مصطفى زكريا يكتب: عمال مصر تاج فوق الرؤوس
يمتلك العامل المصري معدنًا أصيلًا يظهر وقت الأزمات، فقد شهد العالم وفي القلب منه مصر أزمات أقتصادية كانت صعبة إلي درجة لا يمكن تخيلها بسبب سلسلة من الأحداث العالمية وكان أخرها العدوان الصهيوني الغاشم علي قطاع غزة وحرب الإبادة الجماعية التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
عمال مصر العظماء لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تلك الأحداث، فكانوا في طليعة الصفوف التي خرجت في مظاهرات حاشدة معلنة رفضها للعدوان الاسرائيلي، وأتذكر هنا الجماهير الغفيرة التي خرجت من ساحة "النقابة العامة للعاملين بالصناعات الغذائية" حيث نقطة تجمع عمال مصر متجهين نحو المنصة في مدينة نصر لترتفع أصوات العمال والهتافات الرافضة للمجازر.
وفي الداخل، لم تتوقف عجلة الإنتاج لحظة واحدة في محاولة منهم إنقاذ الموقف الاقتصادي بالتزامن مع قرارات الدولة برفع الحد الأدني للإجور، فكان العمل والإنتاج شعار الفترة الصعبة التي سبقت صفقة "رأس الحكمة" وجهود العمال كانت واضحة للعيان، وعلي الرغم من تدني الاوضاع المعيشية للفئة الغالبة منهم إلا أنهم فضلوا التفاوض من أجل الحصول علي حقوقهم فكانت النتائج مرضية الي درجة ربما تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية وتضمن لهم الحد الإدني من الحياة الكريمة التي رفعت شعارها "الجمهورية الجديدة".
وقد تولد لديّ "عمال مصر" فكر جديد كان نابع من الروح الوطنية التي يتمتعون بها، هذا الفكر كان الوقود الذي يحترق في معركة البناء والتنمية، ولنا في عمال قطاع "الصناعات الغذائية" نموذج حي، فقد أستطاع عمال هذا القطاع أن يحققوا أرقام نمو مرتفعة في العام 2023 رغم كل الصعاب الاقتصادية، وذلك بعد أن أرتفعت صادرات مصر من "الصناعات الغذائية" من منطقة الـ4.8 مليار دولار الى 5.1 مليار دولار، وهو رقم كان من الصعب تحقيقة إلا أن التثقيف والتدريب الذي تلقفه العمال خلال الفترة السابقة كان بمثابة وسائل تعزيز وحماية لعقولهم من الأفكار الهدامة، فكان العمل والإنتاج فقط هما "الشغل الشاغل" وهي الدورات التدريبية التي قامت بها نقابة العاملين بالصناعات الغذائية ورئيسها النائب خالد عيش والذي يمثل عمال مصر بمجلس الشيوخ.
مشاكل العمال ومعاناتهم في ظل الاعباء الاقتصادية الراهنة لا يمكن تجاهلها ولكن يمكن التغلب عليها بتطوير خطوط الإنتاج وزيادة معدل الإنتاج وهنا اتذكر الاستراتيجية التي اطلقها ممثل عمال مصر بمجلس الشيوخ، وهي استراتيجية قائمة علي اربعة محاور تساهم في زيادة معدل الصادرات وتحقيق أرباح لأصحاب الأعمال علي مستوي القطاعات الثلاث "عام وخاص واعمال عام" وهو ما يتحقق معه رواتب مجزية للعمال تكفيهم وتفيض.
الاحتفال بعيد العمال لا يجب أن يكون مجرد أحتفال، بل هو امر يجب أن يكون ضمن مناهج التلاميذ بالمدارس ليعرفوا حجم التضحيات التي قدمها عمال مصر من أجل بناء الوطن، ولولاهم ما كنا هنا.



