الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بالوقائع.. أبشع عمليات القتل حول العالم باستخدام المواد الكميائية

بوابة روز اليوسف

 القتل الكيميائي هو استخدام المواد الكيميائية مثل الغازات السامة أو المواد الكيميائية الأخرى للقتل أو لإيذاء الأفراد أو الحيوانات. ويشير التاريخ  إلى استخدام القتل الكيميائي في سياقات مختلفة، بما في ذلك النزاعات والحروب.

 

ومع ذلك، فإن استخدام الأسلحة الكيميائية يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقد يشكل جريمة حرب بحسب القوانين الدولية.

 

وتم خظر استخدام القتل الكميائي بموجب اتفاقيات دولية مثل اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تحظر بشكل صارم استخدام وتصنيع الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، لا تزال تلوح في الأفق تقارير عن استخدام الأسلحة الكيميائية في بعض الصراعات الحالية.

 

وفي ذلك التقرير سنقوم بتوضيح الجانب المظلم للكيمياء:

تعتبر عمليات القتل الكيميائي واحدة من أكثر أشكال الإرهاب الوحشية في العالم. فقد تم استخدام العديد من المواد الكيميائية المميتة على مدار السنوات الماضية في هجمات إرهابية وحروب، وقد أسفرت هذه الهجمات عن مقتل العديد من الأشخاص وتدمير العديد من الممتلكات.

 

على سبيل المثال، في عام 2013، تم استخدام الغاز السام السارين في هجوم إرهابي في العاصمة السورية دمشق، مما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص وإصابة المئات بجروح. كما تم استخدام غاز الكلور في العديد من الهجمات في سوريا والعراق.

 

وفي عام 2017، تعرضت بريطانيا لهجوم إرهابي باستخدام مادة النوفيتشوك، والتي أسفرت عن مقتل شخص وإصابة العديد بجروح خطيرة.

 

ومنذ عام 2013، تم تسجيل مئات الهجمات باستخدام المواد الكيميائية في سوريا والعراق، وقد تم تحديد استخدام الكلور والسارين وغيرها من المواد المميتة في بعض هذه الهجمات.

 

 

 

إحصائيات القتلي باستخدام المواد الكميائية في الدول:

عدد القتلي بالمواد الكيميائية في السعودية تبلع 5 أشخاص كل العام، وفي مصر تبلغ  أشخاض 10 كل عام، والهند 50 شخصا كل عام ، والصين يصل عدد القتلي فيها الي 100 شخص كل عام، وفقا لمنظمة الصحة العالمية يتسبب التعرض للمواد الكيميائية في وفاة مليون شخص كل عام.

 

نسب القتل الكيميائي في العالم: 

من إجمالي عمليات القتل حددت المنظمات العالمية نسبة القتل الكميائي حول العالم فحسب منطمة ONS في المملكة المتحدة تبلغ نسب القتل الكميائي 0.5 %، وحسب منطمة FBI في الولايات المتحده تبلغ النسبة 1%.

 

وفقا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC)، بلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا بالجرائم الكيمائية في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023، 12 شخصا وفي عام 2022 قتل 16 شخصا.

 

 

 

أشهر تجارب القتل الكميائي:

 

التجربة النووية الأمريكية: 

 واحدة من أكبر التجارب العسكرية في التاريخ، عرضت الأشخاص لمستويات عالية من الإشعاع ما أدى إلى وفاة البعض وإصابة البعض الآخر.

 

تجربة Tuskegee:  

هي تجربة سريرية  أقيمت بين عامي 1932 و1972 عبر خدمة الصحة العامة الأميريكية لدراسة التطور الطبيعي لحالات الزُّهري غير المعالج في الرجال السود في ريف ولاية ألاباما. وقد أُخبروا بأنهم كانوا يتلقون رعاية صحيّة مجانية من الحكومة الأمريكية.

 

بدأت خدمة الصحة العامة العمل على هذه الدراسة عام 1932 خلال الكساد الكبير بالتعاون مع جامعة توسكيجي، وهي جامعة مخصصة للسود في ولاية ألاباما. ضم الباحثون ما مجموعه 600 مزارع فقير من مقاطعة ماكون في ولاية ألاباما. ومن هؤلاء الذين شاركوا كان 399 قد أصيبوا بالزُّهري قبل بداية الدراسة و201 آخرين لم يُصابوا بالمرض من قبل. وقد أعطوا رعاية طبية مجانية، وجبات طعام وتأمين للدفن مجّانًا مقابل المشاركة في الدراسة. لم يتم إخبار المصابين بالزُّهري عن إصابتهم، ولم يُعالجوا بالبنسلين بعد أن أثُبتت فعالية هذا المضاد الحيوي كعلاج للمرض. بحسب مركز مكافحة الأمراض واتقائها، أُخبر المشاركون بأنهم كانوا يعالجون ضد “الدم الفاسد”، الدم الفاسد هو مصطلح محلي لأمراض عدّة تشمل الزُّهري، فقر الدم، أو الإجهاد.  

 

تجربة KM-ULTRA :

هي تجربة نفسية وسرية قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة بين عامي 1953 و1973، وهدفت إلى دراسة التحكم في العقل البشري وتطوير تقنيات التحكم في السلوك الإنساني.

 

تم استخدام العديد من الأساليب والتقنيات في هذه التجربة، ومن بينها تعريض الأشخاص لمواد سامة مثل الليزرجيك والإيفدرين والكوكائين والأسيتوكسيكول والأمفيتامين والماريجوانا والسيروتونين وغيرها.

 

وقد تم استخدام هذه المواد في العديد من الأفراد، بمن في ذلك المدنيون والعسكريون، لكنها لم تكن قانونية ولا تتماشى مع الأخلاق والقيم الأخلاقية الحديثة.

 

تعرض الأشخاص لهذه المواد السامة قد يؤدي إلى العديد من الآثار الجانبية الخطيرة، بما في ذلك اضطرابات نفسية وجسدية وعصبية وتغييرات في السلوك والشخصية، ويمكن أن يؤدي إلى ضرر دائم على الصحة العامة والحياة الاجتماعية والعائلية والاقتصادية للأشخاص المعرضين لهذه التجربة.

 

تجربة غاز الخردل اليابانية:

 تعرض فيها السجناء والمرضى العقليون لغاز الخردل. ويعتبر للمواد الكيماوية والبيولوجية مثل غاز الخردل، آثار وخيمة على الصحة والأرواح. وقد سبق لمنظمة الصحة العالمية أن أصدرت مطبوعة بعنوان "التهديدات الكيميائية والبيولوجية" حذرت فيها من المخاطر الجسيمة التي تنجم عن استخدام غازات ومواد معينة. وتنوه المنظمة مجدداً بخطورة استخدام هذه المواد.

 

ومن أكثر أشكال القتل الجماعي وحشيةً في التاريخ الحديث. وأحد أشهر التجارب الكيميائية كانت في عام 1988 في حلبة الغاز بسرين التي نفذتها الحكومة العراقية ضد الأكراد في مدينة حلبجة في شمال العراق، مما أدى إلى مقتل الآلاف من الأبرياء. كما وقعت حوادث قتل كيميائي مروعة في عام 1995 عندما استخدمت جماعة أمينة الله في اليابان غاز السارين في هجوم على مترو طوكيو، ما أسفر عن قتل وإصابة المئات. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك استخدام للأسلحة الكيميائية في النزاعات المسلحة في سوريا واليمن في السنوات الأخيرة. هذه التجارب أظهرت الدمار الهائل والأثر الوحشي على الضحايا وأسفرت عن دعوات عالمية لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية والتحرك نحو تطهير العالم منها.

 

عمليات القتل الكميائي خلال الحرب العالمية الأولي والثانية:

تم استخدام القتل الكيميائي في الحرب العالمية الأولى والثانية من قبل العديد من الدول، وكانت الأسلحة الكيميائية التي استخدمت تشمل الغازات السامة مثل الكلور والفوسجين والخردل والسيانيد الهيدروجيني.

 

خلال الحرب العالمية الأولى، استخدمت الأسلحة الكيميائية بشكل واسع في المعارك، وخلفت آلاف الضحايا بين المدنيين والعسكريين. وفي الحرب العالمية الثانية، تم استخدام الأسلحة الكيميائية بشكل محدود، حيث استخدم الجيش الألماني الغازات السامة في بعض المعارك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

وقد أدى استخدام الأسلحة الكيميائية إلى تفاقم الوضع الإنساني في الحروب، حيث تسببت في إصابات ووفيات مئات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك المدنيين والعسكريين. وتركت هذه الأسلحة آثاراً سلبية على الصحة العامة والبيئة، وأدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق المتضررة. لذلك، تم حظر استخدام الأسلحة الكيميائية بموجب الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية عام 1993.

 

 

 

الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية عام 1993:

الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية هي اتفاقية دولية تم توقيعها في عام 1993، وتهدف إلى حظر استخدام وإنتاج وتخزين ونقل الأسلحة الكيميائية وتدميرها.

 

وقد تم التوقيع على الاتفاقية من قبل أكثر من 190 دولة، ما يجعلها أحد أهم الاتفاقيات الدولية في مجال الأمن والسلامة العالمية.

 

تشمل الاتفاقية التزامات دولية للحد من خطر استخدام الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تعزيز الشفافية والتعاون فيما يتعلق بمنشآت الأسلحة الكيميائية وتحديد المسؤولية عن أي استخدام غير مشروع للأسلحة الكيميائية.

 

وتتطلب الاتفاقية أيضاً تدمير جميع الأسلحة الكيميائية لدى جميع الدول الموقعة، والتي يجب أن تتم هذه العملية في مهلة زمنية محددة.

 

تعتبر الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية إنجازاً هاماً في مكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية وتعزيز الأمن والسلامة العالمية، وتعد إحدى الاتفاقيات المهمة التي تهدف إلى منع استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب والصراعات المسلحة.

 

لكن هل للمواد الكميائية علاقة بإخفاء الجثث؟

استخدمت مواد كيميائية عدة للتخلص من الجثث، وإخفاء آثار الجريمة. أبرز هذه المواد هي حمض الكبريت الذي استخدم في جرائم عديدة حول العالم.

 

ويُعتقد أن هذا الحمض استخدم كذلك لإذابة جثث معارضين سياسيين عرب، منهم المهدي بن بركة وفرج الله الحلو.

 

وكثيرا ما تستخدم كلمة "أسيد" للإشارة إلى حمض الكبريت المستخدم في تحليل الجثث في الجرائم المرتكبة حول العالم، إذ يمكن لهذا المركب الكيميائي إذابة جزء كبير من الأنسجة وحتى الأسنان خلال ساعات.

 

وهو أحد الأساليب الذي عرفته عصابات المافيا وسمي بالبندقية البيضاء (lupara Bianca)، ويهدف هذا الأسلوب إلى عدم ترك أي أثر خلف الجاني.

 

الأسلحة البيولوجية والقتل بالميكروبات والسموم:

الأسلحة البيولوجية تشتمل على كائنات دقيقة عبارة عن فيروسات وبكتيريا وفطريات، ومجموعة من السموم الأخرى، يتم إنتاجها في مختبرات خاصة، وتقوم بعض الدول أو الجماعات بإطلاقها بهدف التسبب في أمراض خطيرة لدول أخرى.

 

ويمكن عدّها نوعا من أسلحة الدمار الشامل؛ التي تشمل أيضا الأسلحة الكيميائية والنووية والإشعاعية، وهي من الأسلحة التي تسبب مشاكل خطيرة للغاية، ويمكن لأي شخص أن يشن بها هجوما إرهابيا بيولوجيا، نظرا لانخفاض تكلفتها وسهولة الحصول على مكوناتها وسرعة تحضيرها ويسر نقلها.

 

بروتوكول جنيف لحظر استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية:

وبعد أهوال الحرب العالمية الأولى، وقّعت معظم الدول على ما يسمى "بروتوكول جنيف"، وذلك عام 1925، وهذا البروتوكول يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية في الحروب؛ غير أن اليابان قامت رغم ذلك ببدء برنامج للبحث والتطوير في مجال الحرب البيولوجية بشكل سري، خارقة بذلك هذه المعاهدة، واستخدمت هذا النوع من الأسلحة ضد الصين وغيرها، بل وحتى ضد الأسرى.

 

أما في أعقاب الحرب العالمية الثانية فليس هناك دليل قاطع على استخدام الأسلحة البيولوجية، وأشيع على نطاق واسع في وسائل الإعلام في منتصف الخمسينيات أن القوات اليابانية قامت بإجراء تجارب على أسرى الحرب لديها بحقنهم بجراثيم التيفوس، أو إعطائهم مواد غذائية أو مياها ملوثة بميكروب الكوليرا.

 

كذلك تواردت أنباء عن قيام القوات اليابانية بنشر ميكروب الكوليرا في آبار المياه في مناطق الصراع الصينية، وكان مقر المعامل اليابانية في "هربن" قرب منشوريا، التي استولى عليها الاتحاد السوفياتي في ما بعد، ونقل تلك المعامل إلى روسيا.

 

وخلال الحرب الكورية وَجَّهت الصين وكوريا الشمالية للولايات المتحدة اتهامات باستخدام أسلحة جرثومية ضدها، وعام 1952 دعيت اللجنة العلمية الدولية للأمم المتحدة للتحقيق في الشكاوى المقدمة من الصين وكوريا، فخرجت بتقرير تضمن "احتمال حدوث تعرض الأفراد في مناطق النزاع لمواد جرثومية، ورصد وجود جراثيم الكوليرا والجمرة الخبيثة، وبراغيث مصابة بجراثيم الطاعون، وبعوض يحمل فيروسات الحمى الصفراء، وحيوانات منزلية تم استخدامها لنشر الأمراض الوبائية".

 

وخلال حرب فيتنام استخدم الجيش الأمريكي الأسلحة الجرثومية ضد قوات "الفييت كونج" والقرى والبلدات الفيتنامية، كما تم استخدام الأسلحة ذاتها في محاولة من الأمريكيين لتدمير محصول القصب في كوبا في الستينيات والسبعينيات، الذي كان مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.

 

هناك العديد من الأدلة التي يمكن استخدامها في جرائم القتل، ومن بينها:

 

الأدلة الجينية (DNA): وتكون هذه الأدلة موجودة في الدم أو اللعاب أو الشعر أو الجلد، وتساعد في التعرف على الجاني.

 

الأدلة الوثائقية: وتشمل الخطابات والرسائل والصور والفيديوهات والمذكرات الصوتية التي يمكن استخدامها لتحديد هوية الجاني.

 

 الأدلة الفيزيائية: وتشمل البصمات والآثار التي يتركها الجاني على مكان الحادث، ويمكن استخدامها لربطه بالجريمة.

 

الشهود: ويشير هذا إلى أي شاهد عيان على الجريمة، سواء كانوا من المتضررين أو الشهود الذين كانوا في المكان في الوقت الذي وقعت فيه الجريمة، ويمكن استخدام شهادتهم لتحديد هوية الجاني.

 

الأدلة الطبية: وتشمل التحاليل الجرثومية والفيزيائية والعينات الحيوية المأخوذة من الجثة، وتساعد في تحديد سبب الوفاة والجراثيم التي يمكن أن تتيح معرفة الجاني.

 

وفي سياق متصل، وفي العقد الأول من القرن 21 فقط عانت الإنسانية من أكثر من 5 أوبئة خطيرة، حيث شهد العالم أزمات وبائية بيولوجية مريعة، منها فيروس السارس عام 2002، وإنفلونزا الطيور عام 2003، وإنفلونزا الخنازير عام 2009، ووباء إيبولا عام 2013، وفيروس كورونا عام 2020.

 

لذلك يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بجدية لمكافحة هذه الهجمات الوحشية، وضمان أن يتم تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. يجب أن تكون لدينا استراتيجيات فعالة لمنع استخدام المواد الكيميائية في الهجمات الإرهابية، وضمان سلامة المدنيين والعاملين في الخدمات الطبية والإنسانية.

تم نسخ الرابط