مع نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي ضخ المستثمرون أموالًا في الملاعب والأندية والسلع السنوية المرتبطة بالرياضة، وبالذات في الرياضة الأكثر شعبية في العالم حتى الآن، كرة القدم، مع اختفاء ظاهرة "الولائية" للنوادي، بعد أن أصبح الشاغل الأساسي للقائمين على اللعبة الشعبية تقديم عرض يحوي أكثر العناصر بريقًا ولفتًا للانتباه، واهتمام لاعبين بذواتهم الفردية، ومرونة كبيرة في التنقّل والاندماج في نوادٍ وبيئات لعب جديدة، فغير الكثير من الأندية وجهه الاجتماعي التقليدي ليصبح معبرًا عن مستثمرين وممولين عابرين للجنسيات، والسؤال هل يستمر العرض الكروي في توليد الأرباح بالشكل المتوقع؟ أم يكون هذا الاستثمار في كرة القدم فقاعة من الفقاعات المالية التي ستنفجر قريبا؟ لذا حرص البعض منهم في الاحتماء بالمثل الشهير "لا تضع كل البيض في سلة واحدة" بمعناه البسيط.
فمن مصر يملك رجال أعمال مصريين استثمارات في المملكة المتحدة وأوروبا، فقد استحوذ رجل الأعمال ناصف ساويرس، أغنى رجل أعمال في مصر، على شركة أوراسكوم للإنشاءات والصناعة، والتي تعمل بنشاط المقاولات ولديه استثمارات ضخمة في أوروبا أشهرها 55% من نادي أستون فيلا الإنجليزي و46% من أسهم فيتوريا جيماريش البرتغالي، وأكبر مستثمر في "أديداس" للملابس الرياضية، وشركة OCI N.V وهي شركة أسمدة نيتروجينية هولندية يُقدر رأسمالها بـ5.3 مليار يورو، وتعد من أهم الشركات المنتجة للصناعات الكيماوية عالميًا. وارتفعت ثروة ناصف ساويرس، البالغ من العمر 58 عامًا، لتسجل 7.9 مليار دولار - ما يعادل 131 مليار جنيه - مقارنة بثروة تقدر بنحو 8.4 مليار دولار، في بداية شهر مارس الماضي.
اما أخوه الملياردير سميح ساويرس فلم يستثمر في الكرة بل استحوذ عبر مجموعته Raiffeisen Touristik Group على امتياز شركة توماس كوك في ألمانيا، هي أولى استثماراته في أوروبا، يمتلك الأخ الاصغر للإخوة الثلاث من عائلة ساويرس شركة أوراسكوم للفنادق التي تمتلك 35 فندقًا في مصر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وسويسرا، ومن المخطط أيضا إقامة مشاريع فندقية في الجبل الأسود والمغرب. كما يمتلك ساويرس 74.9% من مجموعة رايفايزن للسياحة Raiffeisen Touristik Group، التي تحقق حوالي 3.5 مليار يورو من المبيعات سنويا، وتضم المجموعة العلامة التجارية أوتو ريسلاند، وتوماس كوك هولندا و700 وكالة سفر خاصة. كما أنه ليس المصري الوحيد الذي يمتلك استثمارات بالقارة العجوز، وبحسب آخر تقرير لموقع فوربس فإن حجم ثروة سميح ساويرس يقدر بنحو 1.1 مليار دولار.
لم يكن ناصف ساويرس أول مصري يستثمر في الرياضة، فمنذ قرابة 40 عاما بدأ الاستثمار العربي في كرة القدم الأوروبية ووصل بعضه إلى نتائج مرضية مثل ما يحدث في نادي مانشستر سيتي الإنجليزي. وكان الملياردير المصري محمد الفايد، والد عماد "دودي الفايد" عشيق الأميرة ديانا، هو أول المستثمرين العرب في الأندية الأوروبية، عند شرائه الحصة الأكبر من نادي فولهام الإنجليزي عام 1997. استحوذ الفايد على فولهام لقاء صفقة قدرت حينها بنحو 6.25 ملايين جنيه استرليني (نحو 7.73 ملايين دولار). وبرغم التدهور المالي لفولهام في السنوات اللاحقة، والذي اضطر الفايد لبيعه للمستثمر ذي الأصول الباكستانية شهيد خان عام 2013، إلا أن الملياردير المصري حقق أكبر إنجاز على المستوى الأوروبي الذي يقع جنوب غرب لندن، بإيصاله إلى نهائي الدوري الأوروبي. واللافت أن القيمة السوقية ارتفعت بشكل كبير عند بيع النادي من قبل الفايد، إذ دفع شهيد خان 150 مليون جنيه استرليني (185.3 مليون دولار) للهيمنة على فولهام.
في عام 1983، كان تشيلسي يستعد لبدء رحلته في المستوى الثاني في الكرة الإنجليزية وحينها شهد قميصه الأزرق وضع إعلان أول في تاريخه وهو لشركة طيران الخليج، وبعد 13 سنة اقتنص محمد الفايد فرصة شراء فولهام الإنجليزي قبل ثلاث سنوات من بدء طيران الإمارات مشوارها لتصبح أكبر رعاة الأندية في العالم. واتسعت أعين العرب على هذه السوق عندما قرر الشيخ منصور بن زايد في 2008 شراء نادي مانشستر سيتي وتغيير تاريخ الكرة الإنجليزية منذ ذلك التاريخ.. ليكون أول خطوات تأسيس سيتي غروب التي تمتلك 11 ناديا حول العالم.
وانتقلت ملكية نادي باريس سان جيرمان الفرنسي في2011 إلى شركة قطر للاستثمارات بعد أن أعلن شراء 70% من أسهم النادي العاصمي قبل عامين على إعلان الأمير عبد الله بن مساعد استثماره في نادي شيفيلد يونايتد مؤسسا شركة يونايتد وورلد التي بات لديها 5 أندية في ملكيتها ليتبعه المصري عاصم علام الذي اشترى نادي هال سيتي. وفي 2018 أعلن رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس شراءه 55% من أسهم أستون فيلا في خطوة جديدة حينها، فيعد الشيخ منصور بن زايد، من أبرز الملاك وهو صاحب الحصة الأكبر في نادي مانشستر سيتي منذ عام 2009، كما استطاع تحقيق استثمارات كبيرة وعائدات مالية لافتة منذ شراء النادي في عام 2008 من مالكه السابق رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا.
وامتلك عاصم علام، رجل الأعمال المصري، نادي هال سيتي في صفقة بلغت نحو 10 ملايين جنيه استرليني. ويعد الأمير عبدلله بن مساعد صاحب الحصة الأكبر في ملكية نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي، كما يمتلك نصف أسهم النادي العريق الذي صعد إلى مصاف أندية الدوري الإنجليزي الممتاز ليشارك في البطولة العريقة الموسم المقبل. وفي إسبانيا ذهبت ملكية خيتافي في عام 2010 إلى مجموعة رويال دبي المملوكة للشيخ بطي بن سهيل آل مكتوم، كما أصبح نادي جيرونا الإسباني القادم من كاتالونيا، ضمن استثمارات مجموعة سيتي، وهي الشركة الإماراتية المالكة لنادي مانشستر سيتي.
ويمتلك رجل الأعمال الأردني حسين اسميك نصف أسهم نادي ميونخ 1860 الذي يخوض مبارياته في دوري الدرجة الثانية في ألمانيا، فيما تعود ملكية نادي ليرس البلجيكي إلى رجل الأعمال المصري ماجد سامي، الذي يمتلك أيضا نادي وادي دجلة المصري تخصص ماجد سامي في الاستثمار الرياضي في مصر وبلجيكا، إذ أسس مجموعة أندية وادي دجلة في مصر، واشترى نادي ليرس البلجيكي، بالإضافة إلى ترن أوت البلحيكي وباع الناديين تباعًا ليشتري نادي إيرجوتليس اليوناني.. ماجد سامي "55 عامًا" حاصل على بكالوريوس الهندسة شعبة الكهرباء تخصص اتصالات من جامعة القاهرة، ليعمل في مجال المقاولات والتوريدات في أنظمة الطاقة، وما زالت إحدى شركاته تمارس نفس النشاط، ولحبه واهتمامه بالرياضة اتفق مع أربع من أصدقائه بتأسيس نادي دجلة، ونجح الشركاء الخمسة في اقناع خمسين مساهما بسعر 125 الف جنيه للسهم، فنجحوا في جمع 12.5 مليون جنيه كنواة، وصل بعدها رأس مال النادي 8 ملايين جنيه وانطلق واصبح له أفرع، سامي متزوج من المخرجة السينمائية ساندرا نشأت التي رفضت أن تأخذ مليار جنيه مهرًا، وطلبت أن يكون مهرها منه مستشفى للفقراء.
اما نادي بورتسموث الإنجليزي فمملوك بالكامل لرجل الأعمال الإماراتي سليمان الفهيم، قبل أن يبيع نحو 90 بالمئة من الأسهم إلى رجل الأعمال السعودي علي الفراج، فيما يمتلك رجل الأعمال المصري محمد الفايد أغلب أسهم نادي فولهام اللندني.
وهناك مصريون لم يستثمروا في الرياضة منهم رجل الأعمال المصري علاء عرفة رئيس مجموعة العرفة القابضة، عضو مجلس إدارة المركز البريطاني للأعمال ومجلس الأعمال المصري الأمريكي، والذي يمتلك سلاسل المجموعة الإنجليزية "بيرد"، التي تستحوذ على 15% من سوق الملابس الرسمية في المملكة المتحدة، والتي سجلت صافي مبيعات قدره 136.8 مليون دولار خلال العام المالي 2018 مقارنة بقيمة 145.5 مليون دولار، وتأثرت مبيعات الشركة وبالأخص خلال الربع الرابع من العام بحالة عدم الاستقرار في السوق الإنجليزي المصاحب لعدم وضوح الرؤية بعد التصويت بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي واعتماد العملاء على التسوق الإلكتروني بشكل أكبر. قرر الاستثمار بشكل أكبر في التسوق الإلكتروني لذا فتح التفاوض مع المالكين الجدد لـHouse of Fraser لخطة عمل مستقبلية ناجحة، شارك عرفة في تأسيس شركة "دولفينوس" المصرية الإسبانية للطاقة، وهو تجمع غير حكومي مع شركات اسرائيلية مالكي لحقلي غاز.
كما يمتلك علاء عرفة الشركة السويسرية للملابس الجاهزة، والتي تعد أولى الشركات المصدرة للملابس الجاهزة لأوروبا، بصافي مبيعات تقدر بمبلغ 94.4 مليون دولار مقارنة بمبلغ 87.6 مليون دولار خلال سنة المقارنة بزيادة قدرها 7.80%، وذلك على الرغم من انخفاض المبيعات للعملاء من السوق الإنجليزي بسبب حالة عدم الاستقرار.
ويستثمر رجل الأعمال حامد الشيتي منصب رئيس مجلس إدارة شركة ترفكو، وتخدم 1.3 مليون سائح في السنة، وتوفر المجموعة الڤيللات والشاليهات والغرف في أكثر من 146 فندقا ومنتجع وفندق عائم على النيل، وكذلك عضو بمجلس إدارة جمعية الفنادق المصرية والمجلس الأعلى للسياحة، وعضو مجلس إشرافي لمجموعة TUI AG السياحية الرائدة في أوروبا، وعضو نشط في غرف الصناعة والتجارة الأمريكية والألمانية والإيطالية.
وتتعدى قيمة أسهم شركة حامد الشيتي 10 مليارات جنيه، كما باع مؤخرًا فنادق "شتايجنبرجر"، التابعة لمجموعة أرامكو لمجموعة "هواتشو" الصينية مقابل 781 مليون دولار.
… رغم أن رجل الأعمال نادر رياض يعيش في مصر ويمتلك أغلب استثماراته هنا، إلا أنه نجح في الاستحواذ على شركة بافاريا في ألمانيا، التي بدأ حياته العملية بها قبل أن يشترك معها في إنشاء مصنع في مصر ومن ثم الاستحواذ على كامل الشركة. وليست هناك أرقام معلنة عن حجم ثروته.
وفي لندن أيضا أحمد حسين لطفي أحد المستثمرين المصريين في أوروبا بعدة مجالات، إذ يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة Keys Productions المتخصصة في تطوير محتوى وتسويق الوسائط والصور المرئية، وكذلك يترأس مجلس إدارة شركة البناء Harmony Interiors، وتعاقد مع عدد من العلامات التجارية الكبرى على تطوير وتسويق منتجها الإعلامي، كما أعاد تصميم وتنفيذ أعمال التصميم الداخلي في مكتب الثقافة المصري في لندن إلى التصميم الأصلي.
… وما دام هناك أمل ورغبة في الحياة والطموح يتحقق النجاح، وستمطر المجتمعات بمستثمرين جدد.



