بعثة صندوق النقد للصين تدعو بكين لتحفيز الاستهلاك ودعم الاستقرار المالي
اختتم فريق من صندوق النقد الدولي، برئاسة سونالي جاين-تشاندرا، رئيسة بعثة الصندوق للصين، زيارة إلى بكين وشنجهاي خلال الفترة من 1 إلى 10 ديسمبر، في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2025.
وأجرى الفريق مناقشات بناءة مع كبار المسؤولين في الحكومة وبنك الشعب الصيني، إضافة إلى ممثلين من القطاع الخاص وأكاديميين، حول التطورات الاقتصادية والمخاطر وأولويات السياسات.
وشاركت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة للصندوق، في جانب من هذه المناقشات، حيث التقت برئيس الوزراء لي تشيانج، ونائب رئيس الوزراء خه ليفِنج، ومحافظ بنك الشعب الصيني بان جونجشنج، ووزير المالية لان فوآن، ووزير التجارة وانج وينتاو، وعدد من كبار المسؤولين.
كما شارك النائب الأول للمدير العام دان كاتز، في جزء من البعثة والتقى مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى.
وفي ختام الزيارة، أصدرت جاين-تشاندرا بيانا حول إظهار الاقتصاد الصيني قدرة لافتة على الصمود رغم الصدمات المتعددة التي واجهها في السنوات الأخيرة، ونتوقع أن يسجل النمو 5.0% في عام 2025 و4.5% في عام 2026، وهي تعديلات صعودية بواقع 0.2 و0.3 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بتوقعات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر، بدعم من إجراءات السياسات المعلنة مؤخرا وخفض الرسوم الجمركية الثنائية بين الولايات المتحدة والصين؛ كما نتوقع ارتفاع التضخم العام بشكل طفيف من متوسط 0% في 2025 إلى 0.8% في 2026".
وأضافت:"هذا الصمود يتعرض لضغوط بسبب استمرار الاختلالات، فالتعديل المطول في قطاع العقارات، وتداعياته على مالية الحكومات المحلية، وضعف ثقة المستهلكين أدت جميعها إلى ضعف الطلب المحلي وضغوط انكماشية".
ولفتت إلى أن انخفاض التضخم مقارنة بالشركاء التجاريين أدى إلى انخفاض سعر الصرف الحقيقي، مما دعم الصادرات وأسهم في النمو، لكنه فاقم أيضا الاختلالات الخارجية، مع توقع ارتفاع فائض الحساب الجاري إلى 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، وفي ظل الحجم الكبير للاقتصاد الصيني وتصاعد التوترات التجارية العالمية، يصبح الاعتماد على الصادرات أقل قابلية للاستمرار لتحقيق نمو قوي.
وتابعت: "ستثقل التحديات الهيكلية طويلة الأمد كاهل الاقتصاد أيضا على المدى المتوسط، إذ من المتوقع أن يتباطأ النمو نتيجة تراجع الإنتاجية، والشيخوخة السكانية، وارتفاع مستويات الدين، وتراجع العائد على الاستثمار".
وأشارت إلى أن السلطات الصينية تدرك أهمية تعزيز الاستهلاك كمحرك للنمو، وقد نفذت بالفعل سياسات مرحب بها، تشمل سياسة مالية توسعية، وتيسيرا نقديا، إلى جانب إجراءات موجهة لدعم الاستهلاك وقطاع العقارات.
وقالت جاين-تشاندرا "يتفق خبراء الصندوق مع ضرورة انتقال الصين إلى نموذج نمو يقوده الاستهلاك، بعيدا عن الاعتماد المفرط على الصادرات والاستثمار".
وأضافت أن الأولوية الأولى تتمثل في معالجة الاختلالات عبر سياسات كلية توسعية وإصلاحات مكملة لخفض معدلات الادخار المرتفعة لدى الأسر.
وأكدت أن تحفيزا ماليا إضافيا مدعوما بتيسير نقدي وبمرونة أكبر في سعر الصرف من شأنه دعم الطلب المحلي وإعادة التضخم إلى مستوياته المستهدفة، كما يجب أن ترافق هذه الإجراءات إصلاحات اجتماعية تعزز نظام الحماية الاجتماعية وتدعم عملية تصحيح أوضاع قطاع العقارات، وهو ما يعزز الثقة والاستهلاك وبالمثل، فإن تقليص الدعم غير المبرر للسياسات الصناعية والاستثمارات غير الفعالة سيحد من سوء تخصيص الموارد.
وأشارت إلى أن هذه الحزمة من شأنها أيضا تعزيز ارتفاع سعر الصرف الحقيقي وتقليص الاختلالات الخارجية.
وأوضحت أن الأولوية الثانية هي ضمان الاستقرار المالي الكلي ومعالجة مواطن الضعف المرتبطة بالديون، عبر إصلاحات في الأطر المالية والضريبية وتنظيف الميزانيات العمومية.
ودعت إلى إعادة هيكلة ديون مركبات تمويل الحكومات المحلية غير القابلة للاستدامة باستخدام أطر الإعسار لتقليل الضغوط المالية، على أن تترافق هذه الخطوة مع خطة شاملة لمعالجة التداعيات على القطاع المالي وتعزيز أطر المالية العامة.
وأكدت أنه لضمان استقرار الدين الحكومي، ستكون هناك حاجة لتطبيق تقشف مالي مستدام على المدى المتوسط بعد تلاشي الضغوط الانكماشية بشكل دائم.
أما الأولوية الثالثة، فهي مواصلة الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو على المدى المتوسط عبر مواجهة تباطؤ الإنتاجية وانكماش قوة العمل.
وتشمل أولويات الإصلاح خفض الحواجز أمام التجارة الداخلية، وفتح قطاع الخدمات أمام المنافسة، وتكافؤ الفرص بين الشركات، وتنفيذ إصلاحات سوق العمل لمعالجة عدم التوافق المهاري والبطالة بين الشباب.
واختتمت جاين-تشاندرا بالقول: "تحقيق تقدم في أولويات السياسات الثلاث يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي للصين بنحو 2.5 نقطة مئوية بحلول 2030 ويقلص الاختلالات الخارجية، وهذا من شأنه تحسين مستويات المعيشة والرخاء داخل الصين، والمساهمة في اقتصاد عالمي أكثر قوة وصحة".



