شهدت الإسكندرية خلال عصر البطالمة إقامة العديد من المنشآت الثقافية والرياضية منها: منارة وجامعة ومكتبة الإسكندرية، والمسرح الروماني الذي تم تصميمه لنشر الثقافة الرياضية، وأيضا استاد الإسكندرية الذي كان يستخدم حين ذاك في إقامة احتفالات الملك وممارسة الأنشطة الرياضية، بالإضافة إلى استخدامه كمحكمة يطبق من خلالها العقوبات.
ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اقترح أنجلوا بولاناكي سكرتير اللجنة الأولمبية المصرية إنشاء استاد الإسكندرية، وذلك لاستضافة أول دورة ألعاب أولمبية بإفريقيا، وقد وقع الاختيار على نفس مكان الاستاد البطلمي القديم، وبالفعل تم إنشاء الاستاد الجديد عام ١٩٢٩م.
خلال القرن الماضي تم اختيار الاستاد لاستضافة دورة الألعاب الإفريقية الثانية عام ١٩٢٧م، ولكن الاستعمار رفض إقامة البطولة منذ بدايتها. ولكن في العقد السادس من نفس القرن استضاف الاستاد بطولة البحر المتوسط الأولى عام ١٩٥١م، ودورة الألعاب العربية عام ١٩٥٣م، وخلال هذه الحقبة تم إنشاء صالة كرة السلة وصالة المنازلات وحمام السباحة.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتختفي عنه البطولات لمدة تزيد على ٢٥ عاما، إلى أن يستضيف الاستاد مباريات بطولة الأمم الإفريقية عام ١٩٨٦م، ثم دورة الألعاب الإفريقية عام ١٩٩٢م، بالإضافة إلى بعض المباريات المهمة والبطولات الدولية لبعض الألعاب مثل: كرة السلة والجمباز وبطولات العالم العسكرية لكرة القدم وغيرها من المحافل الرياضية.
ومع بداية القرن الحادي والعشرين بدأ نجم الاستاد يلمع مرة أخرى واستضاف مباريات كأس العالم للشباب عام ٢٠٠٩م وقد تم تطوير الاستاد خصيصا لتلك البطولة، فتم تركيب الكراسي بالمدرجات، بالإضافة إلى تركيب شاشة الملعب الرئيسية.
وخلال العقد الثاني من نفس القرن استضاف الاستاد البطولة العربية لكرة القدم عام ٢٠١٧م وبطولة الأمم الإفريقية عام ٢٠١٩م. وقد تم تطوير الاستاد بنسبة ٧٠% من أجل استضافة هاتين البطولتين مثل: إنشاء الأستوديو التحليلي وقاعة VIP مكيفة، وإحلال وتجديد تراك ألعاب القوى. ومن أهم مميزات هذا العقد ظهور فكرة الاستثمار الرياضي لأول مرة، حيث تم وضع استراتيجية استثمارية تسويقية للأنشطة والخدمات جعلت استاد الإسكندرية حينها يحقق فائضا بالملايين لأول مرة منذ إنشائه، كما تم إنشاء أربع صالات جيمانيزيوم تصلح لخدمة جميع الفئات.. الأمر الذي جعل الإعلام والصحافة يتحدثون عن روعة استاد الإسكندرية وملعبه، لدرجة جعلت المعلق عصام عبده أثناء مباراة مدغشقر ونيجيريا عام ٢٠١٩م يقول: "اللاعب الذي يسقط على أرض ملعب استاد الإسكندرية لا يرغب في الوقوف من جمال أرض الملعب"، بالإضافة إلى إشادة الأجهزة الفنية، واللاعبين والنقاد الرياضيين بجاهزية الاستاد.
ولكن في العقد الثالث بدأ الانهيار من حيث الإيرادات، بالإضافة إلى تدني مرافق الاستاد، الأمر الذي تسبب في نقل مباريات أمم إفريقيا للشباب عام ٢٠٢٣م إلى استاد آخر نظرا لسوء المرافق وأرضية الملعب، وكذلك شكاوى الفرق المشاركة بالبطولة.
جدير بالإشارة أن استاد الإسكندرية الرياضي، يعد من أقدم الاستادات بالقارة السمراء، وهو يعد رمزا بارزا للرياضة المصرية والإفريقية، كما أنه يحظى بأهمية تاريخية وسياحية كبيرة ومهمة، بكونه يعكس تاريخ المدينة العريق، ويحرص السائحون من جميع أنحاء العالم على زيارته.
أخيرا وليس آخرا، يجب علينا تلقى وتطبيق الحلول والمقترحات المقدمة من خبراء الاستثمار الرياضي، والنهوض باستاد الإسكندرية حتى نتمكن من تسديد الديون المتراكمة على الاستاد وتحويلها إلى مكاسب مالية تنعش خزانة الدولة وخاصة القطاع الرياضي.



