المخرج محمد عبدالعزيز يكشف أسرار الضحك وصناعة البهجة في ماستر كلاس
في مشهدٍ يجمع عبق الخبرة وبريق الإبداع، استضافت أيام القاهرة لصناعة السينما مساء اليوم الخميس 13 نوفمبر، ضمن فعاليات الدورة السادسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ماستر كلاس بعنوان "أسرار صناعة الكوميديا"، قدمه المخرج الكبير محمد عبد العزيز، أحد أبرز صُنّاع البهجة في تاريخ السينما المصرية، وأدار الحوار الناقد السينمائي أسامة عبد الفتاح، وذلك على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية.
أوضح المخرج محمد عبدالعزيز أنه نقل تصوير الفيلم إلى الإسكندرية، حيث كان عادل إمام يقدم إحدى المسرحيات هناك، وذهب إليه برفقة أحد مساعدي الإخراج الذي حمل سيناريو الفيلم، ففوجئ إمام بدخوله ورفضه مجددًا، ليخبره عبدالعزيز بلهجة حاسمة: «هتعمله غصب عنك».
وأضاف عبدالعزيز أن الفنان عادل إمام لم يكن متحمسًا أثناء التصوير، وظل مقتنعًا بفشل الفيلم حتى اليوم الثالث من العمل، لكنه بعد عرض الفيلم بدور السينما فوجئ بالإقبال الكبير من الجمهور، حيث اصطحبه عبدالعزيز لحضور حفلة السادسة مساءً في إحدى دور العرض، وشاهدا تفاعل الحاضرين مع المشاهد الكوميدية، ليمازحه عادل إمام قائلاً: «ده مش السيناريو اللي قريته».
في لقاءٍ امتزج فيه التحليل بالذكريات، اصطحب المخرج الكبير جمهوره في جولة عبر محطات من مسيرته الحافلة في عالم الكوميديا السينمائية، كاشفًا عن فلسفته في التعامل مع الضحك كفنٍ راقٍ لا يقوم على النكتة العابرة، بل على الموقف الإنساني الصادق الذي ينبع من عمق التجربة والملاحظة.
وأكد "عبد العزيز" أن سر الكوميديا الخالدة يكمن في الصدق الفني والبساطة الذكية، وأن المخرج الحقيقي هو من يوازن بين الفكرة والموقف دون افتعال، فيجعل المتفرج يرى نفسه في مرآة الضحك.
وتحدث أيضًا عن فيلم «خلي بالك من جيرانك»، موضحًا أن بطولته كانت مرشحة لفنانة أخرى اعتذرت لاحقًا، فقرر إسناد الدور للفنانة لبلبة، مشيرًا إلى أن الفيلم عُرض في سينما غير مشهورة، لكنه حقق نجاحًا كبيرًا واستمر عرضه لمدة 32 أسبوعًا متتالية.
كما توقف الحوار عند أبرز محطات مشواره مع كبار نجوم الكوميديا الذين صنع معهم لحظات لا تُنسى في ذاكرة الجمهور المصري والعربي، متناولًا تطور الحس الكوميدي في السينما المصرية من جيلٍ إلى آخر، ومشيرًا إلى أهمية أن تواكب الكوميديا المعاصرة التحولات الاجتماعية دون أن تفقد روحها أو إنسانيتها.
كما أضاء النقاش على الفروق الدقيقة بين الكوميديا التقليدية والمعاصرة، ودور المخرج في الحفاظ على جوهرها الفني بوصفها فنًّا يعكس وعي المجتمع ويساهم في تخفيف أوجاعه.
كما شهدت الندوة حضور عدد من نجوم الفن، من بينهم حسين فهمي، لبلبة، إلهام شاهين، بوسي شلبي، صبري فواز، وسلوى محمد علي، الذين شاركوا في مناقشات حول تطور الكوميديا في السينما المصرية وأساليبها الإخراجية المختلفة.
تأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من اللقاءات والورش التي تنظمها "أيام القاهرة لصناعة السينما"، والتي تُعد منصة رائدة لدعم وتطوير الصناعة السينمائية في العالم العربي وأفريقيا، من خلال توفير فرص التمويل والتدريب والتواصل بين صنّاع الأفلام والخبراء الدوليين. وتشمل برامجها الرئيسة: ملتقى القاهرة السينمائي، منتدى المحترفين، وورش العمل المتخصصة، لتصبح اليوم من أبرز الفعاليات المهنية في المنطقة.
ويُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يُقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية منذ تأسيسه عام 1976، أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وواحدًا من المهرجانات المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF).
ويحرص المهرجان في كل دورة على الدمج بين الجانب الفني والبعد المهني، ليظل منارة تجمع بين الثقافات وتفتح نوافذ السينما المصرية والعربية على العالم..في ماستر كلاس "أسرار صناعة الكوميديا"، لم يكن الحديث مجرد درس في السينما، بل رحلة في فلسفة الفرح نفسها.. رحلة تقودنا إلى جوهر الفن الذي يصنع البسمة ويؤكد أن الضحك هو أصدق أشكال الوعي الإنساني.



