السادات يرفض الفخ الرجعي!
شبابنا والمهزلة السويسرية
السادات يرفض «الفخ» الرجعي!
وزارة جديدة في سوريا؟
رفض أنور السادات النصيحة الرجعية التقليدية بإغلاق الباب الذي تجئ منه الريح!
رفض كلمة «الحكماء» الذين يدعوننا صباح مساء أن نشتري الراحة والسلامة بطي صفحة يوليو، والتخلص من متاعب التقدم والاشتراكية، وبيع طموحنا الوطني بلحظات من النوم الغبي الهنئ!
وقبل السادات رفض جمال عبدالناصر هذه الحكمة، وقبلهما رفضها سعد زغلول وقبلهم رفضها عرابي، وكان الحكماء في كل حالة مختلفين، لكن النصيحة كانت نفس النصيحة: إغلاق باب المستقبل هربا من رياحه المزعجة!
وقد دفع ثمن هذا الرفض عرابي، وسعد، وجمال، لكن الأول غرس في الشعب بذور الحركة الوطنية، والثاني حولها إلي عقيدة، والثالث جسدها في انتصارات تاريخية، ونفسي التاريخ أسماء الحكماء جميعا، بينما بقيت - وستبقي إلي الأبد - أسماء الذين رفضوا الإنصات إليهم، والذين وصفوا جميعا، علي اختلاف أجيالهم، بأنهم من «صناع المتاعب»!
والآن جاء السادات يعلن في عيد يوليو أنه استمرار لنفس القادة، ويكرر الرفض النفس حكمة الحكماء، وبدلا من أن يعتذر - كما كانوا يأملون - عن تاريخ ثورة يوليو، ويتبرأ من جمال عبدالناصر، ويتنكر للآمال الاشتراكية، ويتصالح مع الاستعمار العالمي.. اتهم الذين يدعون إلي ذلك «بأنهم قلة معزولة عن واقع شعبنا وظروفه القاسية»، وذكرهم بأن متاعب مصر ليس سببها الثورة، وإنما الاستعمار، وأن النجاة من المتاعب ليست في إنهاء الثورة، وإنما في إنهاء الاستعمار.
ولم يكن السادات بهذا يعبر عن رأيه وتجربته، وإنما عن رأى الشعب المصر كله وتجربته.
إن الزعيم المصري الوحيد الذي جرب حكمة الحكماء في تاريخنا الحديث، وهو مصطفي النحاس، لم يحقق بمهادنة الملك والاقطاع إلا نتيجة واحدة: هي إقناع الشعب بالحاجة إلي ثورة جديدة، تنجز الرسالة التي عجزت عن إنجازها ثورة 1919.
ولأن أنور السادات عاصر هذا الدرس منذ صباه، فإنه لم يسقط في الفخ الذي يحاول حكماء اليوم - منذ تولي السلطة - أن يستدرجوه إليه.
لم يغب عنه أنه نفس الفخ القديم مطليا بألوان جديدة.
ولم ينس، وهو الرجل الذي أذاع أول بيان للثورة عام 1952، أن يجدد البيان بعد 22 عاما، ويكرر نفس معانيه، ويؤكد الإصرار عليه.
ولن يكون غريبا أن يوصف أنور السادات غدا، بسبب هذا الموقف، بأنه «صانع متاعب» آخر.. يواصل طريق صناع المتاعب السابقين.
لكن طريق المتاعب هذا هو طريق الشعب الذي تحرر من ذلك، واسترد كرامته، وانتزع من مخالب اللصوص خبزه، وكبر علي نزوات أسياده وسياطهم ووحشيتهم، ولم يعد مستعدا أن يبيع كل هذا خوفا من رياح تهب عليه.
إن الشعب يدرك اليوم، كما أدرك أبطاله، في الماضي، وكما أكد السادات في خطابه يوم 23 يوليو.. أن إغلاق الباب الذي تهب منه الريح معناه إغلاق باب المستقبل.
أن الأبواب الوحيدة التي لا تهب منها الريح هي أبواب المقابر، وكل باب آخر مفتوح علي الحياة لا مفر من أن تهب منه علينا رياح! وإصرار السادات علي أن تظل أبواب يوليو مفتوحة، معناه أنه مصمم علي أن يظل يوليو حقيقة حية.. حاضرة ومستقبله، وأنه يريد أن يعفي شعبنا من الحاجة إلي ثورة أخري!
روزاليوسف العدد 2407



