تحولت الساحة الثقافية فى مصر إلى اتهامات متبادلة تنال من الشرف الوطنى والذمة الشخصية، التعبير عن الرأى فى فيلم (الست) حق لكل دافع تذكرة، ولا حجر على أى وجهة نظر، من يرى فى الفيلم عيوبا ليس شرطا أن يكون دارسا لتاريخ (الست) أو حتى متذوقا للسينما والغناء، فقط لم يقتنع، المخرج لم يستطع أن يتسلل إلى مشاعره، أن يرى البعض أنه لم ير منى زكى فى شخصية أم كلثوم، تظل تلك أمورا نسبية، الشريط السينمائى ملك حاليا للمشاهدين، فقط الممنوع هو استخدام (كارت) التخوين.
يسأل البعض هل أم كلثوم تحتاج إلى عمل درامى ولدينا مسلسل (أم كلثوم) الذى تجاوزت حلقاته الثلاثين وحقق منذ أكثر من ربع قرن نجاحا استثنائيا ولا يزال له حضوره الملفت فى كل الفضائيات العربية، حتى إن أبطاله (صابرين) أم كلثوم، وأحمد راتب (القصبجى) وكمال أبورية (رامى) أسقطوا الحاجز الوهمى بين الحقيقة والخيال.
هناك شخصيات تاريخية تظل تملك سحرا وبداخلها أيضا لغز يحركنا لكى نبحث عن إجابات، الرئيس جمال عبدالناصر لو أن لدينا كاتبا ومخرجا قررا تقديم حياته مجددا فى عمل فنى لن نصادر أبدا حقه، يبقى دائما زاوية الرؤية هى الفيصل، وأم كلثوم لديها كل تلك المقومات.
المسلسل الذى حمل توقيع الكاتب محفوظ عبدالرحمن والمخرجة إنعام محمد على قدم الأسطورة والرمز، رؤية بنسبة كبيرة تتوافق مع المزاج النفسى للجمهور المصرى والعربى، بينما أحمد مراد ومروان حامد قررا أن يقتربا من الإنسانة، وفى تلك المسافة بين الأسطورة والإنسانة، كان هناك بعض الحقائق التاريخية تحتاج إلى تدقيق أكثر ومراجعة إلا أن هذا لا ينفى أن لديهما هدفا لتقديم وجه إنسانى للست، كانا يتقدمان خطوة ويتأخران خطوة، مدركين أن كل مشهد من الممكن أن يفتح عليهما كل أبواب الجحيم.
لدينا شريط سينمائى له جاذبيته ومنطقه، وهناك جهد إبداعى على مستوى الصوت والصورة، ومروان أبدع فى تسكين الأدوار، مراد حاول أن يواصل (النكش) فى الإنسان داخل أم كلثوم بلحظات ضعفه، فاتته أكثر من معلومة وعازه تحرى الصدق فى أخرى، إلا أنه لا يجوز اتهام أحد من المشاركين فى الفيلم ببيع وطنه، أو أنه يشارك فى مؤامرة لهدم (الهرم الرابع).
الخلاف وارد جدا وشرعى جدا جدا ومطلوب وحتمى جدا جدا جدا، ولكن الاتهام فى الذمة الوطنية خط أحمر!!
نقلاً عن مجلة روزاليوسف



