وزارة الثقافة تحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي
شهد الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، احتفالية اليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي، التي نظّمتها الوزارة تحت عنوان «تقاليد الموسيقى والغناء»، بالتعاون بين المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور أشرف العزازي، وقطاع صندوق التنمية الثقافية، والمكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، والمركز القومي للسينما، وعدد من المؤسسات الثقافية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني.
تُقام الاحتفالية على مدار يومي 27 و28 أكتوبر 2025 بمقر المجلس الأعلى للثقافة وسينما مركز الهناجر للفنون، بمشاركة كوكبة من الباحثين والفنانين والمبدعين، في إطار جهود الدولة المصرية الهادفة إلى صون التراث الثقافي وتوثيقه والتعريف به بوصفه أحد أهم روافد الهوية الوطنية وذاكرة الأمة الحيّة.
وفي كلمته، عبّر وزير الثقافة عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث الذي يجمع بين عبق التراث وأصالة الفن، مؤكدًا أن التراث الثقافي غير المادي هو روح الشعوب وذاكرتها التي لا تموت، وأن الاحتفاء به هو احتفاء بإنسان هذا الوطن وتاريخه الطويل في الإبداع والعطاء.
وقال الوزير: "إن الوزارة تولي ملف التراث غير المادي اهتمامًا بالغًا، انطلاقًا من إيمانها العميق بأن التراث ليس ماضيًا يُروى، بل هو طاقةٌ حاضرة تُغذي الوجدان وتُعيد تشكيل الوعي الوطني. فالموسيقى، والغناء، والحرف، والعادات الشعبية، هي شرايين الهوية التي تربط بين الأجيال وتُجسّد عبقرية الشخصية المصرية في تفاعلها مع الثقافات الإنسانية الأخرى".
وأشار الوزير إلى أن هذا العام يحمل دلالة رمزية خاصة، إذ يأتي الاحتفال عقب ختام مهرجان الموسيقى العربية وفي عامٍ شهد إطلاق اليوم المصري للموسيقى، الذي تُوّج بتسجيل آلة السمسمية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو، في تأكيد جديد على المكانة المتجذّرة للموسيقى في وجدان المصريين منذ فجر التاريخ.
وأضاف الدكتور أحمد فؤاد هَنو أن المصريين أحبّوا الموسيقى منذ آلاف السنين، “لحّنوا الكلمات، وابتكروا الإيقاعات، وصنعوا الآلات التي علّموها للعالم أجمع”، مؤكدًا أن احتفاء وزارة الثقافة اليوم بهذا التراث العريق هو تجديدٌ للعهد مع الإبداع الأصيل، ومواصلةٌ للجهود الرامية إلى حماية الموروث وتوثيقه ونقله للأجيال القادمة.
كما ثمّن الوزير التعاون المثمر بين مؤسسات الدولة والهيئات الثقافية والمجتمع المدني، مؤكدًا أن هذه الاحتفالية تمثل منبرًا للتلاقي الثقافي والمعرفي بين الباحثين والمبدعين من مصر والعالم العربي، وتجسّد نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الجهود الرسمية والأهلية في حماية التراث وإحيائه.
واختتم وزير الثقافة كلمته قائلًا: "تمدّ الوزارة يدها دومًا إلى جميع المحافظات والمؤسسات الراغبة في التعاون لصون التراث وتوثيقه والترويج له، ليبقى حيًا في الذاكرة والوجدان، قبل أن يكون محفوظًا في المتاحف"، موجّهًا الشكر لكل من أسهم في تنظيم الاحتفالية من باحثين وفنانين وحرفيين ومؤسسات شريكة.
وخلال الاحتفالية، ألقت الدكتورة نهلة إمام، مستشار وزير الثقافة لشؤون التراث الثقافي غير المادي، كلمةً مؤثرة أكدت فيها أن الغناء مرآة الروح الإنسانية، مستشهدة بقول الفيلسوف أفلاطون: «الأشرار لا يُغنّون»، مضيفة: "نحن شعب يغني للطبيعة، وللأيام، ولدورة الحياة، وعرف النغم والعزف قبل أن يعرف العالم التاريخ، لأن في الغناء حياةً لا تنطفئ".
وأوضحت أن هذا هو العام الثاني الذي تحتفل فيه وزارة الثقافة باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي، بعد أن أقرّته منظمة اليونسكو، مؤكدة أن إحياءه من خلال ندوات علمية ومعارض وفقرات موسيقية يأتي تجسيدًا لمكانة مصر كأمةٍ كبرى ذات حضارةٍ خالدة وإبداعٍ متجدد.
وتضمّنت الفعاليات افتتاح معرض كتاب أعده المركز القومي للترجمة، ومعرضًا للحرف التقليدية لأبناء أسوان نظّمه قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدي السطوحي، حيث وجّه الوزير بمدّ فترة المعرض يومين إضافيين دعمًا وتشجيعًا للحرفيين.
كما تفقد الوزير معرض الصور الفوتوغرافية الذي أعدّته مجموعة من الكليات الفنية بالجامعات المصرية، فيما قدّمت فرقة السمسمية التابعة لمكتبة مصر العامة بالإسماعيلية فقرات موسيقية حيّة، أضفت على الاحتفال نكهةً من التراث الأصيل الممتد من ضفاف القناة إلى وجدان كل مصري.
بهذه الفعاليات، تؤكد وزارة الثقافة أن التراث الحيّ ليس ذكرى تُستعاد، بل نبضٌ يتجدد في كل فعلٍ ثقافي وفني، وأن مصر، التي أنارت دروب الإنسانية، ما زالت قادرة على أن تُبدع، وتُغني، وتحتفي بذاتها في تنوّعها وخلودها.



