السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

في الأشهر الأخيرة، تطورت الأحاديث عن الانكماش الاقتصادي العالمي الوشيك إلى ذروتها، الأمر الذي أدى إلى تضخيم المخاوف بين المحللين الماليين، وصناع السياسات، والمواطنين في جميع أنحاء العالم.

 

 

وكان تضافر عوامل متعددة سبباً في تفاقم هذه المخاوف، الأمر الذي دفع إلى إجراء فحص شامل لقدرة العالم على الصمود اقتصادياً وقدرته على الصمود في وجه العواصف المحتملة.

ويكمن العامل المحفز الرئيسي لهذا الشعور بعدم الارتياح في الحالة الهشة التي تعيشها الأسواق المالية، حيث أدت التقلبات المتزايدة، المدفوعة بمزيج قوي من أنشطة المضاربة والمناظر الجيوسياسية غير المؤكدة، إلى خلق جو من عدم القدرة على التنبؤ. 

ويواجه المستثمرون التحدي المتمثل في التنقل في شبكة معقدة من الاقتصادات المترابطة، حيث يمكن أن يتردد صدى التأثيرات المتتابعة للقرارات المتخذة في أحد أركان العالم على مستوى العالم.

وقد اكتسبت التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية، التي كانت تعتبر في السابق مجرد تقلبات على الساحة الدولية، أهمية كمحفزات محتملة للانكماش الاقتصادي، حيث يتم اختبار توازن القوى والمصالح الدقيق بين الدول، مما يلقي بظلاله على آفاق مشهد اقتصادي عالمي متناغم وتعاوني.

لا تزال تداعيات جائحة كوفيد-19 تشكل عاملاً مهماً يؤثر على المسار الاقتصادي العالمي.. ولا تزال الآثار المتبقية، التي تتراوح بين اضطرابات سلسلة التوريد وضغوط سوق العمل، تعيق التعافي القوي. وتساهم الاختلافات في معدلات التطعيم والاستجابات لمتغيرات الفيروس الناشئة في تردد ثقة المستهلكين والمستثمرين، مما يعيق العودة التي طال انتظارها إلى النشاط الاقتصادي قبل الوباء.

البنوك المركزية، التي تعتبر تقليديا الوصي القوي ضد الانكماش الاقتصادي، تجد نفسها تبحر في منطقة مجهولة، حيث تركت الفترات الطويلة من أسعار الفائدة المنخفضة لهذه المؤسسات مجالاً محدوداً لأدوات السياسة النقدية التقليدية، وأصبحت فعالية التدابير غير التقليدية، مثل التيسير الكمي والتوجيه المستقبلي، موضع تساؤل متزايد، مما يثير المخاوف بشأن القدرة على تحفيز النشاط الاقتصادي والحد من الانكماش المحتمل.

تضيف عدم المساواة المجتمعية طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد الاقتصادي، وتقع أعباء البطالة والتضخم والتفاوت في المساكن بشكل غير متناسب على عاتق الفئات السكانية الضعيفة، مما يزيد من الحاجة الملحة إلى وضع استراتيجيات شاملة لمعالجة القضايا النظامية التي تشرف عليها الدول العظمى، وتتعرض الحكومات والمنظمات الدولية لضغوط لتبني سياسات لا تحفز النمو الاقتصادي فحسب، بل تضمن أيضاً التوزيع العادل للموارد والفرص.

إن شبح الانهيار الاقتصادي العالمي يلوح في الأفق، الأمر الذي يستدعي الحذر واتخاذ التدابير الاستباقية، إن التوقعات الاقتصادية، رغم أنها غنية بالمعلومات، غير مؤكدة بطبيعتها، الأمر الذي يستلزم استجابات ذكية للظروف المتطورة، ويتطلب تخفيف المخاطر إيجاد توازن دقيق بين التعاون الدولي، والتواصل الشفاف، والتدابير السياسية المبتكرة.

وبينما تستعد الدول للمستقبل، يلزم بذل جهود متضافرة لتحصين العالم ضد الصدمات الاقتصادية المحتملة، ويتطلب الطريق إلى الأمام مزيجاً من الإدارة الحكيمة للمخاطر، والسياسات الاقتصادية العادلة، ونهج عالمي تعاوني لتعزيز الاستقرار، ويصبح هذا المسعى الجماعي أكثر أهمية مع استمرار تعقيدات القوى الاقتصادية في تشكيل مصير الأمم على المسرح العالمي.

وفي هذا المشهد الغامض، يراقب العالم بفارغ الصبر، مدركاً أن الرحلة المقبلة سوف تتطلب المرونة والقدرة على التكيف والالتزام المشترك بالإبحار في ظلال أزمة اقتصادية عالمية محتملة، قد ترفع دولاً وتزيح أخرى.

تم نسخ الرابط