المهندس محمد شكري: ٣ دقائق تعيد إحياء مشاهد نصر أكتوبر بالذكاء الاصطناعي
حين يمتزج الإبداع مع التكنولوجيا لصنع تجارب بصرية مدهشة، يظهر الذكاء الاصطناعي كشريك أساسي ليحدث تحولا جذريا في المشهد، معززاً إمكانيات المبدعين.
المهندس محمد شكري الخولي، الخبير في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، قام بتوظيف تلك التقنيات المتطورة لعمل فيلم عن نصر أكتوبر المجيد، و إعادة إحياء أحداث الحرب بدقة وواقعية وتجسيد تلك اللحظات الحاسمة في تاريخ الأمة.. كيف تم توظيف تلك التقنيات واستغلالها وما هي الإمكانيات التي يتضمنها هذا الاتجاه الجديد؟، هذا ما سنكتشفه معاً في هذا الحوار الشائق.
في البداية حدثني عن الوقت الذي استغرقته للتحضير لفيلم حرب أكتوبر بتقنيات الذكاء الاصطناعي؟
تبلورت لديّ الفكرة منذ حوالي أسبوعين، أما العمل الفعلي عليها فقد استغرق ٦ أيام في الإنتاج الخاص بالصور والمشاهد بمعدل ٤ ساعات يوميا، ثم ٤ أيام أخرى في عملية التحريك والسيناريو وخلافه، بالإضافة إلى يومين للتجميع النهائي ومونتاج الفيديو والموسيقى والمؤثرات.

ما أهم التقنيات المستخدمة في صناعة الفيلم؟
٩٠ ٪ من العمل تم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال إنتاج الموديلز أو النماذج عن طريق ما يسمى بالعمارة التوليدية، وإجمالا تم استخدام عدد ١٤ نموذجا لإنتاج الصور ومقاطع الفيديو.
اختلفت هذه النماذج المستخدمه في التصنيف، فمنها نماذج مسؤولة عن إنتاج الصور وأخرى مسؤولة عن عملية التحريك ونماذج لإنتاج مقاطع الفيديو مباشرة، ونماذج لتوليد البصمة الصوتية أو نسخها لتدريب الذكاء الاصطناعي على النطق بصوت أي شخصية نريدها كما تظهر شخصية الرئيس الراحل أنور السادات في الفيلم وكل هذا يتم انتاجه باستخدام تقنيات النماذج الجاهزة أو النماذج التي تعتمد على التدريب العميق للآلة نفسها.


ماهي مدة الفيلم الزمنية ؟
اعتمد أسلوبا في العمل قائم على تحديد عدد المشاهد المراد استخدامها والمقاطع التي يتضمنها كل مشهد، وأجمالا احتوى الفيلم على عدد ٨ مشاهد وكل مشهد تضمن من ٤ إلى ٦ مقاطع بحسب تغقيد كل مشهد، وبناء على العمل الاحترافي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي فالمقطع الواحد لا يجب أن تزيد مدته عن ٧ إلى ٩ ثوان، لذلك المدة الزمنية للفيلم تقريبا ٣ دقائق بعد حساب عدد المشاهد والمقاطع.


أريد إلقاء الضوء على أهم المصادر التي تم الاستناد إليها في صناعة الفيلم؟
فيما يتعلق بالمصادر اعتمدت على قراءة العديد من الوثائق المنشورة والكتب والاستماع إلى الشهادات الحية المسجلة عنها و كبار الكتاب الذين تناولوا الحرب وكيفية التخطيط لها، والبحث على جوجل وويكبيديا، والتواصل أيضا مع بعض الخبراء للوقوف على بعض التفاصيل الدقيقة عن الطلعة الجوية وساعة الصفر بالإضافة للاشتباكات الأرضية وما يتعلق بخط بارليف، والأسلحة والطائرات الحربية، وغيرها من التفاصيل في محاولة لإخراج الفيلم بالشكل الأفضل قدر المستطاع والموازنة بين جودة المشهد ومدة الفيلم.


هل هناك معدل لحدوث أخطاء عند استخدام هذه التقنيات؟
تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تصل حد الكمال، فلا يوجد حتى الآن تحكم كامل في كل التفاصيل الصغيرة، لذلك بعض التفاصيل تحتاج إلى تدخل بشري لإخراجها بالشكل المناسب المطلوب.
تم تقديم العديد من الأفلام عن نصر أكتوبر المجيد فما الهدف من صناعة فيلم بالذكاء الاصطناعي؟
هدفت من صناعة الفيلم إلى ٣ أشياء، لعل أولها مناقشة قيمة مهمة في عقول كل المصريين والعرب، وهي نصر أكتوبر العظيم، يهدف هذا العمل إلى إثراء القيمة من استثمار التكنولوجيا في ما يفيد عملية التوثيق للأحداث المهمة، وهو عمل شخصي بحت وليس تجاريا لاختبار وتطبيق آليات الذكاء الاصطناعي فيما يهدف لخدمة العلم والمجتمع.
الهدف الثاني وهو مخاطبة الأجيال الجديدة الحريصة على متابعة كل ماهو جديد، فهذه الأجيال لم تعايش تلك الحرب ولم تتعرف عليها إلا من خلال الكتب أو الإعلام، وبالتالي فإن مشاهدة فيلم منتج بالذكاء الاصطناعي عن هذا الحدث العظيم سيكون له تأثير إيجابي على إدراك قيمة وعظمة هذا النصر، ولتدرك تلك الأجيال أن كل ما ننعم به من سلام دفع ثمنه أبطال وهو انتصار عظيم سيظل خالدا في ذاكرة كل مصري.
الهدف الثالث هو أن صناعة هذا الفيلم تأتي متزامنة مع التقدم الهائل الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي، فكان لابد من توظيف هذا التقدم الهائل في صنع تريلر أو فيلم قصير في موضوعات لها صدى في تاريخ مجتمعنا.


هل شهد الفيلم ردود فعل جيدة بعد عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي؟
استقبل المشاهدون الفيلم بردود فعل رائعة و أبدوا إعجابهم بالمشاهد والصور، وتم التواصل معي من بعض الجهات المسؤولة عن معارض ومهرجانات ستقام في الفترة القادمة خاصة بالاحتفال بنصر أكتوبر لعرض الفيلم وهو شيء بالغ الأهمية بالنسبة لي، لأننا عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعي حصلنا على شيء ذو قيمة كبيرة بعيدا تماما عن التكلفة العالية أو الإنتاج الضخم، ولو أننا من نفس المنظور وظفنا تلك التقنيات لتوثيق العديد من الأحداث التاريخية لنواكب التطور التكنولوجي السريع وسمات الأجيال الجديدة سيسهم ذلك في نشر الوعي والمعرفة.
كيف يمكن استغلال التطور الكبير والسريع أيضا للذكاء الاصطناعي في توثيق التاريخ؟
هناك الكثير من الأوجه التي يمكن من خلالها توظيف الذكاء الاصطناعي لتوثيق التاريخ، فقد عملت من قبل على مشروع تقني باستخدام الذكاء الاصطناعي لمحاكاة أقرب صورة حقيقية لتماثيل الحكام والملوك في الحضارة المصرية القديمة، عن طريق تحليل التمثال والسمات الشخصية للوصول للشكل الحقيقي بنسبة دقة تتجاوز الـ٩٥٪.
كذلك يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي في مجال البصمة الصوتية وتدريبه عليها لأن لدينا العديد من الشخصيات المصرية العظيمة على مدار سنوات التاريخ يمكن أن نوثق أهم الأحداث التاريخية باستخدام بصماتهم الصوتية.
كما يمكن أيضا استخدام الذكاء الصناعي في إعادة إحياء الأفلام القديمة الأبيض والأسود بدلا من تعرضها للتلف.
حدثني عن أحدث التقنيات التي وصل إليها الذكاء الاصطناعي في مجالك؟
حدث تطور هائل في التقنيات على مستوى انتاج الصور بالذكاء الاصطناعي ووصلنا إلى الجيل السادس في أغلب النماذج، لنا أن نتخيل أن الجيل الأول من تلك التقنيات وجد من عامين فقط، واليوم توصلنا للجيل السادس، هناك طفرة غير عادية في طريقة فهم الذكاء الاصطناعي للمدخلات والتفاصيل التي يغذيه الإنسان بها، وفي مجالي أشكال البشر والموضوعات المعقدة، حتى إن إنتاج الصور تطور بشكل سريع.
على سبيل مثال نماذج الحركة فمنذ عام كان لدينا نموذجا واحدا أما الآن فلدينا ١٤ نموذج قادر على التحريك باختلاف تعقيدات الحركة، فقد أصبحنا قادرين على إنتاج مقاطع تصل إلى ٩ ثوان من الحركة واقعية وقريبا ستكون ١٢ ثانية متصلة وهو إنجاز كبير، كذلك تطور عملية النقل بين المشاهد وبعضها، وتطور النماذج التوليدية للبصمة الصوتية وإنتاج الموسيقى والغناء والمؤثرات بالتأكيد ليست كل النماذج متاحة للعامة لتجربتها ولكن هناك بعض الموديلز متاحة للمتخصصين فقط.

ما أحدث مشروعاتك المنتجة بالذكاء الاصطناعي؟
هناك عدة مشاريع منها خارج مصر بالخليج ومنها داخل مصر، إحدى هذه المشاريع إعادة إحياء ألبومات صور النجوم المصريين في فترة الخمسينات والستينيات لكن بطابع وجودة العصر الحالي.
كيف يمكن تقنين استخدام تلك التقنيات المتطورة لضمان آلا يساء استخدامها؟
بعد التطور الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وافق الاتحاد الأوروبي على قانون لتنظيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته تلافيا لوقوع مخاطر قد تسببها للمجتمع أو المستهلك وحظر التكنولوجيا الخطرة ووضع آلية التحكم به، وهو ما نطالب بتطبيقه في كافة دول العالم لضمان ألا يتم التلاعب بعقول الناس أو أن يساء استخدام تلك التقنيات بشكل سلبي والإضرار بمصالح الأشخاص وحياتهم الخاصة لذلك فالتقنين والتنظيم هو الحل الأمثل لتجنب الأثار السلبية لهذا التطور التكنولوجي السريع.



