السبت 27 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

سلامة القلوب هي السبيل للنجاة.. والحسد والغل أصل فساد الأمم

بوابة روز اليوسف

أكد فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن القرآن الكريم حصر الفلاح والنجاة يوم القيامة في "القلب السليم"، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ والمقصود بالقلب هنا ليس العضلة الجسدية، بل هو "الفكر"، وهو المحل الذي يستهدفه الشيطان بالوسوسة؛ فإذا فسد القلب فسدت كل التصرفات الإنسانية.

وأوضح فضيلة الدكتور الهدهد، خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، أن النبي ﷺ حدد معيار الفضل بين الناس بصفة "مخموم القلب"، وهو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد، مشيرا إلى أن الحسد والغل ليست أمراضاً هينة، بل هي أمراض عصية كانت سبباً في طرد إبليس من رحمة الله تعالى حين منعه كبره وحسده من السجود لآدم عليه السلام.

وحذر خطيب الجامع الأزهر من أن الشخص المصاب بمرض قلبي يتحول إلى رقيب قبيح على الناس، يلمز ويغمز وينشر العداوات، مما يؤدي إلى إضعاف الأمة وتفكك مجتمعاتها، لأن الأصل في دور الفرد في المجتمع أن  يطبق حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؟"، لأن الداء الخطير الذي يفسد الأوطان هو غياب سلامة الصدر ونمو الأحقاد في المجتمع.
وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى أن تكرار لفظ الناس في قوله تعالى: {قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ  مَلِكِ ٱلنَّاسِ  إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ}، جاء لمغزى بلاغي وتوجيهي عميق، يهدف إلى الترسيخ والتأكيد على أن الله رب كل الناس ومليكهم وإلههم، وتشريفهم بالذكر المباشر لأنهم محل التكليف وموضع الوسوسة، وتوضيح أن وسوسة الشيطان هدفها الأساسي هو إفساد القلوب لهدم القوة المعنوية للأمة.

وأوضح فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد أن النبي ﷺ وجه إلى قطع الطريق أمام الغيبة التي تفسد القلوب، وتجعل الصدور ممتلئة بالعداوة والحقد، كما وضع العلاج لهذه الأمراض، فجعل علاج الظن في عدم تحقيقه أو تتبع السوء فيه، وعلاج الطِّيرة (التشاؤم) بأن يمضي الإنسان في سبيله متوكلاً على الله، وعلاج الحسد في كف النفس عن البغي أو أذية المحسود، ليبقى القلب نقياً من الشوائب التي تُفسد العلاقات.

مؤكدًا أن القلوب هى التي تحرك الإنسان وترفعه في الحياة، ففيها يسكن الشيطان الذي لا يريد بالمسلم خيراً، وإنما يريد أن تمتلأ جهنم بالناس أجمعين، قال تعالى فى الحديث عن الشيطان: ﴿لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾. أخبرنا ربنا جل وعلا بما يصلح حياتنا ويجعلها قوية متماسكة.

واختتم فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد حديثه بقصة الصحابي الذي بشره النبي ﷺ بأنه من "أهل الجنة" ثلاث مرات، حيث اكتشف عبد الله بن عمرو بن العاص أن سر عظمته لم يكن بكثرة صلاة أو صيام، بل لأنه كان "لا يجد في نفسه لأحد من المسلمين غشاً ولا يحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه.

تم نسخ الرابط