. وفرضت على المنطقة هيستريا السلاح.
زادت النفقات العسكرية في عام 1973 بنسبة 175٪ وزاد ذلك من التضخم واستمرار العجز في ميزان المدفوعات.. ونفس الإنتاج القومي بنسبة 25٪ لتحول ثلث القوى العاملة إلى الاحتياط.
وقد ترتب على هذه الإجراءات تباطؤ في مستوى النشاط الاقتصادي سوف يترتب عليها انخفاض في حجم الاستثمارات في 1975 بمقدار 70٪.. ويبدو أن التقديرات السابقة تجافى الحقيقة إلى حد كبير.. ذلك أن هناك عاملا مهما يجب أن يؤخذ في الحسبان عند تقدير حجم الاستثمارات عموما.. ألا وهو حجم الهجرة السكانية.. فالهجرة أحد العوامل الديناميكية المهمة لتحريك النمو الإسرائيلي.. إذ يترتب على الهجرة ارتفاع حجم الاستثمارات في أنشطة معينة تدفع بدورها إلى ارتفاع مستوى النشاط الاقتصادي في أنشطة أخرى، وقد ترتب على الحرب انخفاض حد الهجرة السكانية الصافية إلى إسرائيل بمتوسط هجرة سنوي قدره 50 ألفا خلال السنوات التالية للحرب.
وبالأرقام: زادت وسائل الدفع بنسبة 20٪ ووصل معدل ارتفاع الأسعار لنسبة 58٪ وانخفضت الليرة فورا بنسبة 42٪ وقفز العجز في ميدان المدفوعات إلى 2٫4 بليون دولار.
المصدر
د. عمرو محيي الدين
بحث: أكتوبر والاقتصاد الإسرائيلي
آخر الحروب
جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين لكي نبني حياة جديدة.. لكي نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض.
أقول لكم: إن حرب أكتوبر ستكون آخر الحروب.
المصدر
محمد أنور السادات
خطاب الكنيست - 1977
روزاليوسف العدد 2678



