

وحيد حامد
لا أحد يغازل العقرب
لا أحد يغازل العقرب.. فهى التي تقتل العشاق والأزواج بعد المعاشرة.. تحمل السم فى ذنبها، تحصد به طعامها ومتعتها.. ولا تعرف صديقًا إلا نفسها.. ونحن العرب غازلنا أمريكا بكل تراثنا الشعرى. وعشقناها عشق الجوارى فى الزمن الماضى.. رأيناها جميلة الجميلات فقدمنا الهدايا والعطايا وأسرفنا فى منح القبلات.. ومن يعشق غانية لابد أن يحذر منها.. العاهرات لا يعرفن الإنشاء، هن فى فراشك وفراش غيرك.. لا صداقة.. لا حب.. لا متعة.. إنه مجرد عمل قبيح من أجل تحقيق المصالح.. الغانية ترتدى أفخر الثياب وتعرى نفسها.. وتجمل نفسها بالمساحيق والأصباغ وباروكات من شعر الموتى حتى يسقط فى شباكها كل من فقد البصر والبصيرة.. لقد أسرفنا فى الثقة بأمريكا، والثقة بالعدل الأمريكى.. والسلام الأمريكى.. والهامبورجر الأمريكى، لم ندرك أن العدل الأمريكى لا يخضع للقيم الإنسانية والحضارية.. وإنما هو عمل مستوحى من شرائع عصابات المافيا، فرق كبير بين عدل القضاة وأحكام زعماء العائلات الكبيرة، ثم نأتى إلى الشرف الأمريكى فنراه كشرف السكارى فى بارات الشوارع الخلفية.. لا مبدأ.. لا قيمة لأى وعد.. لا احترام لأى كلمة.. ولا يوجد أقبح من امرأة تنصب نفسها «فتوة» على الآخرين، فلا هى رجل ولا هى امرأة.. وهى تكسب معاركها بالتهويش وطولة اللسان والصفاقة، وأيضًا حصانة جسدها، فلا أحد يستطيع ضربها إلا إذا تهورت وخرجت من دارها، وأمريكا الفتوة مازالت.. وحتى هذه الساعة.. تداوى جروح حرب فيتنام وهى التي تزرع الإرهاب وترعاه كسلاح جاهز للاستعمال فى أى وقت.. وتصدره لأى دولة ترفض أن تكون من بناتها، فهى تقذف بماء النار فى وجه كل من يخرج عن طاعتها.. ثم ترفع الشعارات عن مكافحة الإرهاب.. وتصنف الدول.. هذه دولة ترعى الإرهاب.. وهذه دولة ترعى الأغنام!.. تفرض سطوتها وعقوباتها وتحاصر الشعوب وتمنع عنها الغذاء والدواء، بل تمنعها من الحركة، وترفع صوتها مطالبة بحقوق الإنسان، تأخذ منا الطاقة.. كل الطاقة.. وتبيع لنا فائض السلاح، وعندما توشك على الإفلاس تقيم الحروب على أرضنا لنحرق أنفسنا بأيدينا وبسلاحها، وبعد ذلك تأتى لتأخذ دور رجل الإطفاء.. تساند وتناصر إسرائيل وحاكمها الجديد فى وقاحة ما بعدها وقاحة.. وكانت أسرع من الأفعى عندما تغير جلدها.. خلعت الرداء الذي أغرت به العرب، وارتدت الزى الفاضح الوقح الذي يعجب «بنيامين نتنياهو» فهو سيد أمريكا الآن وتاج رأسها، لأنه يتحكم فى أصوات اليهود الذين يتحكمون فى اقتصادها! إلى متى ندرك أن أمريكا تمنح العرب القبلات وتمنح إسرائيل جسدها عاريا وبالكامل، وتسمح لها باستغلاله أيضًا فى بيوت الدعارة.. لماذا لا نحاسب أنفسنا؟ ماذا أخذت أمريكا منا؟.. وماذا أعطت لنا؟.. ومتى كانت معنا؟ ومتى كانت علينا؟.. رأيت السيد «إلياهو بن اليسار» سفير إسرائيل السابق فى مصر وسفيرها الجديد فى أمريكا، وهو يقول فى التليفزيون الإسرائيلى: نحن وأمريكا عائلة واحدة قد نختلف قليلا فى الصباح كأى عائلة.. ولكننا فى المساء نذهب سويا إلى الفراش.. وهو قول لا يحتاج إلى تعليق.
والسؤال لنا وليس لهم.. ماذا يريد العرب من أمريكا وهى راقدة فى الفراش الإسرائيلى؟ ورغم هذا أقول: عندنا من يعشق العقارب ويهوى الموت بسمها.
نقلا عن مجلة روزاليوسف
هذا المقال نشر في مجلة روزاليوسف في العدد (3453) بتاريخ 1996/7/15