الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

سيظل الخلاف حول قدرة المرأة في تولي زمام حكم ضيعة أو بلدة أو دولة محل خلاف، رغم أن النساء يتحملن كل شيء، ومستعدات أن يغوصن في المحن ليعبرن إلى الشاطئ الآخر لكن تظل الآراء متعارضة، فلا بد ان نستعرض وجهتي العملة المتشحة بثوب الديمقراطية والمساواة في التشريع، وها نحن نرى الولايات المتحدة على سبيل المثال قد قامت منذ أول يوم على الديمقراطية والحرية والمساواة، ولم تصل فيها المرأة لا إلى منصب الرئيس ولا إلى منصب نائب الرئيس، ولا إلى مجرد مرشحة لأي من المنصبين. 

 

يعبر الرجل بسخرية عن رأيه في حكم النساء برؤية سينمائية افتراضية من خلال الفيلم اللبناني "نسوان ليش لا"، من خلال وجهة نظر لرجل تقول بإمكانية التعايش مع مجتمع يحكمه النساء. فيلم "نسوان ليش لا"، يعالج وصول النساء إلى الحكم، في إطار افتراضي وإمساكهن بمفاصل البلاد السياسية والأمنية، وترهيب الرجل وتحويل دور القيادي إلى تابع، بحيث لا يجد موقعًا للعمل سوى في شركات الخدمات، وفي إطار كوميديا سوداء يطرح الفيلم انقلاب المفاهيم الاجتماعية المرتبطة بقيادة المنزل. 

 

الاعتقاد بأن العالم الذي تديره النساء سيكون أكثر سلامًا. قصص من التاريخ تشير إلى خلاف ذلك، التاريخ القديم وتاريخ أوروبا خصوصًا، بحسب قصص من التاريخ، نرويها، وأحداث استعرضها. 

 

كثيراً ما يقال إن النساء أكثر هدوءا في الحكم من الرجال والكثيرون أيضاً يتمنون عالماً تحكمه النساء لكي يعم السلام الكوكب وتنتهي الحروب لكن بعد مشاهدة فيديو لزيارة دبلوماسية أمريكية، ستغير رأيك حتماً وتتمنى ألا تحكم النساء العالم يوماً.. بعد زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي العام الماضي لتايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، في خطوة حذرت  منها بكين واشنطن مرارا، وضربت بكل ما قيل من جانب المسؤولين الصينيين، وكان آخرهم الرئيس شي جين بينج الذي حذر نظيره الأمريكي جو بايدن من "اللعب بالنار". 

 

وهي الخطوة التي حذرت من تداعياتها بكين مراراً، وحشدت قواتها قرب الجزيرة في رسالة تهديد واضحة لواشنطن، مما تتسبب بمزيد من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين التي تعتبر الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي جزءا من أراضيها، وسط تحذيرات سياسية وعسكرية من تداعياتها وتفاقم الصراع بين الدولتين الأكبر في العالم إلى حد أن وصل إلى التهديد العسكري المباشر، ورغم أن جولة "بيلوسي"، كانت ذات طابع برلماني، لكنها حملت دلالات ورسائل سياسية واضحة، وهو ما يفسر حدة رد الفعل الصيني عليها وقوة تحركها الميداني.  

 

ردود فعل الزيارة، المثيرة للجدل، من خلال رصد انعكاساتها داخل تايوان، وموقف الصين التي تعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وموقف الإدارة الأمريكية التي ما زالت تتبنى سياسة "الغموض الاستراتيجي" في التعامل مع هذا الملف، والموقف الدولي الداعم في مجمله للموقف الصيني، وتأثيراتها على العلاقات الصينية – الأمريكية، مع تسليط الضوء على اشكالية الصراع حول تايوان بين واشنطن وبيكين ومستقبل الوضع في تايوان، وبواعث ترجيح أن يتجه المشهد إلى مزيد من الصدامات بين تايوان والصين والولايات المتحدة والصين كأحد النتائج الهامة للزيارة - على خلفية أجواء القلق والتحذيرات في دوائر سياسية عديدة من نذر اندلاع حرب كبرى جديدة على غرار الحرب الروسية الأوكرانية بين الصين وتايوان هذه المرة، وقد تقود لإشعال فتيل حرب  عالمية ثالثة، حيث تتواصل المناورات والتحركات العسكرية الصينية في محيط تايوان بعد زيارة واحدة من النساء الدبلوماسيات، زيارة نانسي بيلوسي للجزيرة زادت التوتر أشعل الوضع ولم يهدئه. وأكدت قول سقراط بإن المرأة مصدر كل شر.

 

  كانت أكثر الحروب دموية قامت النساء بإشعالها، حرب البايوس استمرت أربعين يوماً بسبب ناقة، وهي من أشهر الحروب في تاريخ شبه الجزيرة العربية، كانت “حرب الباسوس” حطام قبيلة تغلب بن وائل وحلفائها ضد بني شيبان وحلفائها من قبيلة بكر بن وائل.

 

  وكانت قبائل تغلب تعيش تحت رحمة الملك ولا يستطيعون ممارسة الزراعة أو الرعي بدون موافقة منه، فكان المتحكم الرئيسي في جميع الأشياء. حدثت تلك الحرب في منطقة الحجاز الجاهلية وكان سبب تلك الحرب هو جمل امرأة تدعى البسوس، من قبيلة بكر، ذهبت إلى ابن أخيها زيان جساس بن مرة مع ناقتها. لشرب الماء من بئر قبيلة تغلب، فلما علم الملك كليب بن ربيعة أمر بقتل البعير، غضبت البسوس وطلبت من ابن أخيها أن ينتقم من قتل البعير، فكان شفاء. مكانة البكر القبلية وفرصة لإنهاء الاستبداد الذي يحكمه كليب بن ربيعة.

 

استمرت الحرب أربعين عاما وانتهت بانتصار قبيلة واحدة هي قبيلة البكر التي قتلت البعير المزعج وبذلك استردت كرامة المحتل، واحدة أخرى من نساء العرب تسببت فى حرب بين المسلمين والروم، فقد وقعت معركة بين المسلمين بقيادة المعتصم الخليفة العباسي وبين الروم، وذلك بعد أن استنجدت امرأة بالمعتصم فصرخت: "وا معتصماه"، فسمع المعتصم بالخبر وجهز جيشاً وفتح عمورية.

 

بلغت أخبار العدوان الروماني المعتصم، وقيل له: إن امرأة هاشمية من الأسرى صرخت عندما أسرها الروم (وا معتصماه).. فأجابها من موضعه عندما بلغه ذلك (لبيكِ.. لبيكِ).

 

 

ونهض من ساعته وأمر بالنفير لحرب الروم، وجهز جيشاً لم يجهزه خليفة قبله ووجه فرقة من هذا الجيش يقودها ثلاثة من أشجع قواده إلى (زِبَطْرة) لإعانة أهلها فوجدوا ملك الروم قد غادرها بجيوشه، فاستقروا بها قليلاً، وأرسلوا إلى الأطراف يطمئنون أهلها أن جيوش الإسلام قد وصلت إلى بلادهم، وأن الروم قد خرجوا منها، فعاد الناس إلى قراهم واستقروا بها، سأل المعتصم القادة: أي بلاد الروم أحصن وأمنع؟ فقيل له عمورية، لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهي أشرف عندهم من القسطنطينية، ففتحها.

 

أما الحكاية الثالثة من القصص التي  لا تخلو من حضور طاغ للنساء، حيث استطعن بجمالهن.. وذكائهن وكيدهن على قلب موازين الأمور رأسا على عقب واحد فى حرب دامت عشر سنوات، فباسم الحب اشتعلت حرب دامت سنوات، وفق الأساطير الإغريقيّة القديمة، سميت بـ"حرب طروادة"، قصة لا تخلو حروبها من حضور طاغ للنساء، بسبب حب أمير طروادة "باريس" لهيلين زوجة ملك إسبارطة طروادة كانت مدينة يحكمها الملك بريام، وكان له ابنان هما هكتور والآخر باريس، وتنبأ أحد العرافين، بأن أحد ابني بريام سيكون السبب في هلاك البلاد، حينما ذهب باريس بعد ذلك لزيارة منيلاوس ملك أسبرطة، رأى هيلين زوجة منيلاوس؛ فما إن رآها حتى وقع في غرامها، وكانت هي السبب الرئيس في اندلاع الحرب الطروادية.

 

استطاع باريس أن يخفيها في سفينتهم، وأخذها معهم إلى مدينة طروادة، فحاول زوجها الانتقام منه ومن كل مدينته، فاندلعت الحرب ودامت لما يقرب من 10 سنوات في حملة قادها أجاممنون أخو منيلاوس ومعه أوديسيوس وأخيل الذي كان أمهر المبارزين الإغريق، وأشهرهم واستطاع قتل هيكتور الأخ الأكبر لباريس. 

 

في العصر الحديث، ربما نعتقد أن احتمالات دعم النساء لحرب فيتنام أو الخليج أو غزو أمريكا لأفغانستان أو العراق أقل عمومًا من دعم الرجال، ونسبة ارتكابهن جرائم القتل أقل بكثير كذلك، إضافةً إلى ضعف تأييدهن للهجمات الإرهابية مقارنةً بالرجال، وفقًا لما يورده مقال منشور على موقع جريدة «الإيكونومست»، بالنسبة لباحثين مثل عالم النفس «ستيفن بينكر»، وأستاذ العلوم السياسية «فرانسيس فوكوياما»، تُعد مثل هذه الأسباب أساسًا للاعتقاد بأن العالم الذي تديره النساء سيكون أكثر سلامًا، لكن التاريخ يشير إلى خلاف ذلك، وتاريخ أوروبا خصوصًا، بحسب بحث أجراه عالما السياسة «أويندريلا دوبي» و«إس بي هاريش» وأوردت «الإيكونومست» نتائجه، تَفَنَّدَ فيه الاعتقاد بأن  العالم الذي تديره النساء سيكون أكثر سلاما، فالتاريخ يشير بعكس ذلك، بعد أن درس العالمان عدد المرات التي خاض فيها حكام أوروبا حروبًا في الفترة بين عامي 1480 و1913، التي تخللتها نحو 193 فترة حكم، فوجدا أن احتمالية خوض الدول التي تحكمها الملكات للحروب كانت أكثر بنسبة 27% من تلك التي يحكمها الملوك.

 

لم يكن هذا خطأ الملكات، فقد كان الرجال يميلون إلى مهاجمتهن لأنهم يرونهن أهدافًا سهلة، فمثلًا بعد أن أصبحت «ماري تيودور» ملكة إنجلترا عام 1553، أعلن المصلح البروتستانتي «جون نوكس» (John Knox) أن «أنظمة النساء الرهيبة» ليست مناسِبةً للحكم، «أن النساء «يتصفن بالضعف وسهولة الانقياد وقلة الصبر والوهن والحماقة»، حسب ما يورد المقال.

 

بعد ذلك، كرر «فريدريش العظيم» ملك بروسيا هذا التصريح قائلًا: «لا يجوز السماح للنساء بحكم أي شيء»، وفي غضون أشهر من وصوله إلى العرش عام 1740، هاجم «ماريا تيريزا»، أرشيدوقة النمسا المتوجة بالحكم حديثًا، واستولى على أغنى مقاطعة في امبراطوريتها، وهي مقاطعة سيسيليا، ولم تستطع تيريزا استعادتها رغم سنوات من الحرب بحسب البحث، تعرضت الملكات غير المتزوجات للهجوم أكثر من أي حكام آخرين، لكن ضعف الملكات الذي يجعلهن فريسة سهلة للملوك لا يحكي الحكاية كلها، إذ وجد الباحثون أن الملكات كُنَّ أكثر احتمالًا لاكتساب أراض جديدة، فبعد أن أطاحت «كاثرين العظمى» بزوجها، وسَّعت امبراطوريتها بنحو 518 ألف كيلومتر مربع، وكانت أول حاكم روسي، وإن لم يكن الأخير، يستولي على شبه جزيرة القرم.

 

كانت الملكات المتزوجات أكثر عدائيةً من الملكات غير المتزوجات بحسب البحث المنشور، وكُنَّ كذلك أكثر عدائيةً من الملوك، سواء متزوجين أم لا، ويقترح الباحثان عدة أسباب لذلك.

 

قد تكون الملكات المتزوجات قادرات على تكوين مزيد من التحالفات العسكرية، وتشجيعها على الدخول في معارك. وفي حين كانت القيادة العسكرية للإناث محرمة، انخرط أزواجهن الذكور في الخدمة العسكرية قبل الزواج، ممَّا جعلهم في وضع مناسب لتدعيم العلاقات العسكرية بين أوطانهم وبلدان زوجاتهم.

إضافةً إلى ذلك، كانت الملكات يمنحن أزواجهن كثيرًا من الصلاحيات غالبًا، فيجعلونهم مسؤولين عن السياسة الخارجية أو الاقتصاد، وذلك عكس ما كان الملوك يفعلونه مع زوجاتهم.

 

من الأمثلة التي يوردها البحث طرد «فرناندو الثاني»، الذي حكم أراغون وقشتالة في إسبانيا مع «إيزابيللا الأولى» من 1479 إلى 1504، للسكان الموريين من غرناطة، وكذلك إصلاح «فرانسيس الأول»، زوج ماريا تيريزا، الاقتصاد النمساوي وجمع الأموال للقوات المسلحة، وكان الأمير «ألبرت» أكثر مستشاري الملكة «فيكتوريا» قربًا، فشكل سياستها الخارجية حتى وفاته عام 1861.

 

يشير الباحثان إلى أن تقسيم المهام هذا أتاح الوقت للملكات كي يتَّبعن سياسيات عدائية أكثر.

 

 القيادات النسائية، ضمنت نصيبها من الحروب في العصر الحديث كذلك بحسب الدراسة، الذي يذكر مثلًا دور رئيس الوزراء الهندية «أنديرا غاندي» في الحرب ضد باكستان، ورئيسة وزراء إسرائيل السابقة «جولدا مائير» في حرب أكتوبر، ودور «مارجريت تاتشر» في حرب الفوكلاند بين بريطانيا والأرجنتين.

 

في الوقت الحالي، ازداد عدد البلدان التي تقودها النساء بأكثر من الضعف منذ عام 2000، لكن هذا يظل أقل من 10% من المجموع. ورغم أن تعزيز المكانة السياسية للمرأة قد يقودنا إلى عالم أكثر مساواة، فإن التاريخ يعلمنا أنه لن يكون بالضرورة أكثر سلامًا. 

 

الأمل أن تقتدي النساء من قصص عظيمات بما قدمنه من إنجازات مذهلة ومساهمات غير عادية في الحضارة البشرية منذ الخليقة كجزء من الكهنة وحياة المعبد، وما حظيت به في الماضي من مكانة كبيرة كحاكمة وملكة صاحبة نفوذ، عندما كانت مكانة المرأة فى مصر سابقة لأي عصر فى تاريخ العالم لتكمل طريقهن.

  سيرة يجب أن نعيد حكايتها لجيلنا ولأجيلنا القادمة.

 وسأتابع روايتها.

تم نسخ الرابط