الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

أسدل الستار على مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط في دورته الـ41، الذي تقيمه وتنظمه الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في الفترة من (٢ - ٦) أكتوبر الجاري، ورغم قوة وقيمة هذا المهرجان العريق فإنه ما زال يواجه العديد من التحديات المتنوعة (قدرية - بشرية ).

 

ورغم ذلك حاولت إدارة المهرجان التصدي للعديد من هذه التحديات والتي بدأت منذ عام ٢٠١٣م حتى يومنا هذا، والغريب أن في كل دورة جديدة للمهرجان تختفي تحديات وتظهر أخرى حتى تحولت تلك التحديات إلى مرض مزمن وصداع في رأس إدارة المهرجان، خاصة خلال السنوات الأخيرة، مما أثر على تقييم المهرجان ومقارنته بالمهرجانات السينمائية الأخرى.

 

العجيب في الحكاية أنه على الرغم من أن مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط هو أحد المهرجانات العريقة والمهمة في تاريخ السينما المصرية والعربية، فإنه أصبح هناك مهرجانات وليدة أثبتت وجودها من أول دورة لها، ومهرجانات أخرى برغم حداثتها تحولت إلى مهرجانات دولية بارزة فرضت حضورها على خريطة المهرجانات السينمائية العالمية، الأمر الذي جعل الجميع يطرح سؤالا واحدا ماذا حدث وما الذي يحدث في مهرجان  الإسكندرية السينمائي المشهور بثقله الفني وتاريخه الحافل بالإنجازات الفنية التي تلألأت في سماء الفن العربي على مدار دورات سابقة.

 

مما لا شك فيه أن مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط حقق زيادة في عدد الأفلام المشاركة التي وصلت في آخر دورة إلى ١٣١ فيلما، بالإضافة إلى مشاركة ٤٦ دولة، فضلًا عن ٨ مسابقات متنوعة، كما تم انتقاء لجان التحكيم بمنتهى الحرفية من قبل المدير الفني للمهرجان، ورغم ذلك فحال الدورات الأخيرة للمهرجان ينطبق عليها المثل الشعبي القائل "يا خسارة.. الحلو ما يكملش"، حيث شهدت الدورة المنقضية العديد من السلبيات نتيجة سوء التنظيم الذي كان نجماً بارزاً في دورات متفرقة  للمهرجان، وكان المؤتمر الصحفي أول من قص شريط سوء التنظيم، وتوالت أشكاله خلال أيام المهرجان، وذلك بدءاً من حفل الافتتاح الذي كان يجسد مظاهر سوء التنظيم بكل أنواعه ومنها؛ "جلوس الفنانين والمكرمين بالصفوف الخلفية، وتخصيص الصفوف الأولى للرعاة الرسميين للمهرجان والجمهور، تأخير رفع الستار لمدة ساعة، غياب كل من وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية ومن يمثلهما، تحول الريد كاربت إلى ممشى للجمهور الذين انتهكوا خصوصيته المعدة للنجوم وضيوف المهرجان، وتحول إلى موقع لالتقاط الصور التذكارية، بالإضافة إلى حضور باهت للصحافة والإعلام، إلغاء بعض الندوات، وتوزيع الدعوات على الأصدقاء والمعارف فقط وغيرها من السقطات التنظيمية التي أتمنى ألا تكون مقصودة.

 

أقيم حفل الختام داخل الفندق المستضيف  على نظام "أوبن إير" وكان الاختيار صائبا للمكان والإخراج وتقديم الحفل، بعيدا عن عزوف النجوم عن الحضور، حيث انقسم حفل الختام إلى جزأين، الأول؛ كان في الشكل التقليدي لأي مهرجان وفيه تم تسليم الجوائز إلى  الفائزين، وذلك في حضور المهندسة أميرة صلاح نائبًا عن محافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد، بينما تضمن الجزء الثاني تكريم رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الذين دعموا المهرجان "راعيا رسميا"، الأمر الذي أصاب  الحضور بالملل، نظراً لطول وقت الفقرة وكثرة عدد المكرمين، مما دفع رئيس المهرجان وضيوف المهرجان إلى المغادرة والذهاب لتناول العشاء الذي تأخر بسبب الجزء الثاني لحفل الختام الذي لم يكن مدرجا بالبرنامج.

 

في النهاية، المهرجان السينمائي الذي يريد أن يحقق التفوق والنجاح، وأن يصبح منصة للإبداع والتميز وليس مجرد فعالية فنية، لا بد أن تتوافر لديه مجموعة من الشروط والآليات التنظيمية والإبداعية التي تضمن استمراريته وتأثيره منها: "التنظيم المؤسسي الاحترافي وذلك لضمان ظهوره بالشكل اللائق، بالإضافة إلى توافر محتوى فني ذي جودة متفردة بهدف كسب ثقة الصناع والنقاد، فضلًا عن الحضور الإعلامي والجماهيري وذلك لتحقيق الأهداف المجتمعية والثقافية، تحقيق الانتشار العالمي والتغطية التسويقية حتى يستطيع المهرجان أن يكتب لنفسه الاستدامة ويحفظ على مكانته الدولية.

 

ختامًا.. أتمنى من إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر  المتوسط أن تتبنى فكرة الاستعانة بفريق أو لجنة مشكلة من المثقفين والصحفيين من المهتمين بالشأن الفني عامة والسينما خاصة، والحرص على تطبيق مبدأ المشاركة الفعالة لهم في تفاصيل كل دورة، والمساهمة في طرح الأفكار والحلول التي تسهم في إظهار المهرجان بالشكل الذي يليق بمكانة الإسكندرية وشعبها العاشق الذواق للفن على النحو الذي يتناسب مع عراقة المهرجان ومكانة مصر الثقافية بين دول العالم، وذلك عملا بالمثل القائل "أهل مكة أدرى بشعابها"، حيث إن المثقفي والمبدعين بالإسكندرية يمدون يد المساعدة دوما، لكن هل هناك من يقبل هذه المبادرة؟

اخيرًا.. أتمنى أن يلقى هذا المهرجان الدعم الحقيقي بكل أنواعه حتى يعود إلى سابق عهده، كما أتمنى أن تتم الاستعانة بشركة متخصصة في العملية التنظيمية للمهرجان بداية من حفل الافتتاح ومرورا بأيام المهرجان، وما تتضمنه من تكريمات وندوات وعروض أفلام، وصولاً إلى حفل الختام، وذلك حتى نرى دورة سينمائية ناجحة تطغى عليها روح التعاون والتميز.

 

تم نسخ الرابط