عاجل
السبت 11 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
الدروس المستفادة من قضية طريق الواحات

الدروس المستفادة من قضية طريق الواحات

أخيرًا أسدل الستار على القضية المعروفة إعلاميًا بـ «مطاردة فتيات الواحات» بصدور حكم محكمة مستأنف جنح بانقضاء الدعوَى الجنائية بالتصالح عن تهمتىّ الإصابة وإتلاف السيارة، وإثبات ترك الدعوَى المدنية؛ حيث سبق أن أصدرت محكمة جنح أكتوبر برئاسة المستشار إياد حبيش، بمعاقبة المتهمين فى واقعة مطاردة فتيات بطريق الواحات بالحبس 3 سنوات مع النفاذ وغرامة 200 ألف جنيه لكل متهم، وسنة مع النفاذ عن الاتهام الثانى وغرامة 50 جنيهًا وتعويض مدنى 100 ألف جنيه للمجنى عليهن. 



ورغم التصالح بين المجنى عليهن والمتهمين الأربعة؛ حرصًا على مستقبلهم؛ خصوصًا أنهم طلاب جامعيون؛ فإن التصالح نفسه لن يكون نهاية المطاف؛ بل بداية لمسؤولية جديدة سوف تتحملها أسَر المتهمين، فعلى هذه الأسَر عدم الاكتفاء بدور المتفرج على ما يفعله أبناؤها، لتصبح شريكًا يدعو إلى الحكمة والاحترام بخصوصية الغير، مع ضرورة المتابعة لكل ما يفعلون حتى نضمن سرعة الإصلاح والتقويم؛ لنعيدهم إلى جادة الصواب؛ ليستعيدوا ثقتهم بأنفسهم وفى المستقبل الذي ينتظرهم، إذا ما اختاروا طريق العمل والبناء بدلاً من السعى خلف الفتيات والنزاع والخصام.. أعتقد جازمًا أن هذا دَور الأسْرة الأهم، والذي يمكن من خلاله أن يكون ذلك سبيلاً للمصالحة مع المجتمع إذا صدقت النوايا، حتى تتحول تلك التجربة المريرة إلى درس وعبرة لهم ولغيرهم من الشباب، الذي من الممكن أن يمر بنفس ظروف أولادهم.. ورغم علمى بما مرّت به أسَر المتهمين من مِحن ومتاعب نفسية من جراء ما فعله أولادهم؛ فإننى وفى الوقت نفسه أحَمِّلهم جزءًا من مسؤولية ما حدث، فبدلاً من مطالبتهم بتحمُّل نتيجة ما فعلوه؛ تباروا فى الإساءة والتعرض للمجنى عليهن، بالخوض فى أمور كان يجب ألا تصدر منهم، مثل أن الفتيات يلبسن ملابس (غير لائقة) وسيتم التشهير بهن حال تمسكهن بالاستمرار فى الإجراءات القضائية حتى النهاية، (وأن ربنا هيظهر الحق لأن ولادنا متعلمين ومتربيين ومعملوش حاجة). أو كما قالت ربة أسْرة أخرى: (ابنى كان رايح يقدم على كلية الشرطة والتانيين واحد فى طب والتانى فى هندسة وكان عندهم امتحانات فى الجامعة. حرام مستقبلهم يضيع).. ورغم حق هذه الأسَر فى الدفاع عن أولادها؛ ولكن يظل هناك سؤال هم مُطالَبين فى الإجابة عنه حتى ولو مع أنفسهم.. هل كنتم ترضون لما حدث للفتيات المجنى عليهن حال حدوثه مع بناتكم؟ مؤكد الإجابة كانت ستكون بالرفض، وهذا تحديدًا ما أتمنى أن تُعَلموه لأولادكم، الذين تتباهون بأنهم جامعيون ومستقبلهم كان معرضًا للضياع، ورغم تأكدى بأنهم شباب جامعى وفى كليات محترمة؛ فإننى أؤكد أنهم لم ينالوا القدر الكافى من التربية، لهذا ولغيره كثير، عليكم أن تعترفوا بأن أولادكم أخطأوا مثلما أخطأتم عندما تم تدليلهم ومنحهم ما يريدون دون حساب أو مراجعة. 

وهناك درسٌ آخرُ قدّمته الفتيات اللواتى تعرضن للاعتداء لكل فتاة بضرورة الصبر والتحمل وعدم الخوف من القيل والقال حين استمررن فى متابعة القضية، حتى نضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً؛ لأن الضعف والاستسلام يكسر الإرادة، وهذا ما لا نتمناه لفتياتنا؛ بل إن بقبولهن التصالح أصبحن شاهدات على أهمية حماية المرأة وصون كرامتها فى المجتمع. 

بالطبع لا يمكن أن نغفل الدور الذي قدمته أجهزة الشرطة التي استطاعت التحرك فور وقوع الحادث، وتعاملت مع تداعياته من خلال التحريات وجمع الأدلة وسماع الشهود للوصول إلى الحقيقة، مما ساعد على تقديم الأطراف المعنية للقضاء فى أسرع وقت. 

لنصل إلى الدرس الأخير الذي كان بطله القضاء الذي وضع الفصل الختامى للقضية، بدوره وأحكامه ثم مرونته بموافقته على التصالح، بعد توفيره لكل الأطراف لطرح وعرض موقفه، فقد أثبت أن النظام القضائى المصري قادرٌ على تحقيق العدالة الشاملة سواء من خلال الأحكام التي تصدر عنه أو عبر التصالح، وأن القانون حاضر ولا يتهاون مع أحد. 

ولهذا تحديدًا وجَّه المستشار أحمد هشام، رئيس الدائرة، كلمات للمتهمين بدت أقرب إلى ما تكون رسالة تأديب: (أنتم طلاب جامعيون، مستقبلكم قدامكم، اللى حصل لا يجوز تحت أى ظرف).. وأضاف موجهًا حديثه للشباب الـ 4: (خذوا فترة الحبس دى عبرة، وياريت ما تلاقوش نفسكم فى موقف زى ده مرة تانية).. وهنا رد المتهمون بصوت منخفض وملامح الندم بادية على وجوههم (حاضر يافندم).. بعدما قضوا أكثر من شهر رهن الحبس الاحتياطى، فى وقت اعتبرت فيه أسَرهم أن ما جرَى كان (غلطة لن تتكرر)..وهذا ما نتمناه لجميع شبابنا.

 

نقلًا عن مجلة روواليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز