"مئوية روزاليوسف".. احتفاء بقرن من الوعي في دار الكتب والوثائق
في حضرة تاريخ تجاوز المئة عام من الشغف والكلمة الحرة والفكر التنويري، احتفلت دار الكتب والوثائق القومية بمئوية مجلة “روزاليوسف” في فعالية ثقافية رفيعة المستوى احتضنتها قاعة علي مبارك، برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، وبمشاركة نخبة من رموز الصحافة والفكر.
ـ الجلسة الافتتاحية.. توثيق قرن من الفكر والسياسة
بدأت الاحتفالية بعزف السلام الجمهوري، قبل أن تتعاقب كلمات رسمية حملت تقديراً عميقاً لمجلة شكّلت على مدار قرن كامل مرآة للوعي المصري، ومنصة للكلمة الجريئة، وأرشيفاً حياً للسياسة والثقافة والمجتمع.
أكد الدكتور أسامة طلعت، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، أن الاحتفال بمئوية «روزاليوسف» هو احتفال بتاريخ ممتد من الجرأة والإبداع، مشيراً إلى أن المؤسسة تضع حفظ وتوثيق الإنتاج الصحفي على رأس أولوياتها، باعتباره رصيداً وطنياً يعكس حركة المجتمع وتحوّلاته.
وأشار إلى أن روزاليوسف لم تكن مجرد مطبوعة، بل مدرسة فكرية وصحفية ساهمت في تشكيل الوعي العام وصناعة المعرفة.. وفي ختام كلمته، سلّم درع تكريم للكاتب الصحفي أحمد إمبابي رئيس تحرير المجلة.
ـ أحمد إمبابي: روزاليوسف صوت لا ينطفئ
استعرض الكاتب الصحفي أحمد إمبابي، رئيس تحرير مجلة وبوابة روز اليوسف، مسيرة «روزاليوسف» منذ تأسيسها على يد السيدة الجريئة فاطمة اليوسف، مؤكداً أنها كانت وما زالت ساحة حرة للفكر والرأي، تخوض معارك التنوير وتدافع عن قيم الوطن.
وقال "إمبابي" إن المجلة عُرفت منذ نشأتها بمواقفها المستقلة وببراعة روادها، الذين رسخوا تقاليد عريقة في الكتابة الصحفية، مشيراً إلى أن المجلة تواصل رسالتها اليوم بنفس روح الجيل المؤسس.
ـ د. أحمد زكريا الشلق: «الصحافة وثيقة وطن»
قدم الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق– مقرر اللجنة العلمية بمركز تاريخ مصر المعاصر– كلمة علمية ثرية أكد فيها أن الصحافة تعد مصدرًا أصيلاً من مصادر كتابة التاريخ، لا يمكن لأي باحث في تاريخ مصر الحديث والمعاصر أن يستغني عنه.
وأوضح أن الصحف كثيراً ما نشرت وثائق ومحاضر وأحداث لا تتوفر في السجلات الرسمية، مما جعلها خزّاناً ضخماً للمعلومات والشهادات والمذكرات الفكرية والسياسية.
وقدّم مثالاً من تجربته البحثية في رسالة الماجستير حول "حزب الأمة"، حيث وجد في الصحف القديمة ما افتقده في الوثائق الرسمية، من محاضر اجتماعات ووثائق مهمة أصبحت لاحقاً جزءًا من تاريخ الحزب.
وأكد أن مركز تاريخ مصر المعاصر يعمل حالياً على جمع وإعادة نشر مذكرات ومواد صحفية نادرة لإتاحتها للباحثين والدارسين.
- رسالة الوعي
جاءت الاحتفالية لتؤكد مكانة «روزاليوسف» كأحد أبرز معالم الوعي المصري، وتبرز عمق العلاقة بين التاريخ والصحافة، وبين الذاكرة الوطنية ومنابر الكلمة الحرة.
كما أعادت المناسبة التأكيد على التزام وزارة الثقافة ودار الكتب والوثائق بحماية هذا التراث الفكري الغني، وتقديمه للأجيال القادمة بصورة تليق بقيمته التاريخية.. وبهذا الاحتفال، نظرت دار الكتب ليس إلى الماضي فحسب، بل إلى المستقبل أيضاً؛ إلى قرن جديد تصمد فيه الكلمة، وتظل «روزاليوسف» صوتاً لا ينطفئ في مسيرة الوعي المصري.
