رئيس وزراء لبنان من جامعة الدول العربية: فلسطين تبقي القضية المركزية للأمة العربية
أكد الدكتور نواف سلام، رئيس وزراء الجمهورية اللبنانية، في كلمته أمام اجتماع مجلس المندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية في القاهرة اليوم وانتهي منذ قليل ، أنّ الجامعة تمثل ذاكرةً مؤسسيةً لإرادةٍ عربيةٍ لا تنقطع، وإطارًا حيًّا لوجدانٍ جمعيٍّ صنعه التاريخ العربي عبر المحن والنجاحات، مشدداً على أنّ “من يملك الذاكرة يملك القدرة على رسم المستقبل”.
وأوضح نواف أنّ العروبة ليست ماضياً يُستذكر، بل مشروعاً للمستقبل، لافتاً إلى أنّ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 كان سبقًا تاريخيًا على صعيد الفكر الإقليمي، إذ جسّد إدراك العرب المبكر لوحدة المصير وضرورة بناء مؤسساتٍ تحفظ مصالحهم المشتركة، قبل أن تظهر التجارب الأوروبية والأفريقية المماثلة.
وأضاف أنّ جامعة الدول العربية اليوم مطالبةٌ بأن تتحوّل من مرجعٍ رمزي إلى أداةٍ استراتيجية لحماية المصالح الجماعية، وتعزيز القدرات المشتركة في مجالات الأمن والتنمية والمعرفة، معتبرًا أنّ “السيادة في القرن الحادي والعشرين لا تُقاس بالاستقلال عن العالم، بل بالقدرة على المشاركة الفاعلة فيه”.
وفي تناوله للتحديات الراهنة في المنطقة العربية، أشار رئيس الوزراء اللبناني إلى تصاعد الأزمات السياسية والأمنية في فلسطين ولبنان والمنطقة، مؤكداً أنّ الحاجة باتت ملحّة لإعادة تعريف الأمن القومي العربي على أسس حديثة تشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية إلى جانب العسكرية.
وفي هذا السياق، شدد على أنّ فلسطين تبقى القضية المركزية للأمة العربية، محذّراً من محاولات تهجير الفلسطينيين أو توطينهم في أي بلدٍ آخر، ومؤكداً دعم لبنان الكامل لوكالة الأونروا ولدورِها الإنساني، ومطالباً بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف الاستيطان، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وتطرق سلام إلى أهمية الأمن المائي والغذائي والرقمي في بنية الأمن القومي العربي الحديث، داعيًا إلى تبنّي “دبلوماسية مائية عربية” قائمة على التعاون الإقليمي واحترام الحقوق التاريخية وتحويل إدارة الموارد المشتركة إلى رافعةٍ للتكامل لا ساحةٍ للنزاع.
وفي الشأن اللبناني، أكد دولة الرئيس أنّ بلاده تخوض مرحلة إصلاحٍ وسيادةٍ متكاملة، متمسكةً باتفاق الطائف وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، واستعادة سلطة الدولة على كامل أراضيها، داعياً الدول العربية إلى الضغط على المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بوقف خروقاتها وانسحابها من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وأعرب سلام عن تقدير لبنان العميق لدعم الأشقاء العرب في مواجهة التحديات الراهنة، مشدداً على التزام بلاده بسياسة خارجية قائمة على عدم التدخل في شؤون الآخرين، والسعي إلى بناء شراكاتٍ استراتيجيةٍ متينة مع الدول العربية.
وختم رئيس الوزراء اللبناني كلمته بالتأكيد على أن “المستقبل يبدأ عندما نقرّر أن نكون جزءاً منه لا مجرد شاهدين عليه”، داعياً إلى تحويل الجامعة العربية إلى عقلٍ جمعيٍّ منتج يربط بين السيادة الوطنية والمصلحة المشتركة، ويعيد إلى العروبة معناها الإنساني والحضاري المتجدد.



