عاجل
الإثنين 15 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
ضباع  وحملان

ضباع وحملان

تستطيع إسرائيل أن تضرب طهران وصنعاء وتدك غزة وتبيد عشرات الآلاف من الشعب الفلسطينى.. تستطيع أن تغتال شخصيات فى عواصم عربية وشرق أوسطية، وأن تتجول قواتها وتتوغل فى أراضى سوريا ولبنان.. تستطيع أن تطلق سلاحها الجوى عابرًا أجواء دول خليجية ليقصف قلب الدوحة فيروح بردًا ويجىء سلامًا !.



تستطيع إسرائيل أن تقول -بالفعل- أن بطشها العسكرى وأهواءها السياسية لم يكونا يومًا لهما السيادة دون مقاومة كما هما الآن.

تستطيع أن ترى حلمها بالشرق الأوسط الجديد قاب قوسين أو أدنى حيث تقود وتسود دولًا مفككة مفتتة وأنظمة حكم مستأنسة أو عاجزة أو مصنوعة.

تستطيع بالقطع لكنها رغم ذلك لا تستطيع أبدًا أن تنام آمنة، ولا أن تعتبر تحقق نبوءة/ هدف «إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات» مسألة وقت.. فهذا لن يحدث.

لن يحدث رغم أننا لانحاربها سوى بـ«فرق البيانات» بـ «قوات الشجب»  ولا نستخدم إلا أسلحة « مكتومة» أو «مكبوتة» أو «معدومة» الصوت.. وإذا وسعنا جبهات المواجهة فإننا «ندعو المجتمع الدولى لتحمل مسؤولياته» ولا نستطيع أن ندعو أنفسنا إلى مؤتمر قمة عربى حقيقى ومؤثر.. موحد الكلمة نافذ القرارات !!

لن يحدث رغم أن أنظمة أخذتها العزة بالإثم قادتها أطماع واهية واهمة إلى تنازع ما تصورت أنه مراكز قيادة بينما هو فى الحقيقة تراقص ثمل على جثث أوطاننا ونوم فى أحضان عدونا.

انتقلت مراكز صراعنا البينى إلى القلب منا فاستباح العدو حدودنا ثم نهش أحشاءنا التي سممناها بأيدينا حين توحش الاستبداد والفساد واستأسدنا على بعضنا البعض فشاعت مخدرات الإسلام السياسى وصارت ميليشياته دولًا داخل الدول فتاهت الفوارق وتهنا معها، واعتبرنا الإرهاب مقاومة فأصبحت المقاومة إرهابًا، وحكمنا إرهابيون ومتطرفون وخونة فاصطادتنا ضباع العدو بينما نحن حملان صامتة مستسلمة.

هذا هو تاريخنا القريب وواقعنا الماثل أمام أعيننا والجاثم على مستقبلنا المجهول.. ومع ذلك فلن تكون إسرائيل آمنة لا اليوم ولا غدًا، فهى إن أمّنت حكامًا فلن تؤمن لها الشعوب أبدًا ولن تنظر لها إلا ككيان شائه دخيل جاء من الشتات وكيلًا وبديلًا عن قوى استعمارية رحلت وتركت عصاها الغليظة لترثها الولايات المتحدة.

ستظل «عقدة الأمن» تحكم إسرائيل وتتحكم فيها بالعقيدة السياسية والتوراتية مهما بدا منها غير ذلك وسيكون مقتلها فى تلك العقدة مهما طال الأمد.

قد تكسب إسرائيل حروبًا لكنها لن تحسم صراعًا.. قد تفرض اتفاقيات سياسية وتقتنص تحالفات رسمية لكنها لن تهنأ بتطبيع شعبى.. قد تلعب لصالح القوة الأكبر فى العالم وتتلاعب بها أحيانًا فتحتل أراضٍى وتنتهك سيادة دول وتتوسع قوة ومساحة.. قد تبارك وتشارك فى صناعة وتسهيل تنصيب حكام كانوا بالأمس إرهابيين.. وستظل تتآمر علنًا وخفية لكن كل ذلك لن يعصمها من الخوف الكامن فى بنيتها وعقيدتها.

وقبل كل ذلك وبعده ستظل مصر منتصرة أو مهزومة، عفية أو مأزومة، وحيدة أو محاطة بأمتها.. العقدة التاريخية والهدف العصى على المنال، والتي حين تقول كلمتها الأخيرة يصبح ما سبقها هو والعدم سواء.

 

نقلًا عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز