محمد دياب يكتب: غزة.. الأرض التي لا تُباع والقضية التي لا تموت
هل يُمكن أن تُباع الأرض التي رُويت بدماء الشهداء؟ هل يُمكن أن تموت القضية التي حملها الأحرار على أكتافهم جيلاً بعد جيل؟ إن من يظن أن غزة قد تُنسى أو أن شعبها قد يرضخ إما واهم أو متآمر أو كلاهما معاً.
غزة ليست مجرد مدينة تُدمَّر ثم تُبنى من جديد ولا هي مجرد مشروع استثماري يتنافس عليه "المطورون" والمقاولون السياسيون بل هي خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية وهي اليوم أكثر من أي وقت مضى عنوان الكرامة وعنوان الصمود.
يتحدثون عن "إعادة الإعمار" وعن مشاريع الأبراج الزجاجية والمنتجعات الفاخرة لكن قبل ذلك اسألوا أنفسكم: هل زالت أسباب الدمار أصلاً؟ هل عاد الحق لأصحابه؟ هل تحررت الأرض؟ أم أن المطلوب هو تغطية الجريمة بطلاء حديث وتقديم السراب للفلسطينيين بدلاً من الحل الحقيقي؟
لن يكون هناك سلام حقيقي في غزة أو في أي شبرٍ من فلسطين طالما أن الاحتلال جاثم على الأرض يقتل ويشرد ويدمر ثم يتحدث ببرود عن "إعادة الإعمار" وكأن القضية مجرد معادلة اقتصادية وليست معركة وجود.
إن المقاومة اليوم ليست خياراً بل هي قدر فرضه العدو على كل فلسطيني وعلى كل حر في هذا العالم. من يعتقد أن بإمكانه الالتفاف على هذا القدر بصفقات أو بمؤتمرات فهو إما خائن أو ساذج أو كليهما.
المعادلة واضحةٌ وضوح الشمس ولا تحتاج إلى عباقرة في السياسة لفهمها: من يملك القوة يفرض إرادته. وقد رأينا كيف تراجع ترامب عن قراراته أمام صمود الفلسطينيين ورأينا كيف اهتزت حسابات الاحتلال في كل مرة أدرك أن الثمن سيكون باهظاً
إن من يروّجون لمشاريع "التطوير" ويتحدثون عن "الاستقرار" وكأن الاحتلال قد زال إنما يسوّقون للوهم بل يشاركون في جريمة جديدة ضد غزة وضد فلسطين كلها. لأن القضية ليست قضية "تحسين ظروف الحياة" بل هي قضية حرية وكرامة وسيادة.
اليوم لا يوجد طريق ثالث، إما أن نقاوم ونفرض إرادتنا أو نسلّم ونخسر كل شيء. وأبناء غزة كما أثبتوا دوماً اختاروا طريق المقاومة رغم الجراح ورغم القهر ورغم تخاذل البعض.
فليعلم العدو قبل الصديق أن هذه الأرض لن تُباع وهذه القضية لن تموت ومن يعتقد غير ذلك فليعد قراءة التاريخ.



